تيسلا تقترب من إنتاج سيارة كهربائية أقل ثمناً وأكثر كفاءة
هذا المقال من اعداد موقع كارمودي المتخصص بالسيارات، حول توصل استخدام مادة السيليكون في بطاريات السيارات، الأمر الذي قد يغير مستقبل صناعة السيارات الكهربائية كلياً، والآراء الواردة فيه لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.
مادة السيليكون ومستقبل البطاريات الكهربائية
لطالما سعت شركة السيارات الأمريكية "تيسلا" لتطوير سيارات كهربائية لتصبح أقل ثمناً وتصل إلى الجميع، حيث قامت مؤخراً بإعلانها عن بناء مصنع ضخم في مدينة رينو الأمريكية بكلفة 5 مليار دولار بهدف تقليل كلفة طاقة الكيلو واط/ساعة في بطاريات ليثيوم-أيون الكهربائية الخاصة بها بنسبة 30% في نهاية عام 2017.
وتسعى العديد من الشركات الأخرى إلى تطوير وعرض نماذج واعدة لسيارات أقل ثمناً وبطاريات ذات سعة أكبر، ولكن تيسلا تحتل الصدارة في ذلك من خلال اتباعها لعدة طرق ودراسات مكثفة تحرص عليها الشركة من أجل الوصول إلى هدفها الرئيسي وهو إنتاج سيارة كهربائية أقل ثمناً من سيارتها الفاخرة تيسلا موديل S (Tesla Model S) بنسبة 50..
فوفقا لتقرير قد أعده موقع كارمودي عن تيسلا موتورز وما أحدثته من ثورة في صناعة السيارات الكهربائية، فإن الشركة استطاعت أن تتوصل الى استخدام مادة السيليكون في بطاريات السيارات وهو ما سيغير مستقبل صناعة السيارات كلياً، وقد أعلنت تيسلا يوم الجمعة عن إنجازها الأخير وهو تطويرها لبطارية 90 كيلو واط/ساعة الكهربائية والتي تزيد من طاقة البطارية الكهربائية بنسبة 5% وتضيف ما يقارب الـ15 ميل لسياراتها، إلا أن استخدام مادة السيليكون سيكون أمراً أكثر تقدماً من تكنولوجيا بطاريات الليثيوم-أيون.
وقد صرح المدير التنفيذي لشركة تيسلا إلون ماسك في مكالمة مع الصحفيين الأسبوع الماضي أن تيسلا قد قامت بتطوير تكنولوجيا البطاريات من خلال تحويل الخلية الكهركيمائية إلى البطارية الكهربائية واستخدام مادة السيليكون في القطب الكهربائي السالب جزئياً.
ووفقاً لماسك فإن هذه الخطوة هي خطوة أولية بسيطة من خطة استخدام السيليكون في البطارية الكهربائية، وقد أضاف قائلاً: "ما زلنا نستخدم مادة الجرافيت الاصطناعية بشكل أساسي، ولكننا سنقوم بزيادة استخدامنا لمادة السيليكون تدريجياً في المستقبل."
وتعتبر هذه خطوة مهمة وتحدياً للشركات المصنعة للبطاريات بشكل عام ولشركة تيسلا بشكل خاص، حيث يمكن أن تكون الخطوة الأولى نحو بطاريات أفضل توفيراً للطاقة وأقل ثمناً في آن معاً.
وتعليقاً على الموضوع، قال رئيس الباحثين في إحدى شركات بطاريات الليثيوم-أيون الرائدة والبروفيسور في جامعة دالهاوسي في كندا جيف دان: "ما هذا إلا سباق بين صناع البطاريات في العالم لاستخدام مادة السيليكون بشكا أكبر واكتشاف أمور جديدة حول الموضوع." وقد أضاف جيف قائلاً والذي قد قام مؤخراً بتوقيع عقد شراكة حصري مع شركة تيسلا مؤخراً لمدة 5 سنوات: "إن عدد الباحيثن الذين يقومون بدراسة استخدام السيليكون في خلايا بطاريات الليثيوم-أيون حول العالم كبير جداً، ويعمل عدد كبير من الأكاديميين والمختصين بشكل جدي على هذا الموضوع."
كيفية عمل البطارية باستخدام السيليكون
تحتوي البطارية على قطبين: الأنود (القطب السالب) والكاثود (القطب الموجب)، وفي المنتصف هنالك الإلكتروليت والذي يقوم بنقل الأيونات بين القطبين عند الشحن والتفريغ. أما الجرافيت بدوره فهو يلعب دور الأنود أو القطب السالب في بطاريات الليثيوم-أيون التجارية، إلا أنّ أنود السيليكون يمكنه تخزين كمية أيونات ليثيوم أكثر بعشر مرات (لكل وحدة حجم)، لذلك يعتبر استخدام السيليكون في البطاريات الكهربائية من الاكتشافات التي يمكن أن تغير مجرى الأمور. نظرياً، إذا قمنا باستبدال كمية كبيرة من الجرافيت بكمية مناسبة من السيليكون، فإننا سنتخلص من سماكة الجرافيت في القطب السالب، مما سيتيح المجال لاستخدام المزيد من المواد الفعالة التي ستزيد من كمية الطاقة القابلة للتخزين في البطارية لكل خلية.
إن طريقة عمل البطارية هذه تتيح المجال لتخزين كمية إضافة من الطاقة في نفس المساحة السابقة، كما أن جودة السليكيون المستخدم في البطارية يمكن أن تكون أقل من تلك المستخدمة في الخلايا الشمسية أو الدوائر المتكاملة، مما يعني أن الكلفة ستكون قليلة، وكلما قمنا بزيادة استخدامنا لمادة السيليكون في البطارية تقل الكلفة بشكل إضافي. إن هذا ما تهدف له شركات تصنيع البطاريات بشكل عام: زيادة الجودة وتقليل الكلفة.
.رغم أن الموضوع يبدو سهلاً، إلا أنه ليس كذلك" قال دان معلقاً على الموضوع وهو الذي يعمل حالياً على مشروع بدعم من شركة 3. ومجلس الأبحاث الهندسية والعلوم الطبيعية الكندي بهدف تطوير خلايا ليثويوم-أيون ذات تكلفة أقل وعمل إضافي في البطاريات. وستبدأ الشراكة الحصرية مع شركة تيسلا في شهر يونيو من عام 2016، بعد أن يقوم دان بإتمام مشروعه مع شركة 3..
ما سبب صعوبة استخدام السيليكون في قطب البطارية؟
تكمن الصعوبة في هذا الموضوع عند إضافة الليثيوم إلى السيليكون، الأمر الذي يزيد عدد الذرات المستخدمة خمس أضعاف، مما يسبب العديد من المشاكل للخبراء.
لفهم الأمر بشكل بسيط، يقول دان موضحاً: "تخيل أن قطب البطارية هو غرفة وأن العديد من جزيئات القطب (أو الأشخاص) يجتمعون بداخله لحفلة ما، وتخيل الآن أن جميع من في الغرفة ازداد وزنهم بشكل مفاجئ، الأمر الذي لن يتيح لهم البقاء في هذه الغرفة بعد الآن كونها لن تتسع لهم." ويضيف دان قائلاً: "إن أصبح وزن جميع الموجودين في الداخل 400 باوند بشكل مفاجئ، فإننا نواجه مشكلة كبيرة."
ذلك هو سبب إضافة كمية قليلة من السيليكون إلى البطارية، حيث أن هناك مشكلة يجب حلها في البداية عند إضافة كمية كبيرة، ولكن إن تمت إضافة كمية قليلة من السيليكون فسيكون هنالك متسع لجميع الجزيئات للعمل بشكل طبيعي والتكيف مع الوضع الداخلي للقطب.
وتلك ليست المشكلة الوحيدة عن استخدام السيليكون، ولتوضيح الموضوع فلنعد لنتخيل تلك الغرفة (القطب) مرة أخرى. إن جزيئات القطب الموجودة في الداخل (الأشخاص) ستتقلص عند شحن البطارية وستنفجر عند تفريغها بسبب التغير المفاجئ على الأحجام. وهناك مشكلة أخرى أيضاً، وهي أن سطح جزيئات السيليكون يلامس الإلكتروليت بشكل دائم، كما أن الغشاء الرقيق من السيليكون يستمر في التمدد مع تغير حجم الجزيئات الداخلية، مما يؤثر على مدة عمل البطارية بسبب تفتت السيليكون. "هذا يعني أنه كل ما زدنا كمية السيليكون في البطارية تزداد صعوبة التحدي في الحفاظ على استمرارية عمل البطارية," يقول دان، وتلك هو ما يحاول مصنعو البطاريات والباحثون حله حالياً. ويكمل دان قائلاً: "عند وضع كمية قليلة حالياً فإن الأمور تعمل على ما يرام، وسنستمر على مدار السنوات في إضافة المزيد لنتطور المنتج ونزيد من جودته."
يهدف فريق الباحيثن الخاص بدان لزيادة الطاقة واستمرارية عمل خلايا الليثيوم-أيون على حد سواء، والذي قد يقلل من الكلفة في قطاع السيارات وفي شبكات تخزين الطاقة. ومن الجدير بالذكر أن هناك العديد من الشركات الأخرى حول العالم التي بدأت في اختبار وضع السيليكون في القطب السالب من البطارية ومعرفة طريقة تأثيره. ويقول دان أنّ الأمر لا يقتصر على الشركة الموردة لتيسلا باناسونيك، فهناك سامسونج وشركات أخرى عالمية بدأت في دراسة الموضوع.
ويقول سام جايف الباحث والمحلل القدير والرئيسي التنفيذي الحالي لشركة سيجنس المختصة بتخزين الطاقة: "إن معظم البطاريات المستخدمة في يومنا هذا تحتوي على كمية قليلة جداً من السيليكون، حتى تلك الموجودة في الأجهزة الكهربائية المختلفة."
وهنا نتساءل ما هي نسبة السيليكون التي تستخدمها تيسلا؟ إن النسبة المعتمدة في هذا القطاع عالمياً هي من 1 إلى 3% من السيليكون في البطارية الواحدة، ويعتقد جايف أن تيسلا قد استطاعت معرفة كيفية استخدام المزيد دون التأثير على أداء البطارية، حيث يضيف جايف قائلاً: "مع قيام تيسلا بتغيير مهم في كثافة الطاقة في البطارية وإعلانهم عن زيادة نسبة السيليكون في البطارية، فإنني أعتقد أنهم قد قاموا بأمر مهم أتاح لهم زيادة السيليكون في الخلية."
تيسلا موديل.وأهداف الشركة المستقبلية
صرح كارل براور كبير المحللين في شركة أبحاث السيارات وتقييمها Kelley Blue Book قائلاً: "هناك حافز كبير للاستمرار في تطوير تكنولوجيا البطاريات هذه لجميع العاملين في هذا القطاع، وقد كان على تيسلا أن تقوم بزيادة مساحة البطارية لموديل الدفع الرباعي القادم تيسلا موديل X (Tesla Model X) كونها أثقل وزناً، كما أن السيارة ستفقد بعضاً من قدرتها الوظيفية إن لم تقم تيسلا بذلك." ويعتقد براور أيضاً أن التركيز على تكنولوجيا البطاريات ليس لتطوير السيارات فحسب، بل لجعل شركة تيسلا مزوداً رئيسياً لهذه البطاريات في المستقبل.
ومع قيام العديد من الشركات الأخرى بتطوير أبحاث استخدام بطاريات ليثيوم-أيون أقل ثمناً وأكثر كفاءة في سياراتها، ومع المنافسة الكبيرة التي تخوضها الشركات لتطبيق هذه التكنولوجيا على شبكات الكهرباء السكنية والتجارية، فإن ما وصلت إليه تيسلا من تقدم قد يضعها في المرتبة الأولى في قطاع الطاقة الثوري الحديث.