بعد مرور 10 سنوات.. عراقيون يحكون لـCNN ذكرياتهم من يوم إعدام صدام حسين
أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- صباح عيد الأضحى في 30 ديسمبر/ كانون الأول عام 2006، أُعدم الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، لارتكابه جرائم ضد الإنسانية.
إنه يوم سيكون إلى الأبد راسخاً في ذاكرة العراقيين الذين شاهدوا زعيمهم الذي لا يرحم يمشي نحو المشنقة وحبل المشنقة حول عنقه يُشد.
واتُهم حسين الذي حكم العراق في الفترة من 1979 حتى الاطاحة به واعتقاله من قبل قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة عام 2003، من قبل محكمة عراقية بارتكاب العديد من المجازر خلال فترة حكمه. وشمل ذلك مذبحة الشيعة عام 1982 في بلدة الدجيل ومجزرة "حلبجة" عام 1988، والذي استخدم فيها أسلحة كيماوية ضد بلدة كردية تجرأت على معارضته.
واحتفلت عائلات الضحايا بوفاته، في حين شعر عراقيون آخرون بحزن عميق بسبب اللقطات الصارخة لرجل ضعيف كان يوماً رئيساً لبلادهم.
وتحدث عدد من العراقيين، كثير منهم كانوا أطفالاً في عام 2006، لشبكة CNN حول ذكرياتهم ومشاعرهم في يوم إعدام صدام حسين قبل 10 عاماً.
أمينة أحمد، 27 عاماً:
كانت أحمد في منزلها في الموصل عندما أُعدم صدام حسين. في حين تعتقد أن الرئيس المخلوع كان ديكتاتوراً، شعرت أن شنقه كان عقابا لجميع العراقيين. أحمد، عاملة إغاثة، تعيش الآن في أربيل بعدما سيطر تنظيم "داعش" على مدينتها قبل عامين. هذا ما تتذكره من اليوم الذي أعدم صدام فيه:
"كنت صغيرة السن. لم يكن لدي أي اهتمام بالسياسة. بالتأكيد شعرت بالحزن الشديد. بدأت في البكاء لأنه لم يكن عن صدام نفسه ولكنني شعرت أنهم أعدموا العراق. وأنا أعرف أن صدام حسين كان ديكتاتوراً إن كنا صادقين، ولكن لأنه كان يمثل العراق، وكان رئيساً للعراق. عندما تأتي بلدان أخرى وتُطيح بـ[صدام] وتعدمه، كنت أشعر بأن هذا كل شيء، انتهى العراق. قاموا بإعدام الرئيس، كان يمثل بلدك وهذا نوع من الإهانة لبلدك."
"كان نفس الشعور (الذي شعرت به) عندما دخل الجيش الأمريكي بغداد. كان هناك تمثال ضخم لصدام. مسح واحد من الجنود الأمريكيين وجه صدام بالعلم الأمريكي وأسقطه. كلنا كنا نفكر: ’من هو هذا الشخص ليُسقط التمثال؟ هذا بلدنا، هذا شأننا نحن‘. لم نطلب أياً من هذا. وأعلم أننا كنا نعيش في ظل دكتاتور، لكننا لم نطلب من أي شخص أن يأتي ويفعل هذا الضرر ببلدنا."
زايد رضا، 23 عاماً:
يعيش رضا في الديوانية، وهي مدينة ذات أغلبية شيعية تقع على بعد حوالي 100 كيلومتر جنوبي بغداد. وكان في الثالثة عشر من عمره عندما أُعدم صدام.
"أتذكر أنني استيقظت ووجدت والدي يشاهد قناة العربية على التلفزيون، وكانت هناك مشاهد حية لإعدام صدام حسين. قلت: ’ماذا؟! حان اليوم أخيراً.‘ لم يكن أحد يمكن أن يصدق في أي وقت مضى أن (يأتي هذا اليوم)."
"كما أتذكر، كان يوماً خاصاً جداً، خاصة بالنسبة لوالدي وعائلتي. لقد عانينا كثيراً. أنا لا أعرف كيف أصف ذلك، ولكن فرحة الجميع كانت هائلة."
"لذلك كان الجميع في الشارع، وكان الجميع يطلقون النار (أعيرة نارية في الهواء) للاحتفال. وكان الجميع يبتسم.. لذلك كان يوماً خاصاً."
"والدي وعائلتي شعروا بأن صدام حسين لم يُعاقب بما فيه الكفاية لجرائمه. لديه العديد والعديد من الجرائم الفظيعة. ليس فقط بحق العراق، ولكن أيضا بحق البلدان المجاورة لنا."
"في الكتاب الذي درسناه في المدرسة الابتدائية، كان في الصفحة الأولى دائما وجه صدام. بين كل 10 إلى 15 صفحة كان هناك اقتباس لصدام حسين.. وعندما سقط النظام، قلت واو، لن اضطر لرؤية وجهه مرة أخرى."
نعيم الزبيدي، 41 عاماً:
الزبيدي هو طبيب ومحاضر في جامعة الكوفة في النجف وسط العراق. وكان يبلغ من العمر 31 عاماً عندما أعدم صدام حسين. ويتذكر أجواءً احتفالية في المدينة التي تعتبر واحدة من الأكثر قداسة للشيعة الذين كانوا يتعرضون لقمع وحشي في ظل حكم صدام.
"يوم التنفيذ، كان عطلة، لذلك كنت في المنزل. كانت هناك روح احتفالية ساحقة، وخصوصاً هنا، كما يمكن أن تتوقع، في النجف، واحدة من المدن التي عانت أكثر من غيرها من النظام القمعي المستبد لصدام. كان هناك إطلاق نار (في الهواء). هذا من عادة العراقيين في كل مكان للاحتفال."
"هذا كان الانطباع الأول، ولكن في وقت لاحق، عندما جاء الفيديو الأول للإعدام على شاشة التلفزيون، بالنسبة لي، كان مخيبا للآمال."
"كان صدام مجرماً، استحق الموت، ولكن بطريقة تحقق العدالة للضحايا. ليس بهذه الطريقة التي تم عرضها على شاشة التلفزيون العراقي في ذلك اليوم."
"في تلك اللحظة كنت اتذكر الناس الذين عانوا من صدام حسين.. الناس الذين كنت ترغب بأن يكونوا معك ويشهدوا نهاية الديكتاتور. كنت من عائلة لم يكن لديها أي علاقات مع السياسة.. كنا عائلة عراقية عادية، ولكن كان لنا أيضا حصتنا من المعاناة بسبب صدام. لذلك، كانت هناك دموع في الأسرة، كان هناك بكاء."
سرود أحمد، 41 عاماً:
في ذلك اليوم في عام 2006 أحمد، وهي ناشطة كردية لحقوق الإنسان، وكانت في حلبجة، المدينة التي كان صدام ضربها بالأسلحة الكيماوية. تقول إن الناس شعرت في ذلك اليوم أنه تلقى العقاب عن المعاناة التي كبدها، ولكنها صُدمت كيف أظهر وسائل الإعلام موت صدام.
"كمدافعة عن حقوق الإنسان وعضو في (المجتمع الكردي)، يؤلمني أن أتحدث عن هذا لأنني كنت واحدة من الناس الذين نزحوا خلال نظام صدام. لقد فقدت ثلاثة من أفراد عائلتي."
"من ناحية أخرى، عندما ننظر الآن إلى المجتمع وكيف كان من قبل مقارنة بالآن - في الماضي كان لدينا عدو واحد، ولكن الآن لدينا مئات الأعداء ولا نعرف من هم أعداؤنا."
"ولكن ما نحصده الآن هو من (صدام)، لأنه زرع هذا خلال فترة عمله. إنه خلق الكراهية بين الشيعة والعرب والسنة وأحضر العرب لقتل الشعب الكردي، وجلب السنة لقتل الشيعة. كانت تلك خطته على المدى الطويل."
"لم أكن أحب الطريقة التي (حكم بها صدام) والطريقة التي أعدم بها. رغم كل ما مررت به، لم يعجبني كيف أظهرت وسائل الإعلام (تنفيذ الحكم). فقد كان زعيمنا لفترة من الزمن."
"للأسف في ذلك اليوم كنت في حلبجة، المدينة (حيث تعرض الناس لإطلاق الغاز) من الأسلحة الكيميائية. رأيت الناس فرحوا بذلك. كانوا سعداء للغاية لأنهم شعروا أنهم استعادوا حقوقهم في ذلك اليوم. (وقالوا) هذا هو قرار المحكمة وهذا هو القرار الصحيح. ذهبت أيضا إلى السليمانية (منطقة كردية أخرى) في ذلك اليوم، وكان الناس يحتفلون."
"ولكن أنا شخصياً صُدمت به."
نيفين، 28 عاماً:
نيفين، مسيحية كاثوليكية من بغداد، كان عمرها 18 عاماً عندما أعدم صدام. غادرت العراق بعد عامين، في 2008، وتعيش الآن في ولاية نيوهامبشاير الأمريكية. قالت إنها لا تريد نشر اسم عائلتها.
"كنت في المنزل.. لم أذهب إلى أي مكان. عندما أُعدم، شاهدنا جميعاً ذلك على شاشة التلفزيون. كنا في الواقع غير راضين عن إعدامه. عندما بُث على شاشة التلفزيون، لم يُبث كل شيء.. لذلك ما فعلناه، هو أننا ذهبنا على شبكة الإنترنت، وشاهدنا إعدامه على الانترنت. لم نكن سعداء. أغلب عائلتي كانت تبكي أثناء إعدامه."
"صدام حسين لم يؤذيني أو عائلتي. وكان أفضل شيء حدث على الإطلاق في العراق وسيكون أفضل شيء سيحدث للعراق في أي وقت.. فعل بعض الأشياء المرعبة التي لم يكن ينبغي له القيام بها، وأنا لا أوافق على ذلك، ولكن في الوقت نفسه، فإن الشعب العراقي بحاجة إلى شخص مثل صدام حسين ليحكمه. لأنه كما ترون الآن - لا يوجد أحد في السلطة في العراق وترون ما يحدث فيه."
"أنا وعائلتي لسنا مسلمين، نحن من الكاثوليك، مسيحيون كاثوليكيون. وصدام حسين لم يكن يسمح لأحد أن يمس أي شخص مسيحي أو كاثوليكي.. الآن كل ما يحاولون القيام به هو في الأساس قتل الناس الكاثوليكية المسيحية، وطردهم، والتعامل معهم.. لا يعاملوننا مثل البشر، إنهم يقتلوننا، إنهم يطردونا من منازلنا. لم يحدث هذا عندما كان صدام حسين في السلطة، ولذلك بطبيعة الحال، سأنزعج."