في أبوظبي.. هكذا تدفع سيارات السباق من دون سائق حدود التكنولوجيا الذاتية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تجاوزت الضجة التي أُثيرت حول المركبات ذاتية القيادة حدود الواقع في بعض الأحيان.
ولسنوات عديدة، توقع الأشخاص أنّ استخدام السيارات ذاتية القيادة أصبح وشيكًا، ولكن قام العديد من الخبراء بخفض سقف توقعاتهم.
ولن يتم تحقيق التنفيذ الواسع النطاق للتكنولوجيا الذاتية خلال العِقد المقبل، وفقًا لتحليل صدر في أواخر عام 2023 عن شركة "S&P Global Mobility"، التي توفر نظرة ثاقبة على صناعة السيارات.
ولكن يرى المدير المؤسس لمركز جامعة خليفة للأنظمة الروبوتية ذاتية التحكم في جامعة خليفة (KUCARS) في أبوظبي، لاكمال سينيفيراتني، أنّ التنقل الذاتي يتمتع بمستقبلٍ مشرق.
وعمل سينيفيراتني في مجال الروبوتات منذ الثمانينيات، وتفاجأ بمدى سرعة تقدم التكنولوجيا الذاتية، إذ يرى ذلك خلال عمله اليومي في مركز "KUCARS"، حيث يعمل الباحثون على كل شيء، بدءًا من السيارات ذاتية القيادة، والطائرات من دون طيار، وصولًا إلى الروبوتات البحرية، والزراعية، والتصنيعية.
واتضحت تلك النقطة الشهر الماضي عندما شاركت جامعة خليفة في النسخة الافتتاحية من دوري أبوظبي للسباقات الذاتية، أو "A2RL"، والتي جعلت خبراء التكنولوجيا من جميع أنحاء العالم يواجهون بعضهم البعض في سلسلة من التحديات.
وكانت هناك سباقات أخرى للسيارات ذاتية القيادة من قبل، لكن كان "A2RL" أول حدث يتضمن سباقًا بين أربع سيارات ذاتية القيادة، بحسب ما ذكره المنظمون.
وقال سينيفيراتني لـCNN عبر مكالمة فيديو بعد الحدث: "لو سألتني عمّا إذا كنتُ سأرى سباقًا للسيارات ذاتية القيادة قبل 10 أو 15 عامًا ، لقلت: لا، ليس خلال حياتي".
وأضاف أنّ "رؤية كيف تطورت هذه التكنولوجيا أمر رائع".
مجال صعب للغاية
ولم تتمكن جامعة خليفة، التي عقدت شراكة مع معهد بكين للتكنولوجيا لتشكيل فريق "Fly Eagle"، من الوصول إلى النهائي.
كذلك، لم يكن الأمر سلسًا تمامًا بالنسبة للفرق الأربعة التي تنافست على حلبة مرسى ياس في أبوظبي، حيث أنهى سائق الفورمولا 1، ماكس فيرستابين، في نوفمبر/تشرين الثاني، موسمًا قياسيًا بفوزه في سباق جائزة أبوظبي الكبرى.
توقفت سيارة جامعة ميونيخ التقنية (TUM) على المسار قبل التمكن من إعادة تشغيلها، ودارت سيارة "فريق بوليموف" في دوائر بعد أن علقت إطاراتها. وبعد فترةٍ وجيزة، توقفت سيارة أخرى، ولم يتبق سوى مركبة جامعة ميونيخ التقنية.
ورغم أنّ سيارتها توقفت أيضًا خلال السباق، إلا أنّها فازت في النهاية.
لم يتفاجأ سينيفيراتني من الصعوبات، إذ أفاد أنّ بعض التحديات تتجاوز نطاق تكنولوجيا اليوم.
وشرح قائلًا: "مجال الروبوتات في العالم الحقيقي صعب للغاية، ولكن كان تشجيع المجتمع أمرًا جيدًا".
قال مدير فريق جامعة ميونيخ التقنية، سايمون هوفمان، لـ CNN إنّ مسابقات التقنيات ذاتية القيادة السابقة تنافست بوجود سيارتين فقط على المسار في الوقت ذاته، ونُظمت السباقات متعددة المركبات على مسارات بيضاوية.
وتتميز حلبة مرسى ياس بمنعطفات ضيقة وحادة، بينما المسار عبارة عن عنصر ثابت، ولكنه يحتوي على عناصر مدمجة لحلبات الشوارع.
أوضح هوفمان: "أعتقد أنّ القيام بذلك على مسارات الشوارع أكثر صعوبة فقد تكون أمامك منعطفات أكثر حدة، وقد تحتاج إلى استخدام المكابح عند المنعطفات. كما تشهد خلالها سرعات دلتا أعلى بين السيارات، ما يجعل الأمر أكثر صعوبة".
دفع حدود التكنولوجيا
واجهت الجهود المبذولة لإطلاق السيارات ذاتية القيادة على الطرق العامة عددًا من الانتكاسات، خاصةً نتيجة الاصطدام بعوائق غير متوقعة.
وفي عام 2018 على سبيل المثال، قَتَلت سيارة ذاتية القيادة تابعة لشركة "أوبر" امرأة كانت تدفع دراجتها عبر الشارع خارج ممر المشاة.
ولم تستطع السيارة التعرف على شخص يعبر الشارع خارج الممشى المخصص.
أما القدرة على إتقان ما يُسمى بـ"الحالات الشاذة"، أي المواقف التي يتم خلالها دفع التكنولوجيا إلى أقصى حدود قدرتها، ربما كنتيجةٍ لأحداث غير متوقعة وغير محتملة، ستكون مهمة للغاية قبل التمكن من اعتماد المركبات ذاتية القيادة على نطاق واسع.
قال بعض المراقبين، والمنظمين، والمشاركين إنّ الأحداث المشابهة لـ"AR2L"، والتي يمكن خلالها اختبار الحدود القصوى للتكنولوجيا، قد توفر مساحة تدريب مثمرة للسيارات ذاتية القيادة.
وأوضح سينيفيراتني: "إذا كان لديك سيارات أخرى، فكيف تتفاعل معها؟ كيف يمكنك تجاوزها بسرعة"؟
ويوافق هوفمان على ذلك، مؤكدًا أنه: "إذا تمكنا من تطوير برنامج قوي.. يعمل في هذه الظروف، وبسرعات عالية جدًا تماشيًا مع السيارات الأخرى.. سنتمكن من جعل برنامج القيادة الذاتية أكثر قوة وموثوقية، وفي النهاية، أكثر أمانًا للجميع".