علي شهاب يكتب.. "إلى متى سيسود الظلام في لبنان؟"
هذا المقال بقلم علي شهاب، وهو لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.
ينتابك في لبنان الشعور الذي ينتاب جميع المارة: متى سيقع الانفجار القادم بجانبي؟الشعور أعلاه هو حالة طبيعية لشخص طبيعي في ظرف بلد غير طبيعي.
من الممل ان يموت المرء على يد انتحاري اخرق يعتقد أن طريق الجنة تمر عبر جثث الابرياء. وكأن كل هذا "الأكشن" في لبنان والجوار لا يغير من واقع مللنا شيئا.
يدعو اللبنانيون على اختلاف مشاربهم ان يخرج البلد من عنق الزجاجة..ولكننا في داخلها تماما.
جلست اتابع القنوات المحلية طوال ساعات الليل منذ وقوع التفجيرين الانتحاريين في ضاحية بيروت الجنوبية. حجم الاستنكار والتنديد الذي أبداه السياسيون في بلادي تخطى بأشواط الرقم القياسي المسجل باسم جامعة الدول العربية.
يخونني البصر. للوهلة الأولى، اكاد أرى أطيافا لتيجان ونجوم تحوم فوق رؤوس السياسيين. هم نفسهم المسؤولون الذين كادوا قبل ساعات قليلة من التفجيرين يتوعدون بعضهم البعض بتدمير البلد بسبب خلاف على عقد جلسة للبرلمان، قبل ان تتدخل العناية الالهية (وتدخل العناية الالهية في كل مرة لإنقاذ لبنان بات يحتاج الى دراسة من نوع خاص نستحضر فيها ادوات قياس من نوع مبتكر).
هم نفسهم المسؤولون الذين يمارسون فسادهم في سعيهم لاقتسام كعكة النفايات التي تملأ البلد منذ أشهر، وقد أحالوها قضية طائفية ثم تمييزا عنصريا بتصنيف الطوائف الى مراتب ورفض طوائف فتح مكبات في مناطقها.
وجميعهم ينادون بالحرية والاستقلال والاصلاح، لكنهم عند أدنى امتحان يسقطون في أتون النرجسية العمياء التي لا ترى في الوطن الا كرسيا وحسابات مصرفية.
يشكل الشباب النسبة الأكبر من الشعب اللبناني، كحال معظم الشعوب العربية.
وإذا سألت معظم الشباب اللبنانيين، ستجد ان اقصى ما يحلمون به هو وطن مستقر يقدم لهم مقومات العيش الكريم. أقصى الطموح هو كهرباء وماء من دون انقطاع وأمن مستتب. هكذا ببساطة، بلا أي تعقيد او أحلام سوريالية.
لقد منَّ الله علينا بأن أبعد عنا وباء "الربيع العربي"، لكن السياسيين أحالوا فصولنا خريفا مظلما لا بارقة أمل في انتهائه.
ولأننا شعب اعتاد ترقب حبل النجاة من الخارج، فنحن أعجز من ان نغير ما بحالنا، على الرغم من السنن الكونية الواضحة بأن "الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". وبالتالي كتبنا على أنفسنا انتظار طواحين القدر – على قسوتها – لتفعل فعلها.
أما وأن المنطقة برمتها تسير نحو اعادة تشكل جذري ينحو باتجاه رسم معالمها الجديدة وفق اعتبارات قبلية وعشائرية (لا مذاهب وطوائف وقوميات فقط)، فإن لبنان يواجه معضلة وجودية، فهو أضعف من أن يتحول الى دول عدة، ذلك انه عاجز أصلا ان يكون دولة واحدة.
أخشى يوما تحين فيه لحظة الاتفاق على حدود الدويلات الجديدة ونتحول فيه الى عرض مجاني على مائدة الكبار.