"ملكة الظلام"..عارضة أزياء من جنوب السودان تتحدى معايير الجمال

نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في بحرٍ من العارضات التي تنسجم ملامحن وألوان بشرتهن مع معايير الجمال الغربية، تأتي عارضة الأزياء من جنوب السودان، نياكيم جاتويش، لتكسر فكرة الجمال التي اعتاد العالم عليها ببشرتها الغامقة الجميلة التي جعلت الأشخاص يلقبونها بـ"ملكة الظلام". وترتدي غاتويش اليوم بشرتها بفخر على منصات الأزياء، بعدما كادت أن تلجأ إلى تبييض بشرتها في الماضي؟

محتوى إعلاني

وفي صغرها، لم تكن عارضة الأزياء من جنوب السودان، نياكيم غاتويتش، مهتمة بالتفكير عمّا أرادت القيام به كمهنة في المستقبل، بل كان كل ما يهمها التفكير بأمان عائلتها، ومصدر الطعام والشراب، إذ كانت تعيش في مخيم للاجئين بعد هروب عائلتها من الحرب في بلادها في عام 1993، قبل مولدها.

محتوى إعلاني
عارضة الأزياء نياكيم جاتويش من جنوب السودان وهي في حفل جوائز نقابة ممثلي الشاشة "SAG Awards" الـ25 في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة. Credit: Emma McIntyre / Staff

وخلال طفولتها، تنقلت العارضة من مخيم "ديما" للاجئين في إثيوبيا، إلى مخيم "كامكوما" في كينيا. 

ورأت العارضة أول لمحة من عالم الموضة والأزياء عندما كانت في كينيا مع عائلتها وسط إجراءات تحضير السفر إلى الولايات المتحدة.

وأمضت جاتويش عطلة نهاية أسبوع في منزل إحدى قريباتها، حيث تسنت لها الفرصة لمشاهدة التلفاز لأول مرة عندما كانت في الثامنة من عمرها.

وخلال الوقت الذي أمضته في ذلك المنزل، تعرفت جاتويش إلى برنامج "America's Next Top Model"، وهو عبارة عن مسابقة لعارضات الأزياء. 

وفي حديثها مع موقع CNN بالعربية، قالت جاتويش: "ذكرت أمي أنني التصقت بالتلفاز مثل الغراء، فكنت أشعر باندهاش شديد".

ورغم وقوعها في حب الأزياء والموضة بسبب هذا البرنامج، إلا أنها دفعت فكرة امتهان عرض الأزياء بعيداً عن تفكيرها، ولم تر أي فتاة أفريقية تشبهها في المسابقة. 

واجهت التنمر.. وتوسلت إليها شقيقتها ألا تقوم بتبييض بشرتها

بسبب لون بشرتها الداكن، تم إعطاء عارضة الأزياء نياكيم جاتويش لقب "ملكة الظلام"، وهو لقب تعتنقه بفخر. Credit: Rachel Murray / Stringer

من خلال صورها على "إنستغرام"، يمكن للمرء الشعور بثقة جاتويش وهي أمام الكاميرا، ولكن كانت تلك الثقة في بشرتها وجمالها محطمة عندما نجحت عائلتها وأخيراً في الانتقال إلى الولايات المتحدة في عام 2007، حيث سبقتها أختها.

ورغم أنها لم تكن تجيد اللغة الإنجليزية بعد، إلا أنها استطاعت الإحساس بالنظرات السلبية التي تبعتها في ردهات المدرسة، فقالت: "حاولت الجلوس بجانب مجموعة من التلاميذ، ولكنهم تركوا مقاعدهم وغادروا".

وبعد ذلك، قررت جاتويش التفكير بعرض الأزياء بجدية، وبعد أن تحسنت لغتها بسرعة بفضل تلقيها لدروس خصوصية، اكتشفت العارضة أن التلاميذ كانوا يسخرون منها بسبب لون بشرتها، وأثّر ذلك بشدة عليها، فقالت: "نشأت مع أشخاص بألوان بشرة مختلفة، ولم يسبق أن قال أحد لي إنني لست جميلة لأنني سوداء". 

وأشارت العارضة إلى أنها اضطرت لإعادة الصف السابع في المدرسة، بعدما فاتتها العديد من الأيام الدراسية بسبب عدم رغبتها بمواجهة التنمر.

وشعرت جاتويش أنه يجب عليها تبييض بشرتها لتبدو جميلة، ولكن منعتها شقيقتها الكبرى من ذلك، وقالت العارضة: "كانت أختي تبكي وتقول إن هذا (تبييض البشرة) أكبر خطأ قمت به.. وقال لي شيء في داخلي أن أصغي إليها، ولذلك، لم أقم به أبداً". 

وإضافةً إلى تأكيد جاتويش لمتابعيها أن الجمال يأتي بأشكال وألوان مختلفة، تستخدم العارضة منصتها أيضاً للتعبير عن رأيها تجاه تبييض البشرة.

وأوضحت العارضة أنها لا تحكم على من يلجأ إلى تبييض البشرة لأن الجميع لديه أسبابه الخاصة، ولكنها تشعر بالحزن عندما ترى العديد من الفتيات اللواتي يشعرن أنهن يحتجن إلى تلك المواد الكيميائية ليشعرن بالجمال.

هدف أكبر وراء منصات عرض الأزياء وأغلفة المجلات

عارضة الأزياء نياكيم جاتويش في حفل جوائز"Glamour Women Of The Year" لعام 2019 في نيويورك، بالولايات المتحدة. Credit: Dimitrios Kambouris / Staff

وعلى مر الأعوام الماضية، لاحظت جاتويش التغير في مجال الموضة والأزياء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك عبر العديد من الحملات التي توظّف العديد من النساء اللواتي يتمتعن ببشرة داكنة، وقالت: "إن الأمر يحدث ببطء، ولكن بثبات".

ومع ذلك، يجب على وكالات الأزياء توظيف المزيد من عارضات الأزياء اللواتي يتمتعن ببشرة سوداء، إذ أشارت العارضة إلى موقف واجهته خلال مشاركتها في أسبوع الموضة في نيويورك قائلةً: "كنت في غرفة مع فتاة أخرى تتمتع ببشرة داكنة فقط، وكان هناك حوالي 60 إلى 70 عارضة قوقازية وآسيوية". 

نياكيم جاتويش في حفل "L'Oréal Paris Women of Worth Celebration" في نيويورك في عام 2018. Credit: Brian Ach / Stringer

ولذلك، خلال ظهورها على أغلفة المجلات، توجه جاتويش رسالة إلى الفتيات والفتيان الذين يبدون مثلها، وهي: "أريدكم أن تروا أنفسكم في أمرٍ أنا أقوم به.. أريدكم أن تروا أنه يتم تمثيلكم من خلالي". 

ومع أنها تحب وظيفتها، إلا أن الجزء المفضل لديها في كونها عارضة أزياء لا يكمن بالضرورة في السير على منصات الأزياء، بل الحديث عن تجاربها، وما مرت به في حياتها، ولذلك تشجع جمهورها على خلق مساحة لهم في مجالات بعيدة عن تفكيرهم.

ومن أهداف جاتويش هذا العام هو زيارة مخيم للاجئين والتحدّث عن تجربتها، تماماً مثل ما قامت به عارضة الأزياء المحجبة حليمة عدن في عام 2018 عندما زارت مخيم "كامكوما" للاجئين في كينيا الذي نشأت فيه.

وتأمل جاتويش أيضاً في تأسيس منظمة غير ربحية من أجل تقديم المساعدات للفتيات اللواتي يعانين من صعوبة الوصول إلى الفوط الصحية ومستلزمات أخرى خلال دورتهن الشهرية، وهو أمر عانت منه شخصياً خلال مكوثها في المخيمات بأفريقيا.

نشر
محتوى إعلاني