بعيونها الواسعة.. ما الذي تكشفة لوحات المومياوات المصرية هذه عن أصحابها؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لطالما أثارت صور الـ"بورتريه" القديمة الخاصة بمومياوات مصر الكثير من الفضول، ولكن، تظل هناك الكثير من الأسئلة حولها، منذ أن اُكتُشفت في مدينة فيوم المصرية، بأواخر القرن التاسع عشر. وفي عام 2003، جعلت ماري سفوبودا، ومهمتها إصلاح وحفظ الأعمال الفنية، من أولوياتها كشف ألغازها.
وانضمت سفوبودا مؤخراً إلى متحف "غيتي" بلوس أنجلوس، وهناك، لفتت انتباهها مجموعة صغيرة تتكون من 16 عملاً.
وتعود تلك الأعمال المفصلة، التي تتميز بعيونها الواسعة، إلى 100 أو 250 عاماً قبل الحقبة العامة.
وكانت كل لوحة ترافق مومياء، إذ كانت تُلف حول وجه الميت.
وأدركت سفوبودا أن فحص هذه اللوحات سيكشف معلومات مهمة حول مجموعة من الأعمال الفنية، التي سبقت تقليد الرسم الغربي.
وأملت سفوبودا أيضاً الكشف عن جوانب من الثقافة المصرية المبكرة، لا سيما ما يتعلق بالهياكل التجارية، والاقتصادية، والاجتماعية للإمبراطورية، والتي لا تزال تفاصيلها غامضة.
ولكن، يتواجد هناك تقريباً ألف لوحة بورتريه للمومياوات حول العالم، واستلزمت سفوبودا معلومات تزيد عما يمكن لـ16 لوحة أن توفرها.
ولذلك، طورت سفوبودا مشروع بحث دولي متعدد المؤسسات لجمع البيانات، وأطلقت على المشروع اسم "APPEAR"، أو "Ancient Panel Paintings: Examination, Analysis, and Research".
ومنذ تأسيسه الرسمي في عام 2014، شاركت 41 مؤسسة لجمع معلومات حول 285 لوحة، أي قرابة ثلث جميع لوحات المومياوات المعروفة.
وكانت لوحات المومياوات قد أصبحت في طي النسيان، إذ كان تصنيفها يقع بين تقسيمات الفن الروماني والمصري.
وصُنعت هذه اللوحات في وقت امتزاج الثقافات بشكل كبير خلال الاحتلال الروماني، وهي تمثل التقاليد الجنائزية المصرية، وتجارب الرومان المزدهرة، وفن التصوير، وتقنيات الطلاء.
وقالت سفوبودا: "كان يُنظر إلى لوحات البورتريه للمومياوات على أنها أمر غريب، لأنه لم يعرف أحد حقاً ماذا يصنع منها. وهي لم تكن مصرية كلياً، ولم تكن كلاسيكية كلياً أيضاً، بل كانت الاثنين".
ومع استمرار المتاحف في توسيع قاعدة بيانات "APPEAR" بأبحاث جديدة، بدأت سفوبودا وزملائها استنتاج حقائق، مثل إضفاء الصفة الرسمية على ورش العمل الفنية خلال القرنين الأول والثالث، أي في الوقت الذي تم فيه إنشاء معظم لوحات المومياوات.
وكانت الاختبارات التي تستكشف التركيب المادي للوحات مثمرة بشكل خاص، في تحديد مناهج الرسامين.
وحددت عالمة تشريح الخشب والتي تشارك في مشروع "APPEAR"، كارولين كارترايت، أن 75% من اللوحات التي درستها كانت مرسومة على خشب الزيزفون، الذي لم يكن أصله من مصر، ويبدو أن رسامي المومياوات قاموا باستيراد المواد من شمال أوروبا.
وتم اتباع أصل صبغة حمراء مصنعة إلى جنوب إسبانيا، ما يشير إلى النطاق التجاري الواسع للإمبراطورية المصرية.
وكشفت مقارنة للمواد المستخدمة في اللوحات تفاصيل عن الشخص المرسوم، وبنية الطبقات الاجتماعية في مصر.
ومن المحتمل، أن استخدام مواد مثل أوراق الذهب يشير إلى رسم أشخاص أكثر ثراءً بالمقارنة بالأشخاص الذين تم رسمهم باستخدام أنواع طلاء أقل تكلفة.
وتعلمت سفوبودا وفريقها المزيد من خلال سؤال كان في بالهم لبعض الوقت، وهو: هل تم رسم لوحات البورتريه خلال حياة الشخصيات، أم بعد وفاتهم؟
وبشكل عام، تبين اللوحات أشخاصاً صغاراً في السن يبدوا أنهم في العشرينيات، والثلاثينيات، والأربعينيات من عمرهم، وتشير عيونهم الكبيرة والمبالغ فيها إلى الجهد المبذول من قبل الفنانين لتجسيد مظهر الشخص على قيد الحياة.
وتبين فحوصات التصوير المقطعي المحوسب التي استخدمت لدراسة المومياوات، عن أن أعمار المتوفين تتوافق غالباً مع اللوحات التي تمثلها.
وشرحت سفوبودا أن هذه النتائج "تدعم أيضاً الإحصاء السكاني آنذاك"، إذ كان معظم الأشخاص يموتون وهم صغار في السن.