لغز عمره أكثر من قرن..من صاحب لوحة تحاكي "العشاء الأخير" بإحدى كنائس إنجلترا؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- توصل أحد مؤرخي الفن إلى أن لوحة تحاكي العشاء الأخير، التي بقيت معلقة لأكثر من قرن في إحدى الكنائس الإنجليزية قد نُفّذت في ورشة الفنان الإيطالي، تيتيان.
وحظيت اللوحة الضخمة، التي يبلغ قياسها أكثر من 12 قدماً بـ5 أقدام، باهتمام ضئيل على جدران كنيسة "القديس ميخائيل وجميع الملائكة" في مدينة ليدبوري، غرب إنجلترا.
ولكن عندما تم استدعاء مؤرخ الفن والمسؤول عن صيانة الأعمال الفنية، رونالد مور، للعمل على قطعة فنية أخرى في كنيسة هيرفوردشير، أثارت اللوحة القماشية التي كانت موجودة هناك منذ عام 1909 اهتمامه، بعد إهمالها وتغير لونها.
ومنذ حوالي 3 أعوام، كُلف مور من قبل الكنيسة بالبحث حول اللوحة الفنية وترميمها.
وأوضح مور لـ CNN إنه قضى هو والباحثة باتريشيا كيني حوالي 11،000 ساعة في البحث في تاريخ اللوحة، بالإضافة إلى حوالي ثلاثة أشهر لترميمها.
وكشف بحثهما الدؤوب عن العمل الفني بدون عنوان، ويحاكي "العشاء الأخير"، ونُفّذ في ورشة تيزيانو فيسيليو، المشهور بلقب سيد عصر النهضة الإيطالي تيتيان.
وبعد إزالة قرون من الطلاء الباهت، قام مور وكيني ببعض الاكتشافات المذهلة. وبالإضافة إلى العثور على توقيع بالغ الأهمية، حددا بعض الوجوه الموجودة في اللوحة على أنها صور شخصية.
ووفقاً لمور، استغرقت اللوحة حوالي 20 عاماً لإكمالها في ورشة تيتيان في البندقية بين عامي 1560 و1580. وعندما توفي تيتيان في عام 1576، ترك خلفه العديد من اللوحات غير المكتملة والتي مثل هذه اللوحة، ربما تكون قد اكتملت في ورشته.
وقال مور: "من شبه المؤكد أنها اللوحة الوحيدة التي لم يتم اكتشافها في ورشة عمل تيتيان على نطاق واسع حتى الآن"، مضيفاً: "نظراً لأنها نُفّذت على مدار 20 عاماً، فإنها تتيح لنا الفرصة لفحص الأيدي المختلفة المشاركة في ورشة العمل".
وأشار مور إلى أن الورشة كانت تضم "مجموعة متماسكة من الرسامين الذين يمكنهم العمل بأسلوب تيتيان"، موضحاً أنه يستطيع تحديد ما لا يقل عن خمس "أيادي" مشاركة في رسم اللوحة، والتي تعرض "أنماطاً وقدرات مختلفة".
وأضاف: "من المؤكد أن تيتيان قد عمل على عنصر التكوين في اللوحة على الأرجح مع ابنه فرانشيسكو".
ويدعم هذه النظرية الرسمة السفلية التي اكتشفها مور وكيني، وباستخدام الضوء فوق البنفسجي، كشفا أيضاً عن توقيع تيتيان على إبريق في اللوحة.
واستخدمت كيني تقنية مبتكرة كشفت من خلالها عن "لوحة داخل لوحة"، وفقاً لما قاله مور.
وقد غطت كيني الصور بجعلها متطابقة في الحجم وغير شفافة، مما مكنها من التعرف على صورة تيتيان واثنين من أطفاله. وأضاف مور أنها أزالت جميع "الأصباغ الدخيلة" لكشف بقايا توقيع تيتيان.
وكشف بحث مكثف أن اللوحة كانت بتكليف من دير في البندقية. وبعد حوالي قرنين من الزمان، اشتراها رجل إنجليزي يدعى جون سكيب.
وعندما تولى مور منصبه لأول مرة، لم يكن ليتخيل أن هذه اللوحة ستصبح "أكبر لغز فني صادفه".
ولم يعلق مور على قيمة اللوحة، وقال إنها ليست في حالة جيدة ولكنها تعد فريدة من نوعها، مضيفاً "إنها أول فرصة لدينا في تاريخ الفن تمكننا من إلقاء نظرة على لوحة ورشة عمل تيتيان التي تم إنجازها على مدى فترة طويلة من الزمن".
ويعتقد مور أن الكثير من الضرر قد يكون ناتجاً عن "ترميم مُهمِل" بعد وصول اللوحة لأول مرة إلى إنجلترا عام 1775، مشيراً إلى أنه كان من الممكن أن تؤدي عدة طبقات من الطلاء، إلى جانب الضرر، إلى حدوث تغييرات في لون اللوحة.
ومن جانبه، قال إيان بير، أحد أعضاء أبرشية ليدبوري، التي كلفت مور بمهمة ترميم اللوحة نيابةً عن الكنيسة، لـCNN إن لديهم الآن كاميرا مراقبة وسيقومون قريباً بتركيب إضاءة خاصة لإضاءة اللوحة دون إتلافها.
وأضاف بير: "نستقبل المزيد من الزوار من جميع أنحاء العالم الآن. لقد كانت رحلة مثيرة للغاية".
ومن المقرر أن ينشر مور كتاباً عن النتائج التي توصل إليها في وقت لاحق من هذا الشهر، بعنوان "العشاء الأخير المفقود لتيتيان".