أسامة الغضب.. لاجئ سوري أسقطته مصورة مجرية مع ابنه يقول لـCNN: الله سيعاقبها وطفلي ظل مريضا لأيام

نشر
9 دقائق قراءة
Credit: cnn

 دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- العالم بأسره وقف مدهوشا وهو يراقب مراسلة صحفية تقوم بعرقلة لاجئ سوري على الحدود المجرية، كثيرون صدمهم واقع تورط صحفية في عمل مماثل، بينما راقب البعض الآخر بحزن منظر نجل اللاجئ الذي سقط معه على الأرض لينهض والدموع على عينيه مختصرا بذلك معاناة اللاجئين السوريين برمتهم.

محتوى إعلاني

قامت CNN بالعربية بملاحقة قضية اللاجئ والبحث عنه حتى العثور عليه في مدينة ميونيخ الألمانية حيث يعيش في ظل ظروف لا يعلم إلى أين ستقوده، اسمه الكامل أسامة عبدالمحسن، وهو الملقب بـ"أسامة الغضب"، عمره 52 عاما والطفل الذي كان يحمله هو نجله الأصغر زيد، الذي لا يزيد عمره عن سبعة أعوام، وأسامة كان مدربا في نادي "الفتوة الرياضي" بمدينة دير الزور شرق سوريا، التي تتقاسم السيطرة عليها اليوم مجموعات من داعش وقوات النظام.

محتوى إعلاني

ويروي "الغضب" أسباب اضطراره لترك سوريا بالقول: "الناس تدرك الوضع في سوريا وتأثيرات الحرب، ومنطقة دير الزور ساخنة جدا ولا يمكن الحقيقة العيش فيها لمجرد ساعات، ومن ظل فيها هم من لا حول ولا قوة لهم أو لا مكان يلجؤون إليه. نحن استطعنا الحمد لله أن نخرج لنؤمّن الأمن والأمان للأولاد."

ويتابع المدرب الرياضي السوري السابق بالقول: "عندي أربعة أطفال. الكبير مهند وعمره 18 سنة ومحمد 17 سنة ودعاء 13 سنة، إلى جانب زيد - 7 سنوات – الذي ظهر في الصور، والحقيقة مهند ودعاء وزوجتي بتركيا الأن، أما محمد فقد أرسلته إلى ألمانيا قبل تسعة أشهر. هو موجود في ميونيخ الآن."

وحول موقفه السياسي من الأوضاع في سوريا ومشاركته منذ الأيام الأولى للأحداث في الحراك السلمي المعارض قال الغضب: "هذا صحيح، لكنني لا أحب أن أتكلم بالمسألة لأنني من أقل السوريين المتضررين، وأستسخف أن أذكر حادثتي، وأنا الحمد لله بخير بينما الناس في السجون أو قتلى أو في عداد المفقودين، وعلينا أن نركز على هؤلاء ونتذكرهم.. أنا رجل مسالم وأرفض العنف. وكان لي نشاط سلمي وحراك سلمي بالفعل."

ونفى الغضب أن يكون لدخول داعش إلى ديرالزور صلة بمغادرته سوريا، قائلا إنه ترك المدينة قبل تدخّل داعش مضيفا: "القصف الشديد والمعارك في دير الزور هي التي جعلت الناس - من بينهم أنا - تخرج. وقد انتقلت إلى تركيا حيث مكثت طوال سنة ونصف في مدينة مرسين.. بالطبع دخول داعش إلى ديرالزور جعل فكرة العودة بالنسبة لي مستحيلة ولو ليوم واحد لتفقد العائلة، فقد انقطع الاتصال نهائياً."

وبرر الغضب إرسال ابنه إلى ألمانيا بالمصاعب التي تواجه السوريين في المدارس التركية، مضيفا أن قرر بعد ذلك الخروج بنفسه مع نجله زيد إلى ألمانيا، وعرض ذكرياته عن ذلك اليوم الذي غادر فيه تركيا بالقول: "كان يوم الثلاثاء صباحاً في أغسطس/آب. وصلنا إلى اليونان ثم أخذنا الطريق الذي يسلكه الجميع."

وأضاف: "الحقيقة أن المجر تختلف عن كل الدول في هذا الخصوص بالنسبة للإجراءات ولاستقبال اللاجئين. أولا، يدخل اللاجئ إلى منطقة حجمها 300 مترا، وعمقها 70 مترا، محاطة بجنود أو شرطة مجرية. طبعاً في هذه المنطقة، ألاف مؤلفة من الناس والازدحام. أشخاص أخذت خيم من فرق الإغاثة الإنسانية – وهي ليست من المجريين على فكرة - والبقية في العراء."

وأكد الغضب أنه نام في العراء يوما كاملا قبل وقوع الحادث، مشيرا إلى أن المجريين كانوا ينقلون عددا محدودا من الأشخاص تاركين الآلاف وسط العراء عند الحدود ما "فجّر الموقف" ودفع الناس لأخذ قرار باختراق الطوق الأمني والدخول إلى القرية القريبة من المنطقة - التي تبعد ثلاثة إلى خمسة كيلومترات – مشيا على الأقدام.

ونفى الغضب تنبهه للمصورة قبل عرقلته، مؤكدا أنها شاهدها للمرة الأولى على شاشة التلفزيون فقط، وتحدث عن مشاعره بتلك اللحظة قائلا: "عندما وقعت وحدث ما حدث، لم أر أحدا أمامي نهائياً... فقط اهتمامي بزيد لأن قلبي تقطع عليه مدة ساعتين... والله أنا قلت الحمد الله، الله سلمه وحماه. ما أقدر أقول أكثر من هيك لأنه كان يبكي بجنون ومصاب وحالته النفسية... تصور بعد ساعتين ارتفعت حرارته وبدأ بالتقيؤ وعجز عن المشي فحملته كل الطريق على ظهري لثلاثة كيلومترات."

ولدى سؤاله عمّا إذا كان قد طالع اعتذار الصحفية عن عملها وأنها "صُدمت" بنفسها وتصرفها رد الغضب قائلا: "الحقيقة هي كاذبة لسببين. السبب الأول لأنها ركلت فتاة صغيرة قبل الحادثة، فكيف تقول إنها أم وتفعل أمور كهذه؟ والسبب الثاني أنها صحفية بالذات... ولا يمكن لأي صحفي مدني القيام بعمل كهذا إلا إذا كان عدائيا وفعلاً ينوي ويقصد فعل ذلك. أنا كنت هناك، والصحفيون كثيرون. وكنا نتوجه إليهم لأننا نعتبرهم ملاذ آمنا، ولم يخطر على بالنا أن صحفي سيتصرف بهذا الشكل."

وحول ما يمكن أن يوجه لها عبر موقع CNN قال اللاجئ السوري الذي شغلت قصته العالم: "أقول لها: تأكدي تماماً أنك ستلقين ما أذقت أولاد البشر. هذه سنة الله... أنا أتمنى لأولادها عكس ذلك، إذ لا ذنب لهم وأتمنى لهم الخير، لكن هي ستذوق المرار بأي طريقة والله أعلم. أقول لها انتظري ما سيصيبك لأن نيتك ليست للخير."

وأكد الغضب نيته ملاحقة الصحفية وكذلك الوسيلة الإعلامية التي تعمل لديها في المحاكم، معتبرا أن الصحفية لم تكن لتتصرف بهذه الطريقة بمفردها.

وحول ما صادفه بعد الحادثة وكيفية وصوله لألمانيا قال الغضب: "بعد هذا الموقف وصلت إلى قرية ابحث عن مستوصف لزيد ولكنني لم أجد. أربعة أيام والولد يعاني الحرارة والتقيؤ والتعب ولم يفعل المجريون شيئا. سلمت نفسي للشرطة من أجل زيد، وأخذونا إلى مخيم كالسجن، وبعد 24 ساعة نقلونا إلى مقر للشرطة ووضعونا في خيمة وأدخلونا واحدا واحد. وقال أحدهم لي بالحرف الواحد: إما تسجن أنت وابنك أو تبصم. هذه قمة المذلة... قلت له هل من المعقول أن تقول هذا؟ أين انسانيتك؟ هناك طفل معي كيف تطلب مني أن أدخل السجن وأنا لا أريد أن أوقع؟"

وتابع بالقول: "طبعاً بصمت لكيلا ألزم ابني البقاء في السجن. لكن عندما وصلنا إلى النمسا، كان الوضع مختلفا 180 درجة. اعتنوا بنا ونقلوا زيد إلى نقاط طبية ثلاث مع عناية كامله النمسا شعب راق جداً، وحكومة متفهمة. نقطة العلاج الأخيرة كانت بمحطة قطار قريبة من الحدود الألمانية، وكان قد مر على حادثة عرقلتي أربعة أيام دون أن أكون قد عرفت حقيقة ما حدث، لكن صحفية اقتربت مني وتعرّفت علي وأرتني صور الحادثة والفيديو فانتابني حزن شديد جدا."

وأعرب الغضب عن رضاه حيال المعاملة التي لقيها بألمانيا قائلا: "الحقيقة الألمان كانت معاملتهم مع الكل رائعة جداً جداً بكل ما تعنيه الكلمة، الشعب والحكومة. مواصلات مجانية ورعاية صحية ومدنية كامله، قمة الروعة. أنا اتجهت إلى ميونيخ لأن ابني هناك وأردت رؤيته. وأنا من الناس المتفاجئين... قد قالوا لنا إن الألمان كذلك، ولكن عندما تشهد ذلك يزيد احترامك لهم".

ونفى الغضب وجود تواصل رسمي ألماني معه، وأكد قلقه على وضع أسرته بتركيا قائلا: "أسرتي في مرسين أصابها المرض لكثرة انزعاجها مما أصابني أنا وزيد، وفي كل ساعة أتكلم مع زوجتي بالهاتف وهي تصر على عودتي ولا تريد شيئا غير الاطمئنان إلى زيد وصحته.. قد أعود إلى تركيا أو هناك عرض أنتظره إذا وصلني فقد أنتقل إلى مكان آخر إن شاء الله."

ورفض الغضب انتقادات البعض لللاجئين بأنهم يبحثون عن "حياة أفضل" قائلا إن من حق الجميع العيش بحياة أفضل في ظل الحرب القائمة و"القتل والدمار والأشياء التي لا يصدقها العقل ولم تمر في التاريخ". وأوضح موقفه من قلق البعض حول تسلل عناصر إرهابية ضمن اللاجئين القول: "أقدر خوفهم، وأخذ الحذر واجب بأي طريقة طالما أنها طريقة إنسانية كما في ألمانيا والنمسا، فمن حق أي دولة أن تحافظ على أمنها ومواطنيها ولكن مع الحفاظ على احترام الإنسان." 

نشر
محتوى إعلاني