رأي: السؤال الأهم اليوم.. من يحكم الرقة بعد سقوط داعش؟
مروان هشام هو صحفي سوري قدم تقارير من مدينة الرقة حتى يناير 2016. ويعيش الان في إسطنبول ويكتب لعدد من المطبوعات الدولية.
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" التي تدعمها الولايات المتحدة قبل 3 أسابيع عن بدء الهجوم الذي طال انتظاره للسيطرة على عاصمة داعش في الرقة. ومنذ ذلك الحين، حقق ائتلاف المليشيات الكردية والعربية الذي تشكل ميليشيا "وحدات حماية الشعب" رأس حربته تقدما بطيئا ولكنه ثابت، مستوليا على قرى لا تبعد عن الرقة أكثر من 19 ميلا.
ويعرف أهل الرقة الذين عاشوا لمدة عامين في ظل الحكم الوحشي لداعش أنهم يريدون مسلحيه خارج مدينتهم. ولكن الأمر غير المؤكد بالنسبة لأهالي المدينة ذات الأغلبية السنية هو ما إذا كانوا يريدون الأكراد والمليشيات فيها.
عندما كنت في الرقة في يناير/كانون الثاني الماضي، كان الناس يتحدثون همسا عن هجوم محتمل سيشمل الأكراد. شعر صديق لي اسمه علي الجاسم (اسم مستعار) بسعادة غامرة من احتمالية السيطرة على الرقة من قبل التحالف لأنه اعتقد ان أيام داعش باتت معدودة، الجاسم هو معتقل سابق في سجن داعش لأنه اتهم باستخدام هاتفه المحمول لتصوير آثار هجوم داعشي.
حررت القوات الكردية مسقط رأسه في يوليو/تموز 2015، وهي قرية تقع بالقرب من سد تشرين، ولقد أخبرني بأنهم أحسنوا معاملة الناس واكتفوا بملاحقة أعضاء داعش. ولكن كما هو الحال مع أغلبية السوريين، تستقطب سكان الرقة العديد من القضايا بما في ذلك التحالف الذي يقوده الأكراد.
وكدليل على قوة الانقسام، فإن التحالف الذي يدعمه الجاسم قتل ابن عمه الذي كان يعمل مصورا في الخطوط الامامية لوكالة "أعماق" الدعائية التابعة لداعش. ولم يشعر الجاسم بأي حزن لمقتل ابن عمه. ففي النهاية لقد تسلل من هذا المكان عند أول فرصة.
وتتركز الأنظار على مرحلة ما بعد داعش في غضون الهجمات التي تجري في الرقة والموصل بسبب انحسار قوات التنظيم. المدينتان - مثل باقي أراضي داعش - ذات أغلبية سنية عربية، والعنصر السني العربي ليس ممثلا كما يجب في قوات التحالف وغالبا ما يقع عرضة للاتهام بالفظائع التي ارتكبتها داعش، والذي يصوّر نفسه على أنه "بطل" الدفاع عن القضية السنية.
وحقيقة أن مقاتلي داعش يختبئون بين المدنيين ويستخدمونهم كدروع بشرية يجعل من الصعب التمييز بين المقاتل والمدني.
وتعد غالبية قوات التحرير في الرقة من الأكراد. وفي موصل العراقية أغلب قوات التحرير من الاكراد والشيعة، مما يزيد من مخاوف أهالي المدينتين من احتمالية حدوث تطهير عرقي وانتقام طائفي بعد الإطاحة بداعش. ولقد كانت الرقة موطنا للآلاف من الأكراد الذين عاشوا جنبا الى جنب مع العرب، الا أن الحرب شتتت الإحساس بالانتماء إلى هذا المجتمع.
ولهذا فإن التخلص من داعش دون وضع حكم بديل فعّال سيؤدي إلى حدوث توترات. وتجدد عدم الاستقرار سيمهد لعودة داعش، وهي مجموعة تزدهر في أوقات العنف والفوضى. في حين لايزال هجوم الموصل في بداياته، بدأت تقارير عن ارتكاب جرائم حرب في الظهور. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت منظمة العفو الدولية "أمنستي" أن رجالا يرتدون زي الشرطة العراقية كانوا يرتكبون أعمال تعذيب وقتل دون وجه حق للقرويين "بدم بارد". وقد نفت الشرطة الاتحادية العراقية أي تورط في عمليات قتل غير قانونية.
وفي الأسبوع الماضي نشرت منظمة هيومن رايتس تقريرا تتهم فيه قوات البيشمركة بتدمير منازل العرب في محاولة لضم المنطقة كجزء من منطقة الحكم الذاتي الكردية، ولقد نفى المسؤولون الأكراد بشدة تلك الاتهامات.
يجب على الولايات المتحدة وغيرها من الكيانات الداعمة للتحالف الضغط على حلفائها للتصرف بمسؤولية لمنع هذه الانتهاكات الخطيرة، والتي تهدد بتأجيج الحرب الطائفية على نطاق أوسع. ولا تخفى هذه الفتنة العرقية والمذهبية في المنطقة على المسؤولون وصانعو السياسات، وتجاهلها لن يجدي نفعا. ينبغي على السكان العيش بسلام عندما يحتفلون بنهاية حكم داعش الوحشي.