مصور نيجيري يتحدى الصور النمطية في أفريقيا

نشر
5 دقائق قراءة
Credit: Noma Osula

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يتحدى المصور النيجيري، توما أوسولا، الفكرة المسيطرة حول قارة أفريقيا، حيث يستخدم الألوان كنقطة محورية في صور "البورتريه"، إذ أنها تبدو حية بقدر ما هي كئيبة. وغالباً ما تهيمن الألوان الفاقعة أو الأساسية، كخلفية في الصور أو في الأزياء التي ترتديها شخصياته.

محتوى إعلاني
صورة من مجموعة نوما أوسولاCredit: Noma Osula
محتوى إعلاني

ولكن في النطاق الأوسع للمشاهد، لا تشعر بحيوية تلك الصور رغم ألوانها. وفي غالبية الصور، لا تبتسم الشخصيات، أو تكون الوجوه بعيدة عن الكاميرا، أو مخفية وراء الأشياء. وعندما يواجهون العدسة، تحجب نظراتهم الشمسية، أو قبعاتهم وجوههم.

وقال أوسولا، والذي يبلغ من العمر 26 عاماً، في مقابلة عبر الهاتف: "إنها لعبة تناقضات وهذه واحدة من النقاط الرئيسية في عملي."

وقد لفت المصور الناشئ نظر "المجلة البريطانية للتصوير الفوتوغرافي"، التي أدرجته ضمن قائمة "Ones to Watch" لعام 2018؛ كما أبرز مصمم الأزياء جوناثان أندرسون صوره في معرض يناصر المواهب الناشئة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وولد أوسولا في مدينة لاغوس في نيجيريا، حيث يقيم في الآن ذاته، وكان مهتماً بالصور منذ أن علّم نفسه لأول مرة كيفية استخدام الكاميرا خلال سنته الأخيرة من الجامعة. ووجد في التصوير الفوتوغرافي وسيلة مناسبة للتعبير عن أفكاره، والاعتماد على تصوير مقنع لعرضها.

وقال أوسولا إن "التقاط صور لأشخاص وهم يرتدون ملابس ساطعة ويقومون بحركات أو إيماءات غريبة هي طريقتي في التعبير عما أرى حولي".

وأشار المصور النيجيري إلى استخدامه للألوان كمثال، إذ قال إن "الحياة في نيجيريا تقتصر إلى حد كبير على الألوان، بطريقة تختلف تماماً عن الغرب"، موضحاً أن "لدينا الكثير من الأنماط الحيوية من حولنا، من الملابس التي نرتديها إلى الأشياء التي نستخدمها."

كما تعكس قصص شخصياته أيضاً نظرة أوسولا الشخصية، إذ أوضح أن هذه الشخصيات "لا تتماشى مع الروايات السائدة بل تعارضها."

مجموعة "البورتريه" لعام 2016Credit: Noma Osula

وفي مجموعته لعام 2016 بعنوان "البورتريه" ، هناك إحدى الصور لرئيس محلي (وهو مصطلح يستخدم في نيجيريا للدلالة على أمير أو فرد معين في منصب تقليدي للسلطة) يرتدي زياً تقليدياً ويمضغ العلكة، ويرتدي نظارات شمسيه. ويتجلى التأثير الكلي بروح الدعابة في الصورة، وهي بعيدة كل البعد عما يطرح عادة في الصور التي تكون مخصصة للرجال في هذه المكانة.

صورة من مجموعة نومو أوسولاCredit: Noma Osula

وفي صورة أخرى، تقف امرأة ترتدي فستاناً أصفر اللون وترفع يدها، المزينة بخواتم ذهبية ثمينة، وتلمس وجهها، ولكن لا يمكننا رؤية وجهها، بسبب الحقيبة البلاستيكية الزرقاء التي تغطي رأسها بالكامل.

وقال أوسولا: "لم يهتم العارضين بما قد يفكر به الآخرون من خلال ظهورهما على هذا النحو"، مضيفاً: "لقد كانا مستعدان للتجربة، ولهذا قمت باختيارهما. لدينا الكثير من الأعراف الاجتماعية في نيجيريا وأفريقيا بشكلٍ عام، فيما يتعلق الأمر بالجمال، والهوية، والميول الجنسي، والنوع. المجتمع محافظ ومتوافق تماماً. هناك أفكار محددة حول ما هو أنثوي أو ذكوري، من الألوان إلى الملابس إلى الطريقة التي تتصرف بها في الأماكن العامة. ولكن مع الشخصيات في صوري، أحاول أن أواجه كل ذلك."

ولا تهدف صور أوسولا إلى تحدي العادات المحلية وحسب. بل تهدف أيضاً إلى نقد نفوذ الغرب، في الماضي والحاضر، في أفريقيا. فتحتفل صور أوسولا، عندما لا تكون مجهولة الهوية بالجمال الأفريقي من خلال الموضوعات، والمنسوجات، والإكسسوارات، والملابس، التي ترتديها الشخصيات.

صورة من مجموعة نومو أوسولا Credit: Noma Osula

وقال أوسولا: "على مر التاريخ الحديث، أثرت المعايير الغربية تأثيراً عميقاً في العديد من الجوانب في المجتمع الأفريقي، ما يفترض أن يكون ممتعاً من الناحية الجمالية"، مضيفاً: "لقد تعلمنا تقدير الأنوف الحادة على الأنوف الواسعة، والبشرة الفاتحة على الداكنة. للابتعاد عن شكل جمالنا. لقد حان الوقت لاستعادته وعكس المنظورات النمطية أثناء وجودنا فيه".

وتحقيقاً لهذه الغاية، يعتقد أوسولا أن الفنانين الأفارقة يمكنهم كما يجب عليهم أن يؤدوا دوراً محورياً.

وقال المصور النيجيري: "يعتقد معظم الناس أن أفريقيا دولة واحدة كبيرة وليست قارة. وكأننا جميعاً من نفس المكان بالنسبة إليهم. فهم يعتقدون أنها غابة، حيث ما زال الناس يعيشون بطرق بدائية وفقاً لمفاهيم الجمال الغريبة. لطالما دفع التصوير الفوتوغرافي الغربي هذا المنظور، وكذلك وسائل الإعلام، ولكننا لسنا بدائيين"، مؤكداً: "أرغب في إبراز نوع من الجمال الإفريقي، وإظهار ثقافتنا على حقيقتها: حديثة، وجريئة، وتتحدى الأعراف النمطية."

نشر
محتوى إعلاني