ألق نظرة داخل مجتمع توقف فيه الزمن منذ خمسينيات القرن الماضي
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- من عائلات تعيش على ضوء المصباح، إلى رجال يرتدون قبعات مصنوعة من القش، ويركبون عربات تجرها الخيول.. تبدو هذه المشاهد التي التقطها المصور، جيك مايكلز، كما لو أنها تُظهر حقبة قد مضت في منطقة الوسط الغربي، بأمريكا.
ولكن، التقط مايكلز هذه الصور في العصر الرقمي، وعلى بعد مئات الأميال في دولة تُدعى بليز.
ويحتضن هذا البلد الصغير، الواقع في أمريكا الوسطى، حوالي 12،000 شخص من "المينونايت"، وهم مجموعة من المسيحيين الذين يعيشون في مجتمعات مغلقة، ويتجنبون التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الكهرباء في بعض الحالات.
وتعود مستعمرات بليز إلى أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، عندما هاجرت إلى هناك مجموعة تتكون من أكثر من 3 آلاف كندي من مجموعة "المينونايت" من المكسيك.
وجاء وصولهم بعد عقد اتفاق مع حكومة بليز لمنحهم الأرض، والحرية الدينية، إلى جانب الإعفاء من بعض الضرائب.
وفي المقابل، اقتطفت البلاد ثمار زراعة هذه المجموعة.
واليوم، يهيمن "المينونايت" على أسواق الدواجن، والألبان المحلية في بليز مع أنهم يمثلون أقل من نسبة 4% من السكان.
وزار مايكلز 3 مستعمرات لهذه المجموعة في شمال بليز على أمل توثيق أسلوب حياتهم التقليدي، وهي "إنديان كريك"، وشيبيارد"، و"ليتل بليز".
ورغم العزوف الواضح لهذه المجتمعات من الغرباء، إلا أن مايكلز وجدهم متقبلين بشكل مفاجئ.
وقال المصور في مقابلة عبر الهاتف: "كان الأشخاص يتمتعون بالضيافة أكثر ما كنت أتوقع".
تجمد فيه الزمن
وعند قضاء الوقت في منازل عائلات "المينونايت"، وأراضيهم الزراعية الشاسعة، اكتشف مايكلز عالماً تجمد الزمن فيه، وهو ما أشار إليه عنوان كتابه الجديد "c.1950".
وقال مايكلز: "تغيرت ممارساتي بالكامل مع مرور الأيام. وتباطأ ذهني، وكنت أكثر حضوراً في المناطق المحيطة"، مضيفًا: "لا أحاول القول إن حياتهم بسيطة، ولكن بالنسبة لي، أعتقد أنها سمحت لي بالتمهل، وأن أكون أكثر حضوراً".
ولكن، كان المصور حذراً أيضاً من إضفاء الطابع الرومانسي على طريقة الحياة المنعزلة هذه.
وتعتمد المجتمعات على الزراعة التجارية غالباً، ولا تُنظّم المستعمرات لتتمحور حول الأسرة، والدين فقط، بل العمل أيضاً.
وتُظهر صور مايكلز هذه الحقائق الاقتصادية.
وأوضح المصور: "هناك جوانب جيدة للحياة، جوانب صعبة في الحياة"، مضيفاً أنه "في نهاية اليوم، لا يزال الأشخاص يكسبون عيشهم.. ولذلك، أعتقد أنه كان من المهم إظهار جميع جوانب الحياة".
التناقضات
وتماماً مثل "المينونايت" في أماكن أخرى، تضم مستعمرات بليز أعضاء محافظين وتقدميين، ما يؤدي إلى وجهات نظر مختلفة تجاه التكنولوجيا.
وبشكل غير متوقع إلى حد ما، تظهر الأدوات الإلكترونية، مثل الهواتف المحمولة، والكاميرات، في بعض صور مايكلز أحياناً.
واستغل المصور التناقض لخلق تأثيرًا قويًا.
وعلى سبيل المثال، وثق مايكلز صورة لشابة ترتدي ملابس تقليدية، وتشير بكاميرا رقمية صغيرة تجاه المصور في مشهد وصفه مايكلز بأنه من الصور المفضلة له من الرحلة بأكملها.
ورغم أن تجربة مايكلز لم تدفعه إلى التخلي عن التكنولوجيا، إلا أنها تركت انطباعًا دائمًا على التصوير الخاص به، إذ أنها جعلته اجتماعياً بشكل أكبر، بدلاً من الاهتمام بالتقاط الصور فحسب.