رأي: يزعم داعش أن "العبودية الجنسية متجذرة" في الإسلام.. والعالم يصدق!!
مقال لسلام المراياتي، المدير التنفيذي لمجلس الشؤون العامة الإسلامية. المقال يعبر عن وجهة نظر الكتّاب ولا يعكس بالضرورة رأيCNN .
لندن، بريطانيا (CNN) -- يستمر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بتصدر الأخبار بأعمالٍ تلطخ سمعة الإسلام وتنتهك حقوق الإنسان. جاء الأحد تقرير عن تدمير داعش لمعبد بل الأثري في تدمر، بعد أسبوع من نشر صور تدمير معبد بعلشمين. وشهد الشهر الماضي أيضا تقارير عن خلق داعش لـ"منظومة اغتصاب"، في حين يصادف هذا الأسبوع مرور عام على قطع رأس الصحفي الأمريكي الإسرائيلي، ستيفن سوتلوف.
قائمة الجرائم التي ارتكبها داعش طويلة. وللأسف، تكشف هذه القائمة أيضا عن فشلنا الجماعي كأمة بردع التطرف. فداعش يُحضّر جدول أعماله ويسلط الضوء على عجزنا في نفس الوقت.
خذ على سبيل المثال، إجبار داعش النساء الأيزيديات على العبودية الجنسية التي يدّعي جنود تنظيمه أنها عادةٌ متجذرةٌ في التاريخ الإسلامي. هذا الادعاء باطل وتافه، ورغم ذلك أشعل هذا الافتراء الجدل حول العبودية الجنسية في الإسلام، كما لو كانت هذه العادات تستحق أي اعتبار على الإطلاق، كما لو أن داعش يستحق هذا النوع من المشروعية الدينية ليزعم قادته ما يشاؤون عن الإسلام.
الحقيقة هي أن الدين الإسلامي يُحرّم الرق، الذي يتعارض مع أول ركن للإسلام، وهو التوحيد بأن الله واحد، لا إله إلا هو، وأن جميع البشر خلقوا سواء أمام الله ويميزهم فقط عملهم الصالح.
دعا القرآن لترك العبودية، وحَضّ على العدل والرفق في معاملة العبيد كبشر. كما حث على تحرير العبيد كجزء من العبادة. وحُظِر الرق في جميع أنحاء العالم، وينبغي أن يبقى محظورا، فالحرية من أهم قيم الإسلام.
فلماذا إذا، تستطيع جماعات مثل داعش استخدام مبادئ عتيقة لتبرير القتل والاغتصاب وخلق واجهة مزيفة لعقيدة الإسلام؟
تكمن المشكلة في اختيار هذه الجماعات مثل داعش وبوكو حرام لعادات قبلية وتصويرها على أنها تعاليم إسلامية. وهذا هو التلطيخ المتعمد للحقيقة الذي يؤثر على صراع الفكر في العالم الإسلامي اليوم.
تحاول الجماعات مثل داعش استغلال سوء فهم العقيدة لتعزيز مخططاتها. وفي حين أنكر بعض علماء المسلمين هذه الافتراءات الكاذبة، إلا أن البعض الآخر صامت عن الدفاع عن العقيدة الحقيقية للدين الإسلامي. وما يزيد الطين بلة هو اتهام بعض هؤلاء العلماء للمسلمين بارتكاب المعصية لطلبهم ترك هذه العادات المتخلفة. وإن الأشكال الحديثة للعبودية - مثل الاتجار بالبشر - من الأمور الشنيعة.
من الواضح أن داعش غالبا ما يدير الحوار، تاركا المسلمين الأمريكيين يواجهون تحديا مزدوج.
يجب عليهم أولا بذل المزيد من الجهود لتعريف الإسلام الحقيقي للجمهور العالمي، بدلا من مجرد الرد على الغضب الذي تثيره الجماعات المتطرفة. ينبغي حرمان داعش من أي مصداقية ومعاملتهم كأي مجموعة أخرى من المتعصبين.
ثانيا، يجب على علماء المسلمين التواصل مع مجتمعاتهم المحلية للعمل على تعريف الإسلام الحق بأركانه المبنية على العدل والحرية والرحمة، وعزل العقيدة الإسلامية عن العادات القبلية العتيقة التي نهاها الإسلام تدريجيا مثل الرق.
على عكس ما يعتقد الكثيرون، فإن الفقه الإسلامي ديناميكي ويتغير إطاره ليواكب التغيرات في حقوق الإنسان. وفي الواقع، الإسلام كدين يدعو لإصلاح المجتمع والرقي بممارساته الثقافية لتكون أقرب ما يكون للمُثُل العليا القرآنية التي تحث على الحرية والمساواة. فجوهر الإسلام هو تحقيق الكرامة الإنسانية، جلب الرحمة للعالم، وإقامة العدل في الأرض. وأي انتهاك لتلك المبادئ يجب أن يُلاقى بالمعارضة الشديدة من قبل المسلمين.
مع أخذ ذلك بعين الاعتبار، يجب على المسلمين بذل كل ما في وسعهم للابتعاد عن كل العادات والتقاليد التي تهين كرامة المرأة والتي يدّعي المتطرفون زورا أنها جزء من العقيدة الإسلامية عن طريق ربط الإسلام بالأعراف القبلية التي عفا عليها الزمان. هذا شيء لا يجوز النقاش فيه: أي شخص يحاول تبرير العبودية والاعتداء الجنسي لا ينتمي لنا ولا مكان لنا إلى جانبه.
نحن لسنا بحاجة لفتاوي لندرك أن الاغتصاب والقتل والفساد والطغيان خطيئة – الإسلام دين التفكر الحر وأي شيء يتحدى هذه الحرية، يتحدى مشيئة الله. فقد نصّ القرآن: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل:90).
يجب أن يُنظر للإسلام باعتباره نفحة من الهواء النقي، وملجأ من الحرب والاضطهاد، سواء على أيدي الحكام المتدينين أو العلمانيين. وإذا لم يكف النقاد والسياسيون عن الاكتراث لرأي داعش، فإن الجهود المبذولة في نشر هذه الرسالة لن تجدي شيئا. يجب أن يُعّرف الدين الإسلامي الحق على أنه في صف أي شخص يعاني من الظلم. يجب أن ننبذ المتطرفين وتشويههم لصورة الإسلام.