شاهد المدن الأمريكية السرية حيث صُنعت القنبلة النووية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ما هو عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى بناء قنبلة ذرية؟ قد تتمثل الإجابة بـ125 ألف شخص، إذا كنت تحصي عدد السكان في ثلاث مدن أمريكية والتي بُنيت من الصفر في العام 1943 كجزء من مشروع مانهاتن.
وهذه المدن التي كانت أيضاَ بمثابة أرضية لاختبار مبادئ معمارية جديدة، هي لوس ألاموس في نيو مكسيكو، وأوك ريدج في تينيسي، وهانفورد/ريشلاند في ولاية واشنطن.
وبُنيت هذه المدن بسرية كاملة. إذ لم تكن موجودة على الخرائط، ولم يعرف أحد من سكانها أنهم كانوا يعملون على صنع قنبلة من نوع جديد.
لكن في السادس من آب / أغسطس 1945 ، عندما ألقيت القنبلة الملقبة ب "ليتل بوي" على مدينة هيروشيما اليابانية ، تم الكشف عن الطبيعة الحقيقية لهذه المدن للعالم وللناس الذين عاشوا فيها.
وقد صممت هذه المدن لاحتضان منشآت ضخمة لصقل المواد المشعة وبناء الأسلحة. وفي عام ١٩٤٢، بدأت حكومة الولايات المتحدة في الحصول على مساحات واسعة من الأرض لإقامة سكان هذه المدن.
وقال مارتن مولر، أمين معرض عاصمة واشنطن (المدن السرية: العمارة والتخطيط في مشروع مانهاتن)، إن "السرية مثيرة للإعجاب،" مضيفاً أن "الحكومة لم تعترف قبل الحرب بوجود هذه المدن."
أما اختيار هذه المواقع فلم يكن عشوائياً، إذ استغلت المواقع المختارة جميع الحواجز الطبيعية لتعزيز الأمن والسرية وكانت على بعد 25 إلى 35 ميلاً من المراكز السكانية الموجودة.
وكان السبب الرئيسي المعطى لضرورة انتقال الناس من بلداتهم يتمثل بخطط هدمها، ما جعل الناس يشعرون بالخوف ويهرعون للانتقال إلى أماكن أخرى.
ورغم أن مئات الأشخاص فقط كانوا يعرفون عن القنبلة النووية قبل سقوطها، إلا أن الأمر لم يُشرح لعشرات الآلاف الذين عاشوا وعملوا في المدن.
ورغم أنها بُنيت بسرعة، إلا أن المدن الثلاثة أثبتت أنها مضيافة. وكان عدد قليل من أماكن الإقامة يشبه الثكنات العسكرية أو المساكن المؤقتة.
وقال مويلر: "شعر قادة مشروع مانهاتن أنه حتى تسير الأمور بسلاسة، فإن العمال وخاصة العلماء والمهندسين بحاجة إلى الشعور بأنهم في وطنهم"، مضيفاً: "لذلك شرعوا في بناء منازل عائلية واحدة، طرق متعرجة ومجتمعات مخططة بمساحات خضراء. بعض الناس الذين كانوا يعيشون هناك ، حتى أثناء الحرب ، يتحدثون عن جمال المكان الذين عاشوا فيه."
وبينما استندت المبادئ المعمارية المستخدمة لتصميم المجتمعات الثلاثة على المفاهيم موجودة مثل المسكان الجاهزة، إلا أن هذه المدن كانت أرضاَ خضبة أيضاً لاختبار الأفكار الهندسية الناشئة.
ومع أن المدن كانت ستكون مجتمعات تقدمية كما أشار بعض الناس، إلا أن مشاكل عرقية ظهرت في بداية الطريق، إذ كان وُجد الفصل العنصري في المدن الثلاث، وتحديداً في هانفورد، بين العمال الأفارقة الأمريكيين واللاتينيين.
وعلى بعد ١٠٠ ميل من لوس ألاموس، وقع أول تفجير لقنبلة نووية في صحراء نيو مكسيكو في يوليو/تموز ١٩٤٥. وأطلق الفيزيائي الذي قاد مشروع مانهاتن روبرت أوبنهايمر، على القنبلة اختبار (ترينيتي). واستخدم أوبنهايمر القنبلة كوسيلة للتحقق من تصميم سلاح أكثر تعقيداً كان سيستخدم فيما بعد في القنبلة التي أُطلقت على ناغازاكي.
بعد أقل من شهر ، في السادس من أغسطس ، اًستخدمت القنبلة النووية وشاع السر.
وقال مولر: "أعلن الرئيس ترومان الهدف من المدن الثلاث السرية"، مشيراً إلى أنه كانت هناك مجموعة من ردود الأفعال بين السكان إذ شعر بعض الناس بالإثارة والفخر بأنهم عملوا على هذا السلاح الجديد الذي اعتقدوا أنه أنهى الحرب، فيما شعر آخرون بالرعب لاكتشاف أنهم كانوا جزء منه. وقُصفت ناغازاكي بعد ثلاثة أيام، في 9 آب/أغسطس.