هل تفقد ليبيا أهم مصدر للدخل إثر استهداف "داعش" موانئ نفطها؟
تقرير: منية غانمي
ليبيا (CNN)-- الهجمات الاخيرة لتنظيم داعش على موانئ النفط أثارت مخاوف واقعية لدى الليبيين من إمكانية فقدان سيطرتهم على مصدر دخل بلدهم الوحيد لصالح داعش وخشية من احتمال توسع نفوذه وامتداده نحو مناطق أخرى ، في وقت تسعى فيه الاطراف السياسية إلى تشكيل حكومة وفاق وطني تقود البلاد نحو الاستقرار.
ومع بداية العام الجديد تواجه الموارد الطبيعية في ليبيا هجمات شرسة من جانب عناصر تنظيم داعش خاصة بعد نجاحهم في السيطرة على منطقة بن جواد القريبة من منطقة الهلال النفطي، هذه المنطقة التي تحوي المخزون الأكبر من النفط أين يتم إنتاج قرابة 60 بالمائة من إنتاج الدولة فيها، إضافة لتوفرها على عدد من الموانئ في البريقة والزويتينة والسدرة ومجمع راس لانوف.
ويؤكد أسامة العريبي عسكري بالجيش الليبي، أن هناك مخاوف حقيقية في الشارع الليبي من خطط داعش المستقبلية في بلدهم، بحيث يقول إن الهدف الأساسي لتنظيم داعش من تحركاته الأخيرة هو السيطرة على المرافىء النفطية من أجل استغلالها، مضيفا أنه وحتى إن فشل في السيطرة عليها سيقوم بتدميرها حتى يمنع أي طرف قادم من الاستفادة من هذه الآبار.
وأضاف في تصريح لـCNN بالعربية أن داعش يحاول من خلال هجماته الأخيرة كذلك إيجاد موطىء قدم خاصة بعد أن تخلى عنه الاخوان المسلمون وانحازوا لاتفاق الصخيرات، متوقعا مواصلة التنظيم هجومه على مرافئ النفط الليبية من أجل التمدد ولعب دور أكبر في المستقبل القريب وكذلك من أجل أن يكون خنجرا في خاصرة الحكومة المزمع تشكيلها في الايام القادمة خاصة اذا نجح في السيطرة على منشآت نفطية.
وأكد أن فشل هذا التنظيم في الوصول إلى أهدافه سيدفعه إلى تغيير استراتيجية هجماته لينتقل من الهجوم المباشر والمنظم والجماعي إلى استعمال المفخخات والتفجيرات الفردية داخل التجمعات البشرية بهدف إحداث أكثر قدر ممكن من الضرر والإرباك لأي حكومة قادمة.
ويتمركز تنظيم "داعش" في سرت معقله الرسمي خاصة في منطقة النوفلية الخاضعة لسيطرته، منذ فبراير/شباط الماضي، وهي منطقة ملاصقة للسدرة التي تحوي أكبر موانئ النفط في ليبيا، والمكونة من أربعة مراسي مجهزة لسفن الشحن، و19 خزاناً بسعة تصل لـ 6.2 ملايين برميل من النفط الخام، كما يتواجد في منطقة هراوة القريبة من سرت إضافة إلى بلدة بن جواد.
وقال النائب في البرلمان الليبي محمد عبد الله، في تصريح صحفي، إن سيطرة التنظيم على آبار النفط واردة، لأنها تجعله يظفر بمصدر مالي حيوي لتمويل تحركاته، واستقطاب مزيد من المقاتلين والأسلحة، خاصة كونه يحظى بممرات صحراوية برية، وأخرى بحرية بعد سيطرته على ميناء سرت منذ شهور طويلة، الذي يستخدمه بشكل نشط في عمليات التمويل.
وحذّر عبدالله في هذا السياق من أن تحركات داعش الأخيرة تعد بمثابة تهديد لوحدة ليبيا، وتعريض الآلاف من سكانها لخطر التغول الوحشي للتنظيم الذي يصفه بالأكثر دموية على مر التاريخ، مشيرا أن محاربته تبدأ بتنفيذ الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه بالصخيرات، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من أداء مهامها.
مقابل ذلك، بدّد محمد قوج صحفي بقناة الزنتان و متابع لملف تنظيم الدولة الإسلامية، من هذه المخاوف معتبرا أن تنظيم داعش في ليبيا لا يطمع في السيطرة على الحقول النفطية لأنه يعرف صعوبة بيعه بما أن ليبيا تقع في منطقة إبحار مراقبة ومرصودة، و"بالتالي لن تستطيع أي دولة أو وسطاء من التعامل مع التنظيم خوفاً من فضائح قد تنشرها وسائل الإعلام أو تكون ورقة ضغط على بعض الدول التي يشك في دعمها أو تعاملها مع التنظيم".
واعتبر في تصريح لـCNN بالعربية، أن تحرك التنظيم في الفترة الأخيرة باتجاه المرافئ النفطية يسعى من ورائه إلى التمدد والتوسع على الأرض خصوصاً وأن المعركة هناك تكلف الدولة الكثير من الخسائر ولا تكاد تكلف تنظيم الدولة إلا بعض الرجال.
وتوقّع قوج بأن تتقوّى شوكة تنظيم داعش أكثر في المناطق القريبة من المرافىء النفطية، بشكل يساعده على إعادة ترتيب صفوفه والانتشار والترتيب لعمليات نوعية في مواقع خلف العدو، دون المساس بقياداته البارزين أو غرف عملياته، مستفيدا في ذلك من الصراعات والخلافات خاصة بين القادة العسكريين والمؤسستين العسكريتين في الشرق والغرب ومن الفراغ في كبرى المناطق الليبية.
وتأتي هذه التطورات الميدانية الاخيرة التي يقودها تنظيم الدولة الاسلامية، في وقت تسعى فيه الأمم المتحدة الى حل الازمة السياسية عبر تشكيلة حكومة وفاق وطني، غير أن خلافات حول المناصب السياسية والحقائب الوزارية بين مختلف الأطراف السياسية قد تكون عائقا أمام تنفيذ بنود الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه الشهر الماضي والذي ينص على ضرورة إعلان تشكيلة الحكومة قبل يوم 17 من الشهر الجاري.
لكن قد يكون لتنامي خطر داعش في الفترة الاخيرة ودنوّه من المناطق الحساسة في البلاد وتهديده لها، دافعا للوحدة بين الفرقاء السياسيين وفرصة لازالة الخلافات فيما بينهم من أجل المصلحة العليا للبلاد وكذلك دفعا قويا من أجل الإسراع في التوافق على تشكيلة الحكومة، وهو ما ذهب إليه مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس الذي عبر عن أمله في أن يدفع عنف داعش بالقادة السياسيين وجميع الاطراف في ليبيا، إلى فهم حجم الخطر الذي تواجهه ليبيا، وأن يضعوا في أسرع وقت ممكن خلافاتهم جانبا.
وبدوره قال علي الحاسي الناطق الرسمي باسم حرس المنشآت النفطية في تصريح لـCNN بالعربية، إنه ربّ ضارة نافعة، وذلك في إشارة إلى إمكانية أن تتحول هجمات داعش الإرهابية الأخيرة على شريان الاقتصاد الليبي إلى فرصة أمام الليبيين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم لإدراك خطر ذلك على مستقبل البلاد، تفتح لهم الطريق للتوحد ضد عدو مشترك لهم جميعا من أجل وقف خططه، مشيرا الى انه آن الأوان من أجل وقوف ليبيا صفا واحدا وخوض حرب مشتركة ضد التنظيمات الارهابية والقضاء عليها.