رأي.. "إنترنت الأشياء تدعم التواصل البشري"
هذا المقال بقلم أحمد بن بيات، رئيس مجلس إدارة شركة "دو"، الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعكس بأي حال وجهة نظر لـ CNN.
يشهد العالم اليوم تطورات متسارعة في كافة المجالات ومع ذلك فلا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجه البشرية، ولكن، دعونا نتخيل سوياً عالماً خالياً من طوابير الانتظار في المطارات أو البنوك أو مراكز خدمة العملاء في المؤسسات الحكومية أو القطاع الخاص. تخيلوا معي عالماً خالياً من الازدحام المروري على الطرقات السريعة، في هذا العالم، للمركبات القدرة على تفادي كافة حوادث السير. في اللحظة التي يتحول فيها هذا الخيال إلى واقع، نقول لكم "مرحباً بكم في المستقبل".
يقر الجميع بأن توفر وسائل التكنولوجيا والتواصل المتنقل قد غيرت من نمط حياتنا بشكل جذري على مدار العقد الماضي، فقد خلق أسلوب الاتصال المتطور هذا ثورة في الطريقة التي نتواصل بها مع بعضنا البعض، ثورة في كيفية عمليات الشراء، وحتى في كيفية إجراء البحوث. ستتغير حياتنا بلا شك إذ نحن ندخل عصر إنترنت الأشياء الذي أصبح حقيقة واقعية ومتاحة على نحو متزايد. حيث سيعزز إنترنت الأشياء من الصلات الإنسانية وأنماط حياة الناس بكل تأكيد. وهذا ما نسعى لتحقيقه في دبي.
وفقا لتقرير صادر عن "جونيبر للبحوث"، سيبلغ في عام 2020 عدد الأجهزة المستخدمة المتصلة ببعضها عبر انترنت الأشياء 38.5 مليار جهازاً، ما يمثل ارتفاعا ملحوظا عن عدد الأجهزة المتصلة في عام 2015 الذي بلغ 13.4 ملياراً مما يمثل زيادة تبلغ 285%. وبكل تأكيد فإن مستوى التواصل هذا سيفتح أبواباً جديدة لعملية جمع البيانات وتحليلها، مما سيساهم بدوره بتوفير حياة أسهل وأفضل للجميع.
قد يهمك: كيف يمكن للتكنولوجيا التركيز على مصلحة البشر؟ الإمارات قد تملك الإجابة
قد يسأل البعض كيف يتم ذلك؟ إن هذه التكنولوجيا ستفتح المجال في دبي وحول العالم أمام فرص جديدة غير متوفرة للقادة ومسؤولي التخطيط المدني، مما يساهم في تقديم خدمات أفضل بشكل كبير للسكان والزائرين. حيث ستقدم هذه التكنولوجيا حلولاً تعمل على تسهيل نمط حياتنا من خلال تمكين متخذي القرار من سرعة اتخاذها، ورفع كفاءة استخدام الموارد، وتكريس بنية تحتية أكثر تطوراً، وتحقيق تقدم كبير في أمن المعلومات والأفراد.وكما تعلمون فقد كانت دبي على مدى العقدين الماضيين سباقة في إنشاء بنية تحتية فائقة التطور لتعزيز قدرتها التنافسية على المستوى العالمي. ومساعينا اليوم للتحول إلى "مدينة ذكية" نموذجية يستند أساساً إلى مبادرة "دبي الذكية" الرائدة التي أطلقتها الحكومة. وحالياً نستعد لاستضافة معرض إكسبو العالمي 2020 الذي من المتوقع أن تستقطب المدينة خلاله نحو 25 مليون زائراً، وعليه، فمن الضروري أن تكون بنيتنا التحتية وخدماتنا على أتم الجاهزية والاستعداد لاستقبال العدد الكبير من الزوار مستقبلاً. وقد حرصنا على أن تشكل تكنولوجيا ’المدينة الذكية‘ و إنترنت الأشياء‘ عنصران أساسيان في المخطط العام للمدينة لعام 2020.
أيضاً: قريبا في دبي.. روبوت للمساعدة والخدمة وتقديم الطعام أيضاً
إن تبني التقنيات الذكية القائمة على’إنترنت الأشياء‘ سيسهم في طرح 100 مبادرة ذكية و1000 خدمة ذكية للمقيمين والزوار في دبي على مدى السنوات الثلاث المقبلة. وإذ تقترب دبي أكثر فأكثر من تحقيق هدفها بشأن إرساء معايير رائدة في تطبيق تقنيات "إنترنت الأشياء" والتحول إلى "مدينة ذكية"، فإن تلك التوجهات ستكون المحاور الرئيسية للتخطيط والتنفيذ وقياس التأثير في المستقبل بما سيساهم في خلق فرص جديدة لتعزيز التنافسية العالمية لدبي، وتحسين نوعية الحياة للمواطنين والمقيمين فيها على حد سواء.
في الواقع، إن دبي ملتزمة أكثر من أي وقت مضى بتقديم قيمة مضافة للقطاعين العام والخاص والأفراد في آن معاً لاغتنام الفرص التي ينطوي عليها هذا التحول، فتطبيق ونشر تكنولوجيا الأشياء سيؤدي إلى ضخ 17.9 مليار درهم في اقتصاد دبي، وهذا التحول سيوفر بكل تأكيد المزيد من فرص النمو والتطور لكلا القطاعين العام والخاص.
وحيث أن الابتكار يعتبر عنوان الساعة في دولة الإمارات ويمثل المحرك الرئيسي للاقتصاد المبني على المعرفة والمجتمع ككل، وعبر ريادة الأعمال الداعمة للابتكار فإن القطاع الخاص سيكون أكبر المستفيدين في ضوء التوقعات بأن تصل قيمة مشاريع التكنولوجيا إلى 13.6 مليار درهم، الأمر الذي من شأنه تعزيز وتشجيع توجه رواد الأعمال نحو اغتنام الفرص المتاحة للارتقاء بمشاريعهم في مختلف القطاعات بشكل مبتكر، ليصبحوا مساهمين رئيسيين في بناء اقتصادنا المعرفي.
وتالياً، فإن الابتكارات في عالم إنترنت الأشياء تهدف في جوهرها الى إسعاد الناس. وفي دبي، ستسهم تلك الابتكارات في الارتقاء بإيقاع الحياة وتوفير الراحة لكافة المقيمين والزوار. حيث تمتاز تقنية إنترنت الأشياء بمرونتها لتتلاءم مع خصوصية كل فرد، فهي تجمع وتحلل سلسلة من البيانات المحورية التي تساعد في تصميم منظومة الخدمات ووضع الحلول الملائمة للاحتياجات المتنوعة والخاصة بسكان المدينة. إن المباني الذكية على سبيل المثال وكجزء من تلك المنظومة تسمح لقاطنيها بالارتقاء بكيفية إدارة فواتير الخدمات العامة والتكييف وإدارة المرافق.
و.. شاشات تلفزة تتسع في جيبك وملاعق وثياب متصلة بالإنترنت.. أغرب الأدوات التكنولوجية لعام 2016
وفي الواقع، يسمح إنترنت الأشياء بتوفير مجموعة من الحلول المبتكرة مثل العدادات الذكية، ونظم مراقبة مخزون السلع، ومراقبة أجهزة البيع بالقطع النقدية، وصناعة السيارات، وتطبيقات الخدمات العامة، وأنظمة إنارة الشوارع، وإدارة النفايات، وأجهزة استشعار الأوزان للجسور، وأنظمة حركة المرور، وسواها. ولكم أن تتخيلوا بأن المدينة التي تنعم بهذه الابتكارات، هي حتماً مدينة ينعم فيها الجميع بحياة مريحة لأنها تزخر بكافة التسهيلات العصرية التي يحتاجها الأفراد والمؤسسات الخاصة والحكومية. وحديثنا هنا عن دبي.
ولضمان نجاح توجهات الحكومة في هذا الإطار، فإن عملية تنسيق البيانات تمثل عنصراً أساسياً لنجاح تطبيق إنترنت الأشياء، وتعمل مدينة دبي الذكية مع شركائها على وضع الأسس لما سيكون أكثر من مبادرة شمولية وطموحة في مجال البيانات. حيث أن التعاون المشترك بين جميع الجهات المعنية سيدعم عملية تطبيق إنترنت الأشياء في جميع أنحاء دبي. فرؤيتنا للمدينة الذكية لن تتحقق بدون شراكات قوية وتعاون بناء بين مختلف القطاعات.
إننا اليوم نعمل على تنفيذ تلك المبادرة لتحقيق الاستفادة القصوى من إنترنت الأشياء وخلق فرص جديدة وتجارب مرموقة لسكان وزوار دبي. وهدفنا أن تصبح دبي مثالاً عالمياً لتحول المدن الذكية، ورائدة في مجال تطبيق إنترنت الأشياء عالمياً. ونرى بأن مهمتنا هذه عاجلة للغاية ولا تحتمل أي انتظار أو تأخير وفقاً لفلسفة إمارة دبي ومنظومة نجاحاتها المتتابعة.