عامر السبايلة يكتب لـCNN عن القرار الدولي ومعادلة الحل في سوريا

نشر
4 دقائق قراءة
مقاتلون موالون للحكومة السورية على مشارف مدينة حلب شمال سورياCredit: GEORGE OURFALIAN/AFP/Getty Images

هذا المقال بقلم د.عامر السبايلة والاراء الواردة أدناه تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة راي CNN.

محتوى إعلاني

معياران أساسيان يمكن اعتمادهما في قراءة آخر التحولات في الأزمة السورية. الأول: صياغة مجلس الأمن لقرار مكافحة تمويل الارهاب والذي يمثل الاطار القانوني لتجفيف منابع تمويل الجماعات الارهابية ووقف دعمها، أما الثاني فيمثل الانتقال الأبرز للأزمة السورية من واقع الغرف المغلقة في جنيف وفيينا الى مظلة مجلس الأمن الذي نتج عنه القرار الدولي الأخير حول سوريا. ولعل السمة الأبرز لهذا القرار هو حالة الاجماع الدولي حيث ظهرت رغبة كافة الاطراف بتغييب نقاط الخلاف واشكالية بعض تفاصيل الحل في سوريا. 

محتوى إعلاني

الأهم في المعادلة الجديدة هو أن القرارالدولي بات يمثل مرجعية الحل وأساس لخارطة الطريق القادمة. مما يعني ان المرحلة القادمة أشبه بمخاض تهيئة شروط وأطراف الحل والذي يحتاج الى تهيئة للمناخ السياسي وتثبيت هيكلية عسكرية وسياسية لجسد المعارضة القادرة على الاندماج في عملية التسوية السياسية وتشكيل حكومة انتقالية ضمن شراكة مع مؤسسات الدولة السورية. 

أما المحطة الأبرز فتتمثل في ضرورة اعادة ترتيب أوراق القوى على الارض وانهاء حالة الفوضى العسكرية. من هنا يمكن قراءة القرار الدولي الخاص بتجفيف منابع الارهاب على أنه اعلان انهاء صلاحية لكافة التنظيمات التي لا يمكن إدراجها في عملية الحل السياسي أو التوظيف العسكري تحت مظلة جديدة بعد انجاز الاتفاق على قوائم الارهاب التي تحدد فعلياً من يمكنه البقاء في المشهد.

لهذا فان كثير من التنظيمات لابد أن تتعرض لهزات قوية اما بهدف انهائها او اعادة تشكيلها ضمن هيكلية جديدة مقبولة دولياً وتحت مظلة عسكرية يمكن من خلالها التأسيس لشريك دولي جديد في مكافحة الارهاب وقادر على الاندماج مستقبلاً في اطار الدولة السورية ضمن وصفة الحل السياسي. كذلك قد تكون حالة الاستثمار في التنظيمات عبر دعمها وتوظيفها في الداخل السوري قد وصلت الى نهايتها، وهي رسالة موجهة في المقام الأول الى بعض دول الاقليم الأمر الذي يحتم على هذه الدول البحث عن صيغ دعم بناء تركيبة الحل السياسي وانهاء حالة الشغب السياسي. 

ان الدول الاقليمية التي تصرح علناً برفضها للحل السياسي في سوريا قبل ضمان تنحي الاسد مثل (تركيا وقطر والسعودية) لابد ان تدرك معادلة القرار الدولي وتنأى بنفسها عن اي شبهة دعم للتنظيمات الارهابية وتبحث بطريقة مبتكرة عن الانتقال من خانة تعطيل الحل الى دعمه. ضمن هذا السياق يمكن قراءة زيارة وزير الخارجية القطري الى موسكو مؤخراً، وبغض النظر على الاصرار على إبراز الخلاف بشأن جزئية مستقبل الأسد في سوريا فانه يمثل اعترافاً واقراراً بدور موسكو في صياغة وصفة الحل النهائي، ولعل الدوحة أدركت هذه المعادلة منذ فترة وبدأت تتحرك ضمن هذا الاطار.

واذا كان القرار الدولي قد رسم الاطار العام للحل فانه يفترض ايضاً ان الحل السياسي في اطار الشرعية الدولية يتطلب الابقاء فقط على المؤسسات الشرعية الأمر الذي يتطلب الاعتراف بدور المؤسسة العسكرية الرسمية وفي مقابلها هيكلية عسكرية معارضة يتم الاعتراف بها دولياً مثل "الجيش الحر".

أما على الصعيد السياسي فان تجريد فصائل المعارضة السورية من تحالفاتها الاقليمية ومن التنظيمات المقاتلة على الأرض يعني تجريدها من أي أوراق تعطيل للحل ودفعها منطقياً باتجاه اتخاذ خطوات ملموسة على الأرض في اطارالسعي لاطلاق أولى خطوات الحل السياسي في سوريا. ان توفر مظلة القرار الدولي وتبخر التنظيمات المقاتلة على الأرض في سوريا قد يدفع الجميع تجاه إحداث تغيير جذري في اسلوب التعاطي مع فرصة تدشين أولى خطوات الحل السياسي في سوريا.

نشر
محتوى إعلاني