الجزائر.. هل يضمن استحداث هيئة مستقلة نزاهة وشفافية الانتخابات؟
الجزائر (CNN)-- يواجه مشروع القانون العضوي المتعلق بالهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، المصادق عليه يوم 20 يونيو/ تموز من طرف نواب مجلس الأمة، انتقادات حادة من طرف قِطاع كبير من أحزاب المعارضة، على اعتبار أنه لم يرق إلى مستوى تطلعاتها ولن يوَقف عمليات تزوير الانتخابات، فيما تقول أحزاب الموالاة أن استحداث هذه الآلية الجديدة جاء استجابة لمطالب المعارضة.
وحسب نص المشروع، الذي حصلت CNN بالعربية على نسخة منه، فإن الهيئة تتكون من 410 أعضاء، نصفهم قضاة والنصف الآخر يتم انتقاؤهم من بين الكفاءات المستقلة من المجتمع المدني، تُسند إليهم صلاحيات واسعة كمراقبة عملية مراجعة القوائم الانتخابية وضمان حق المترشحين في حضور عمليات التصويت والتأكد من احترام توزيع أوراق التصويت وكذا السير القانوني لعملية الفرز وضمان للمترشحين ممارسة حقهم في تسجيل احتجاجاتهم".
وأثناء عرضه للمشروع أمام نواب مجلس الأمة، أوضح وزير الداخلية نور الدين بدوي، أن القانون "يهدف إلى تكريس استقلالية هذه الهيئة وضمان تجسيد صلاحياتها الموسعة التي تشمل كل العملية الانتخابية"، من خلال "استقلاليتها عن الهيئات العمومية والأحزاب السياسية وكذلك استقلاليتها المالية وفي التسيير"، حسبما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية.
وجاء في التقرير التكميلي للجنة الشؤون القانونية والإدارية وحقوق الإنسان بمجلس الأمة، أن استحداث هذه الهيئة كان "استجابة للطبقة السياسية التي طالما طالبت بوضع آلية تعمل على ضمان شفافية الانتخابات وتكريس المسار الديمقراطي"، واتهم التقرير "الذين يدعون إلى تنظيم الانتخابات من طرف هيئات أخرى بديلة للدولة"، بمحاولة "زعزعة ثقة المواطن في مؤسسات دولتهم".
وفي هذا الشأن، بيّن نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني مكلف بالتشريع زبار برابح، في حديثه لـCNN بالعربية، أن "الهيئة تم دسترتها في الدستور الجديد وجاءت استجابة لمطالب المعارضة التي لطالما شككت في نزاهة الانتخابات، خلافا لما تروج له"، ويمكن لهذه الهيئة، وفقا لحديث زبار، أن "تضمن نزاهة وشفافية الانتخابات وتقطع دابر كل الشكوك والتأويلات".
من جهتها، اعتبرت النائب عن حركة مجتمع السلم (حزب إسلامي معارض) الدكتورة سميرة ضوايفية أن هذه الهيئة "لن تضمن نزاهة الانتخابات مادامت ستجرى في نفس الظروف، على اعتبار الهيئة الناخبة مجهولة والأسلاك الخاصة غير محسوم في أصواتها، إضافة إلى أن الانتخابات مازالت تتم تحت إشراف وتنظيم الداخلية والإدارة، وهذا لن يغير شيء".
أما عن قرار مشاركة الحزب في الانتخابات القادمة من عدمه، قالت ضوايفية إن القرار "متروك لمجلس الشورى الوطني للحركة في دورته المقبلة"، لافتة إلى أن الحركة تدعو إلى "هيئة مستقلة تنظم وتشرف وتراقب الانتخابات، تكون محل توافق الجميع التيارات السياسية موالاة ومعارضة".
ومن وجهة نظر المحللين، يعتقد الدكتور يوسف بن يزة، أن هذه الآلية "ليست مكسبا لأحزاب المعارضة، وهي تطالب بالمزيد وهو هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات"، وهو ما رآه محدثنا، "صعب المنال في الجزائر"، وتوقع بن يزة "عدم مقاطعة أحزاب المعارضة للانتخابات، بل تتجند لها أكثر حتى تضمن الحصول على الأربعة بالمئة المطلوبة التي أقرها قانون الانتخابات الجديد".
ويؤكد بن يزة، في حديثه CNN بالعربية، أن "النزاهة في الجزائر ليست انعكاسا لعمل آلية معينة بقدر ما هي مرتبطة بقرار سياسي، طالما أن الانتقادات التي وجهت للعملية الانتخابية من قبل كانت تستهدف عمليات تزوير ذكية لا يتم فيها الدوس على القانون بقدر استغلال الثغرات الموجودة فيه"، ولذلك فإن، "تباشير ما سيحدث مستقبلا ستتحدد من خلال القوانين الجديدة".