فقط على CNN.. ريتشارد كويست: فشل المحرك وحتى التفجير لا يتسبب بتدمير الطائرة الروسية
مقال لمراسل CNN وخبير الطيران ريتشارد كويست.
لندن، بريطانيا (CNN)- الطائرة الروسية التي سقطت في شبه جزيرة سيناء المصرية السبت، تحطمت فيما هو الجزء الأكثر أماناً من رحلتها من شرم الشيخ إلى سان بطرسبرج في روسيا.
الطائرة حلقت في الهواء لمدة تقارب 23 دقيقة بعد إقلاعها، وعند تلك النقطة، كانت تطير باستخدام نظام الطيار الآلي، وتصل ارتفاعها الأولي للتحليق، وهناك القليل مما يمكن أو ينبغي أن يتسبب بخطأ ما.
وإذا نظرتم إلى الاحصاءات، ستجدون أن معظم الحوادث تحدث خلال الإقلاع أو الهبوط، ومعظمها خلال الهبوط بنسبة أكثر من 50 في المائة.. وهناك نسبة صغيرة، ما يقرب من 10 في المائة يحدث في مرحلة الطيران المعروفة باسم "كروز"، وهي المرحلة التي حدثت فيها مشكلة الطائرة الروسية.
وحدوث شيء في تلك المرحلة من الرحلة يُسقط الطائرة أمر غير مألوف.
وإذا لم يتم قصفها في السماء عن طريق نوع من النشاط الإرهابي أو العسكري - الأمر الذي ليس هناك دليل يُشير إليه في هذه الحالة حتى الآن - فإنه كان ينبغي أن تكون في الجزء الأكثر أماناً من رحلتها.
الطائرة وصلت بالفعل إلى ارتفاع حوالي عشرة آلاف متر وكانت تحلق فحسب.. ولكن عند النظر إلى الأرقام نجد أن معدل هبوطها درامي ومتغير، ويستمر ذلك لبعض ثوان قبل أن تسقط الطائرة.
وأياً كان ما حدث، فإنه كان مؤثراً بما فيه الكفاية ليمنع التحكم بالطائرة، أو أصبحت غير قابلة للتحكم بسبب طريقة قيادتها.
كما أن هناك تقارير تفيد بأن بعض شهود العيان رأوا النيران تشتعل من المحرك، إلا أنه لا يمكن الاعتماد على شهود العيان في هذه الحالات، ولكن إذا كان هناك حريق في المحرك، فهناك إجراءات تؤخذ لذلك.. وكما نعرف من حالات عديدة، فالمحرك الفاشل، حتى التفجير، لا يتسبب بتدمير الطائرة.
وإذا حدث خطأ ما ذو أهمية، فعليك البحث في كيفية تحليق الطيارين لهذه الطائرة المتطورة للغاية من أسرة "إيرباص A320" والتي تعتمد بشكل كبير على أجهزة وبرامج الكمبيوتر، حيث لديها نظم متعددة بقدر كبير من التعقيد، وتتطلب مستوى عال من المهارة للتحليق بها.
وهذه الطائرة بالذات عمرها 18-19 سنة، ولكن هناك العديد من الطائرات من نفس العمر التي تحلق في جميع أنحاء الولايات المتحدة، إن لم تكن أقدم، وبالتالي فإن عمر الطائرة لا ينبغي أن يكون مصدر قلق - طالما يجري تشغيلها بطريقة جيدة، ودُرب طاقمها بأسلوب مناسب.. والبحث في هذين الجانبين سيكون حاسماً في هذا التحقيق.
كما كانت لدى روسيا مشكلة في السلامة، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، إذ كان هناك توسع سريع لشركات الطيران والعديد من الناقلات الجديدة، وواجه هذا البلد بعض الصعوبات في شؤون السلامة، كما كان لديها حوادث أكثر من أوروبا الغربية والولايات المتحدة.
ووفقاً لتقرير اتحاد النقل الجوي الدولي لعام 2014، تقع حادثة واحدة لكل مليون رحلة في الولايات المتحدة، وفي أوروبا 1.35 حادثة لكل مليون رحلة، ولكن في روسيا ورابطة الدول المستقلة، تحدث 2.19 حادثة لكل مليون رحلة، أي أكثر من ضعف نسبة أمريكا، رغم أنها لاتزال جيدة مقارنة مع أفريقيا مثلاً، حيث تحدث 11.18 حادثة لكل مليون رحلة.
روسيا لديها قطاع طيران سريع النمو، وطائرات حديثة كثيرة، وربما تكون هناك مسألة التدريب والبنية التحتية التي لم تواكب وتيرة هذا النمو، كما رأينا في آسيا.
وعندما يتعلق الأمر بالتحقيق ومعرفة ما حدث ومن كان مسؤولاً، لدينا فوضى حقيقية.. فشركة الطيران "Metrojet" روسية، وبالتالي فإن "دولة المشغل" لاستخدام المصطلح التقني، هي روسيا.. وهذا يعني أن السلطات الروسية هي المسؤولة عن توفير المعلومات حول ما حدث.
وتقول القواعد إن التحقيق يندرج في "دولة الحدوث" حيث وقع الحادث، وفي هذه الحالة، هي مصر.. وهي التي ستكون مسؤولة عن التحقيق، ما لم تقرر تفويض هذه السلطة إلى روسيا.
وعلاوة على ذلك، لديك أيضاً "دولة الصنع"، التي صنعت طائرة "إيرباص"، والتي دخلت في هذه العملية، كما يفعل أيا كان من صنع المحركات.. ولكن بصراحة، أنا لا أعتقد أن هذا سيكون من الصعب تحقيقه.
بمجرد أن يجدوا ويستعيدوا ما يسمى بـسجلات "الصندوق الأسود"، وهي التي تحتوي على تسجيل صوتي لما يحدث في قمرة القيادة، وسجلات بيانات الرحلة، سوف نعرف بالضبط ما حدث، وما الخطأ الذي وقع على ارتفاع عشرة آلاف متر، وكيف استجاب الطيارون إلى حالة الطوارئ.
وأعتقد أن ما سوف يجدونه هو سلسلة معقدة جداً من الأحداث، ولكن سينتهي المطاف إلى كيفية قيادة الطائرة بعد وقوع هذه الأحداث.