بعد أعوام من الصراع.. هل يحمل 2017 بداية انفراج الأزمة الليبية؟
ليبيا (CNN)— مرّ عام 2016 في ليبيا من دون أن تتمكن المجهودات الدولية والوساطات الإقليمية والاتفاق السياسي الأممي من تجاوز الأزمة السياسية في ليبيا حيث أخفقت كلها في إيجاد حلول لها، لكن مع نهاية هذا العام طرأت بعض التغيرات على المشهد سواء من الخارج أو الداخل تتفق كلها على ضرورة إيجاد تسوية سياسية لحالة الإنقسام الموجودة في البلاد، فهل تكون 2017 سنة المصالحة والسلام في ليبيا؟
ومنذ تحرير مدينة سرت من تنظيم "داعش" ألقت الدول الكبرى اهتماما واسعا بالملف الليبي خاصة دول الجوار التي تحركت بكل بثقلها السياسي وضاعفت من تحركاتها الدبلوماسية في اتجاه دفع الليبيين إلى الحوار والتوافق حول نقاط الاختلاف بما يسّهل الوصول إلى تسوية للمأزق الراهن الذي أصبح يقلق المجتمع الدولي.
تحركات لخصّها وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي في تصريح أكد فيه، "وجود تنسيق قوي بين مصر وتونس والجزائر لإيجاد حل سياسي في ليبيا لأنها الدول التي تمتلك الفاعلية الأكبر في حل الأزمة الليبية وهي المتضرر الرئيسي لما يحدث في جوارها"
وتسعى تونس مطلع هذا العام إلى عقد قمة ثلاثية بينها وبين مصر و الجزائر وبحضور مختلف الأطراف الليبية لبحث الخطوط العريضة للنزاع وفتح قنوات تواصل وحوار بين الشقين المتنازعين من أجل التوصل إلى تسوية سلمية وخيارات تضع حدا لحالة الانقسام التي باتت تميّز الليبيين منذ أكثر من 5 سنوات.
ولأجل ذلك تواصل الجزائر جهودها، حيث ضاعفت في الفترة الأخيرة من نشاطها الدبلوماسي لصالح الأزمة الليبية من أجل إنهائها والذي برز من خلال الاتصالات التي تكثفت بين مسؤوليها وبين الفاعلين السياسيين الليبيين أبرزهم الجنرال خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج والتي تسعى إلى جمعهم على طاولة واحدة هذا الأسبوع.
وإقليميا دائما، تستعد لجنة الوساطة في أزمة ليبيا التابعة الاتحاد الأفريقي بدورها للتوجه قريبا للعاصمة طرابلس ومدينة طبرق لبحث نقاط الخلاف بين الفرقاء ومحاولة حلها وإيجاد صيغ لتجاوزها من أجل دعم البلاد نحو الاستقرار.
من جهتها اتفقت مواقف الدول الغربية تجاه الملف الليبي حيث عبرت عن رفضها أية محاولة للصراع العسكري من أجل حسم المعركة، مقابل تمسكها بدعم الحوار بين مختلف الأطراف المتنازعة في ليبيا حتى الوصول إلى حل للأزمة.
وفي المقابل عرفت الساحة الليبية بعض التغيرات في المواقف حيث أبدت أغلب الاطراف بمختلف توجهاتها وانتماءاتها والتي ظلت خلال 2016 متمسكة بمواقفها بعض المرونة، وأبدت استعدادها للجلوس على طاولة الحوار لاحتواء الأزمة فيما بينهم وهو مؤشر يظهر وجود رغبة حقيقية من الليبيين لبدء مصالحة حقيقية وتجاوز الخلافات .
في هذا الجانب أكد فايز السراج في تصريح سابق أنه "مستعد للحوار مع كل الفرقاء ومن يختلف معه من كل أبناء الوطن، سواء كانوا من أنصار سبتمبر أو فبراير والجلوس معهم على طاولة واحدة لمواجهة كل المشاكل" مضيفا أنه "يراهن على وطنية الجميع"، في حين أعلن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أنه "سيتم عقد جلسة للمجلس لمناقشة النقاط محل الخلاف والعمل على تسويتها دون إقصاء أو تهميش".
ولا يستبعد مراقبون أن تسفر هذه التحركات والاتصالات السياسية بين الفرقاء الليبيين والتغير في المواقف الداخلية عن فرص أكبر للخروج من المأزق السياسي الذي تعيشه البلاد في هذا العام الجديد.
الناشط السياسي فرج فركاش توقع أن تشهد سنة 2017 انفراجا في الأزمة السياسية الليبية وكسر للجمود الحاصل بفضل الضغوطات المصرية والجهود الجزائرية والدور التونسي في التواصل بين مختلف الأطراف.
وأضاف لـCNN بالعربية قائلا " الكل أصبح يدرك أن الحل لا يمكن أن يكون إلاّ سياسيا وأن الحسم العسكري شبه مستحيل لأن زعزعة الاستقرار في ليبيا سيؤثر سلبا على دول الجوار و على جنوب أوروبا وأن إنهاء الإنقسام السياسي و توحيد القوى هو السبيل للمضي قدما و بطريقة تضمن عدم تغول طرف على آخر، صحيح قد تستغرق المفاوضات بعض الوقت لكن سنرى قريبا الفرج".
وفركاش ليس وحده متفائلا بما ستحمله السنة الجديدة من جديد لبلاده، العديد من الليبيين يحملون نفس المشاعر، حيث يرى رضا بن عبيد من مدينة الزاوية، أن فكرة المصالحة أصبحت مطروحة بقوة في ليبيا أكثر من أي وقت مضى، مشيرا أنه بالإلتفاف الدولي الحالي حول ليبيا أصبح الطريق ممهدا أكثر لبداية سياسية جديدة في البلاد.
وختم لـCNN قائلا" صراحة حان الوقت للوحدة والسلام بين كل الأطراف الليبية، الشعب عانى بما يكفي من الأزمات السياسية والاقتصادية والصراع اليومي، لم تعد لنا طاقة لتحمّل المزيد، يكفي".