رأي... مؤسسة الفيفا لا تستحق سوى الفساد والفاسدين
هذا المقال كتبته سامية عايش، صحفية وناشطة إعلامية، وما ورد فيه يعبر عن رأي الكاتبة، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر الشبكة.
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كما توقع الكثيرون، فاز سيب بلاتر برئاسة خامسة للاتحاد الدولي لكرة القدم، على منافسه الوحيد الأمير علي بن الحسين، بـ73 صوتا للأمير و133 صوتا لبلاتر. كان من المفترض أن ينتقل التصويت إلى الجولة الثانية، غير أن علي بن الحسين ارتأى الانسحاب من السباق في تلك اللحظة.
بعد خروجه من مقر الفيفا، حيث تقام الانتخابات، سأل أحد الصحفيين الأمير علي بن الحسين عن سبب انسحابه، وعدم استمراره في السباق، برغم أنه كان من الممكن أن يحدث فرقا، ليجيبه علي بن الحسين بالقول إنه لا يريد أن يسبب أن أذى إضافي لـ 73 دولة شجاعة صوتت له، وأن المشوار بالنسبة له انتهى هنا.
بعد هذه التصريحات، خلصت لنتيجة واحدة، وهي أن مؤسسة الفيفا لا تستحق سوى الفاسدين (وأنا أتحدث عن المؤسسة لا اللعبة، فاللعبة ضحية لألاعيب هؤلاء وصفقاتهم). فمن الواضح أن الفساد بات مستشريا في تلك المؤسسة لدرجة أن حتى حملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت عددا من رموز الفساد في المؤسسة، والتي توقع الكثيرون أن تقلب المعادلة، لم تؤثر في النتيجة بشيء.
وإن لم يتم إزاحة رأس الأفعى، الذي يدعي عدم علمه بجميع صفقات الاحتيال والابتزاز وغسيل الأموال، فمشوار الفساد والسرقات مستمر ولن يتوقف. ولا نتحدث هنا عن بضع مئات أو آلاف من الدولارات التي قد تقدم لحكم أو لاعب أو فريق فني، بل نتحدث عن مليارات من الدولارات، التي قد تبلغ حد أن تكون ميزانية لدولة صغيرة في أفريقيا أو آسيا.
أربع مرات سابقا وقف بلاتر نفس الوقفة وفي نفس المكان، وتشدق بنفس الخطاب: الإصلاح، والتخلص من الفساد، وتطوير كرة القدم، فماذا حصل؟ لا جديد. كلها عبارات وشعارات انتخابية تتبخر وتذهب إلى غير رجعة.
العرب بالذات كانت أمامهم فرصة ذهبية من أجل تقديم ممثل عربي يشرفهم، وإحداث التغيير والتنظيف في المؤسسة الدولية، ولكن حتى تلك خسرناها وفوتناها. لن أتحدث عن التحالفات التي تناولتها وسائل الإعلام كثيرا بين بلاتر والشيخ أحمد الفهد، والشيخ سلمان بن ابراهيم آل خليفة، رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ودعمهما المطلق لبلاتر، فهذه أمور يعرفها الجميع.
ولكن عليهما أن يدركا أمرا واحدا، هذا المرشح الذي يدعمانه، ويبيض ذهبا لهما، لن يدوم، سيأتي يوم ويذهب إلى غير رجعة، ربما إلى السجن، ربما إلى منزله، ربما إلى مكان آخر. والدول التي صوتت للنزاهة والشفافية بالأمس سيزيد عددها، وستدرك أن ما يجري من فساد ومحسوبيات لن يفيدها أبدا، وأن الفائدة يجب أن تنصب نحو كرة القدم نفسها وليس الأشخاص والمؤسسات.
فليهنأ بلاتر لوقت قصير بمنصبه الذي احتفظ به، ولكن الأيام المقبلة قد تكشف عن مفاجآت لا نعرفها، تصب في مصلحة الساحرة المستديرة.