نقاش الإجهاض في المغرب.. هل يكون إنهاء الحمل جريمة في حق الجنين؟
الرباط، المغرب (CNN) -- رغم مرور قرابة شهر على اللقاء الذي نظمته وزارة الصحة المغربية حول الإجهاض، إلّا أن الموضوع لا يزال يثير ردود فعل، إذ طالبت تنظيمات نسائية برفع التجريم الطبي عن الإجهاض بشكل نهائي، وبالتالي ضمان حق المرأة في اتخاذ قرار الإجهاض من عدمه، وليس الاقتصار على حالات محدودة.
من هذه الجمعيات، الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، التي نادت برفع كل أشكال القيود عن الإجهاض الطبي، وحصر شروطه في إرادة الحامل وفي إجرائه تحت إشراف طبيب مختص عندما لا يتعدى الحمل ثلاثة أشهر. غير أن السؤال المطروح: هو هل سيقبل المجتمع المغربي، المحافظ في غالبيته، مثل هذه المطالب؟
لا تعتقد ثريا التناني، رئيسة جمعية إنصات للنساء ضحايا العنف والأمهات العازبات، أن هناك رفضًا مجتمعيًا واضحًا لرفع التجريم عن الإجهاض، إلّا أنها اعترفت بوجود ما أسمته" نفاقًا اجتماعيًا يحاول التستر على ما هو مضمر"، مضيفةً: "لا توجد أسرة أو عائلة مغربية، لم تمارس الإجهاض السري، سواء للمرأة المتزوجة أو غير المتزوجة".
وتتابع التناني: "التقيت بسجينات يقضين عقوبات طويلة بسبب عدم تمكّنهن من الإجهاض الطبي، هناك فتاة قضت سنتين بعد وفاة رضيعها عندما أغلقت فمه كي لا يصرخ خوفًا من أن يعلم الجيران بإنجابها، وفتاة أخرى تركت رضيعها أمام باب منزل اعتقدت أن أهله سيتكلفون به، إلّا أنه مات بسبب شدة البرد".
وتزيد التناني في تصريحات لـCNN بالعربية: "كلّ حديث عن حق الأجنة في الحياة يُراد به باطل، فلا توجد أم تريد قتل جنينها. نحن لا نطالب بإزهاق الأرواح، فالإجهاض الطبي يتيح معرفة الفترة التي وصل فيها الجنين إلى الحياة، وبالتالي استبعاد إنهاء الحمل، وقد قدمنا مقترحات بخصوص احتساب الفترة التي تفصل بين الجنين الحي وغير الحي".
في الجانب الآخر، انتقد الإمام والخطيب المغربي، محمد الفزازي، هذه الدعوات، معتبرًا أن "حفنة من النساء لن تتحكم في 33 مليون مغربي، وفي دولة شريفة مسلمة على رأسها إمارة المؤمنين ولديها مجالس فقهية"، مشيرًا إلى أن التعميم لا يصدق على الإجهاض، الذي تندرج ضمنه آلاف الحالات.
غير أن الفزازي لم يبدِ رفضَا قاطعًا للإجهاض، بل اقتربت آراؤه شيئًا ما من مطالب الحركة النسائية، إذ يقول: "قبل زرع الروح، أي في الأشهر الأربع الأولى من الحمل، يمكن إجراء الإجهاض إذا تعلق الأمر بتشوّه خلقي أو زنا محارم أو اغتصاب أو حتى علاقة جنسية خارج إطار الزواج، شرط أن يأتي السماح من مؤسسة دينية معتمدة ومن هيئة طبية محلّفة".
ويستطرد الفزازي لـCNN بالعربية: "من الصعب الحسم في الإجهاض، لكنني أعتقد أن هناك ضرورات شرعية معروفة. أما حالات الزنا بين طرفين بالغين ينتج عنها حمل، فهي تستوجب أوّلا معاقبة الطرفين، ثم انتظار رأي شرعي حول إمكانية إجراء الإجهاض من عدمها".
وفيما يخصّ الإجهاض بعد مرور أربعة أشهر، أي بعد تكوّن الروح، قال الفزازي إن الحالة الوحيدة المسموح بها شرعيًا هي عندما يشكّل خطرًا على صحة الأم، وهنا يصير الحفاظ على الأصل أهم من الفرع، غير ذلك يكون الإجهاض قتلًا و"إرهابًا حقيقيًا".