استراتيجية "داعش" للبقاء في ليبيا.. استقطاب النساء واستغلالهن
منية غانمي، تونس (CNN)-- تصاعد أعداد النساء اللاتي انضممن إلى تنظيم "داعش" في ليبيا، يكشف أن استغلال النساء أصبح جزءا أساسيا من استراتيجية هذا التنظيم في كسب مزيد من المقاتلين ومحاولة تعزيز صفوفه بكتائب نسائية بغية تحقيق أهدافه في التوسع وخدمة لقضيته.
وداخل المدن الليبية التي يسيطر عليها تنظيم داعش، قد تكون المرأة زوجة أو سبية أو مدرسة أو داعية أو جاسوسة، وباتت في الفترة الأخيرة عنصرا أساسيا داخل التنظيم يصعب الاستغناء عنها أو تعويضها نظرا للأدوار الموكلة إليها.
وفي تقرير نشره المركز الليبي لدراسات الإرهاب مطلع الشهر الجاري، كشف أن 3 بالمائة من عناصر "داعش" في ليبيا هم من النساء اللاتي جاءت أغلبهن من دول الجوار على غرار تونس، السودان، تشاد، مالي والجزائر، وذلك عن طريق شبكات متخصصة في التجنيد وتسفير النساء، مضيفا أن تنظيم "داعش" بليبيا انتقل إلى تجنيد القاصرات خلال هذه الفترة.
وبخصوص ظروف عيش النساء داخل التنظيم أكد تقرير المركز، أن ما يحدث للنساء هناك فاق أبشع أشكال الاستغلال تجاه المرأة، بعد أن قام بتحويلها إلى شريك في القتل، وأداة لتوفير المتعة الجنسية للإرهابيين باسم الدين، فيما يعرف بجهاد النكاح.
قد يهمك.. بالفيديو: بعد خمس سنوات من الثورة الليبية.. ما الذي تغير؟
وأوضح التقرير أنه رغم صعوبة الظروف تلعب النساء دوراً استراتيجياً داخل التنظيم والمدن الواقعة تحت سيطرته، مشيرا إلى أن الأعمال التي تقوم بها النساء داخل "داعش" في ليبيا متعددة وأولها خدمات الدعم اللوجستي كالإشراف على سجن النساء الموجود في ذات المنطقة وإعداد الطعام للإرهابيين.
وبخصوص مصير النساء والفتيات الليبيات المتواجدات في المناطق التي يستحوذ عليها تنظيم "داعش" في ليبيا على غرار مدينة سرت، أكد الصحفي من مدينة أجدابيا منصور عاطي أن المعلومات المتوفرة لديه تشير إلى أن عناصر التنظيم يجبرون الأهالي على تزويجهم بناتهم مقابل توفير الحماية لهم وتأمين حياتهم، مبينا في هذا الجانب أن هناك العديد من العائلات التي فرت من المدينة قبل أن يتمكن التنظيم منها.
وتابع خلال حديثه مع CNN بالعربية، أن موضوع الزواج يتم عن طريق مراحل تبدأ بأخذ منظومة السجل المدني بسرت ومعرفة النساء غير المتزوجات ثم سبيهن بالقوة من أهاليهن، مضيفا أن عناصر التنظيم يحاولون إشاعة هذا الأمر على أنه زواج.
وأوضح العاطي أن النساء اللاتي تم تجنيدهن من دول الجوار لم يدخلن إلى حد الآن إلى جبهات القتال ولم يحملن السلاح واقتصر دورهن على تنظيم حلقات التعبئة والتدريس إضافة إلى بعض المهمات الاستخباراتية داخل المدينة كمعرفة أماكن بعض الأشخاص أو معرفة ما يدور حول موضوع معين.
أيضاً.. بالفيديو: غارات أمريكية على موقع لـ"داعش" في ليبيا تسقط أكثر من 40 قتيلا
من جهة أخرى وفي نفس الإطار، أكد مصدر خاص من مدينة سرت رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن هناك العديد من العائلات من سكان منطقة النوفلية قاموا بالانضمام إلى تنظيم "داعش" والانخراط به وقاموا بتزويج بناتهن لعناصر التنظيم بموافقتهن وموافقة عائلاتهن.
وأضاف المصدر نفسه لـCNN بالعربية أن تننظيم "داعش" بعد سيطرته على سرت قام بفرض شروطه الخاصة وبالخصوص فيما يتعلق بالمرأة حيث قام بالحد من حريتها بعد أن فرض قوانين جديدة على حياة النساء والفتيات تعلقت بشمل خاص باللباس والمظهر العام والاختلاط وبتحركاتها.
وقال: "لقد فرض تنظيم "داعش" على النساء هنا لبس النقاب شرط أن يكون فضفاضا ولونه أسود ومنع الاختلاط في المدارس والجامعات إضافة إلى أنه حرّم على المرأة الخروج من البيت إلا بوجود محرم وقام بإغلاق كل محلات التجميل، والمرأة التي لا تلتزم بهذه الشروط وتخالف قوانين التنظيم تكون عرضة للجلد الشرعي".
وحول أسباب تركيز "داعش" في ليبيا على استقطاب النساء للانضمام إليه أكثر من التنظيمات الإرهابية أخرى التي عرفتها المنطقة، يرى وحيد الزوي مسؤول المكتب الإعلامي في كتيبة شهداء الزاوية، أن التنظيم يسعى من وراء جلب أفارقة من الهجرة غير الشرعية وبعض النساء من الدول العربية إلى تعويض النقص الذي يعاني منه بعد تضييق الخناق عليه، ومقتل عدد كبير من قياداته مما تسبب في إحداث فراغ قيادي لديهم، مشيرا إلى أن أحد محاور القتال في المناطق الخاضعة للتنظيم تقوده مجموعة من نساء عربيات.
و.. الحكومة الليبية تدين الغارات الأمريكية التي استهدفت مقرا لداعش في صبراتة
وفي نفس هذا الجانب أكد أسامة الجارد كاتب متخصص في الإرهاب، إن "داعش" يسعى من وراء ذلك إلى تأسيس كتيبة نسائية تضاهي كتيبة "الخنساء" في سوريا لتتألف من النساء المتطوعات وتقودها زوجات المقاتلين بهدف معاضدة جهود التنظيم خاصة في عمليات التجسس وكذلك محاولة إغراء المزيد من الشباب للانضمام إليه في وقت تتزايد تهديدات الغرب بتنفيذ ضربات ضده.
وأرجع الجارد في تصريح خاص بـ CNN بالعربية أسباب انضمام النساء لـ "داعش" إلى أن هذا الأخير وفرّ كل الوسائل التي تبحث عنها النساء سواء الإمكانيات المادية أو عنصر المتعة المتوفر في جهاد النكاح، مشيرا إلى أن أكثر النساء المنتسبات للتنظيم من دول الجوار هن من المناطق المحرومة والأقل وعيا وثقافة.