CNN بالعربية في مسقط رأس محمد الحويج منفذ هجوم نيس.. وشقيقه: لا نصدق ولا يمكن أن يفعل ذلك

نشر
6 دقائق قراءة
تقرير منية غانمي
Credit: CNN ARABIC

سوسة، تونس (CNN)-- في مدينة مساكن وفي منزل بسيط يقع في حي شعبي، نشأ وترعرع محمد سلمان الحويج بوهلال، منفذ هجوم الدهس بشاحنة في مدينة نيس الفرنسية، حتى سن الرابعة والعشرين، قبل أن ينتقل إلى نيس، حيث سقط قتيلا عن عمر يناهز 31 عاما، بعد أن وضع حدا لحياة أكثر من 80 شخصا.

محتوى إعلاني

عند الدخول إلى هذه المدينة التي يعيش جزء كبير من أهلها في نيس، وبمجرد السؤال عن منزل عائلة محمد الحويج تأتيك الإجابة بأنه يسكن في حي شعبي يطلق عليه اسم "النور".

محتوى إعلاني

حي "النور" اسم ليس على مسمّى، فبمجرد الدخول إليه تعترضك منازل متلاصقة لا تفصلها سوى أزقة ضيقة وبعض المحلات التجارية الصغرى هنا وهناك، لينتهي بك المطاف إلى تجمع عدد كبير من الناس حول إحدى المنازل، عندها تتأكد أنك وصلت إلى هدفك.

هنا في هذا البيت ولد محمد عام 1985، وهو الابن الأكبر لعائلة متوسطة العدد، فرحت عائلته لقدوم، ابنهم البكر، وعاش طفولة هادئة وحياة عادية بسيطة وفرت له فيها عائلته الحاجيات الضرورية، فدرس حتى إلى الجامعة.

في صباح يوم الجمعة 15 يوليو/ تموز، لم يدر بخلد عائلته أن ابنهم محمد سيصبح حديث الناس ولم تتوقع أن يصبح منزلها وجهة لوسائل الإعلام المحلية والعالمية وقبلة للزوار، الكل أصابته الصدمة من هول ما نسب له، واقع الصدمة كان كبيرا عليهم بشكل دفعهم إلى الغلق على أنفسهم طيلة النهار ورفض التحدث إلى أيّ كان.

لا تبدو على العائلة علامات الثراء، ولا أي علامة من علامات التشدد أو الانغلاق، لكنها تبدو عائلة محافظة، تربطها بالجيران علاقات جيرة طيبة، وتعيش حياة داخلية هادئة ومطمئنة، ويُصعب عليها استيعاب أن يطلق على ابنها صفة المجرم أو الإرهابي، فبالنسبة لوالديه لا توجد دوافع لأن يصبح كذلك.

محمد كان طفلا ذكيا تميز في دراسته الابتدائية وكذلك في الثانوية، نجح في اجتياز امتحان الباكالوريا بمعدل جيّد مكنه من الدخول إلى كلية الهندسة ليواصل تقدمه في دراسته، لكنه قبل سنة من التخرج انقطع عن الدراسة، واختار أن يغيّر وجهته إلى خارج البلاد ففضّل مدينة نيس الفرنسية، حيث يتواجد العديد من أصدقائه وأقاربه، وهناك بدأ حياته العملية كسائق لشاحنة ثقيلة.

هكذا يروي شقيقه جابر تفاصيل حياته، لـCNN بالعربية، وعلى وجهه علامات من الحيرة وحالة من الذهول، فمن كان قدوته في الحياة أصبح قاتلا وحشيا.

وقال جابر: "منذ الصغر كان أخي يحب أن يكون لديه أموال كثيرة، لذلك ذهب إلى فرنسا للعمل والكسب السريع، هناك تحصّل على عمل جيّد، وتحسنت ظروفه فتزوج من ابنة خالتي المقيمة بدورها في مدينة نيس، ليرزقه الله بعد ذلك بثلاثة أبناء، حياته كانت تبدو مستقرة، منذ 3 سنوات لم يأتي لزيارتنا ولكنه في تواصل دائم معنا"، وأضاف جابر أن آخر تواصل مع أخيه كان في صبيحة يوم الحادث عندما اتصل به هاتفيا ليخبره بأنه أرسل إليه هاتفا ذكيا مع أحد أصدقائه الذي سيعود إلى عائلته في مدينة مساكن.

وأكد جابر أنه لم يلاحظ أي تغيير في طريقة كلام شقيقه، وقال: "لم يستعمل أي عبارات دينية تجعلني أشك في تحوّل سلوكه، لم يكن مرتبكا لقد كان عاديا وحديثه معي لا يدل على أنه كان يخطط لنوايا سيئة، لذلك لن أصدق أن يكون أخي هو مجرم هجوم نيس، لا يمكن أن يفعل ذلك حتى من باب المزاح".

وبسبب فظاعة الجريمة التي ارتكبها شقيقه، رفض جابر طلب تصويره، قائلا: "أرجوك أختي لا تصوريني، لا أريد أن تظهر صورتي على وسائل الإعلام، قد يتسبب ذلك لي في مشاكل لاحقا وأصبح منبوذا ومحل شبهات".

في صغره كان محمد محبوبا من الأصدقاء والجيران ولم تكن له أي عداوات أو صداقات مشبوهة، سمعته كانت طيبة، لا يتكلم كثيرا، طبعه هادئ يفضل في بعض الأحيان العزلة وسلوكه يصبح عنيفا عندما يغضب، لكن لا أحد كان يتصور أن غضبه قد يدفعه إلى ارتكاب جريمة بعشة، هكذا تحدثت فاطمة واحدة من الجيران.

وأضافت: "كنت أراه عندما يعود إلى تونس في العطلة، عرف بدماثة أخلاقه، كان مغرما بممارسة الرياضة، لا يشرب الخمر، يقولون إنه يصبح عصبيا عندما يغضب وردة فعله لا تكون بالكلام بل بالأفعال، لكن هذا لا يعني أنه قادر على قتل أبرياء، كل الناس التي تعرفه لا تصدق هذه الرواية".

وتابعت أن آخر مرة عاد فيها الى تونس بالتحديد إلى قريته مساكن لم تكن تظهر عليه أي علامات تدين أو تشدد أو تغيرا في سلوكه وفي معاملاته مع الناس، فهو لا يصلي ولا يتردد على المساجد، يلبس لباسا عصريا ويتكلم لهجة عادية ممزوجة بكلمات فرنسية، ويجلس في المقاهي ويشارك في حفلات الأعراس والأفراح.

خلال السنوات الأخيرة التي لم يعد فيها إلى البلاد، تغيرت حياة محمد، وأصبح يعيش في حالة من عدم الاستقرار ودخل في مشاكل عائلية ومادية، بحسب فاطمة، قائلة: "كنا نتساءل عن سبب تخلي محمد عن العودة للبلاد، وعائلته كانت تقول إنه يعيش في مشاكل مع زوجته التي طلبت الطلاق بسبب تعنيفه المتواصل لها وعراكهم المتكرّر، ثم سمعنا في الأيام الأخيرة أنه فقد عمله بعد حادثة قام بها".

عوامل قد تكون كفيلة لأن يصبح محل اهتمام الجماعات المتطرفة وفرصة سانحة لتجنيده واستقطابه لصالحهم، حسب صديقه كريم، لكنّه يستدرك قائلا، "استبعد ذلك لأنني أعرف أنه لم تكن لديه أي ميول دينية لكن قد يعد ذلك حجة قوية في سهولة توجيهه، صراحة كل شيء وارد".

نشر
محتوى إعلاني