هذه قصة أكبر بذرة بالعالم..اعتُقد أنها تأتي من أشجار أسطورية تحت الماء
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تُعد بذرة "كوكو دي مير"، الأكبر في العالم، بمثابة أسطورة بين النباتات. ويمكن أن تزن أكثر من 22 كيلوغرامًا، ويصل محيطها إلى 3 أقدام.
وقبل أن يتم اكتشاف نموها على أشجار النخيل الأصلية في سيشيل، اعتقد البحّارة الذين لمحوا إحداها ينجرف في المحيط الهندي، أنها جاءت من أشجار أسطورية تحت الماء.
وبالتالي، أصبحت تُعرف باسم "جوز الهند البحري".
وبسبب ندرتها وشكلها، اعتقد الناس أن هذه البذرة تتمتع بقوى شفاء مذهلة، وأنها كانت ثمرة طقوس التزاوج المعقدة بين الأشجار، ويحدث ذلك فقط في الليالي العاصفة.
ونتيجة لذلك، أصبحت بمثابة ملكية ثمينة للملوك والأثرياء.
ورغم أن فترة طويلة قد مرت على هذه الأساطير، إلا أن بذرة "كوكو دي مير" لا تزال مطلوبة بكثرة.
وبسبب الصيد الجائر والإفراط في الحصاد، لم يتبق سوى 8 آلاف نخلة ناضجة في البرية على جزيرتين فقط.
وقال مارتن جاردنر، عالم النبات في الحديقة النباتية الملكية في إدنبرة، اسكتلندا: "لقد تم تداولها لعدة قرون، ولكن التجارة بها محظورة الآن.. إنها مدرجة ضمن قائمة خاصة إلى جانب أنياب الفيلة، وقرون وحيد القرن، وآكل النمل الحرشفي، إضافة إلى العديد من النباتات الأخرى".
وفي الوقت الحالي، يتم عرض جانب جديد من بذرة "كوكو دي مير" كواحدة من بين 100 بذرة وفاكهة تم اختيارها خصيصًا من معشبة الحديقة النباتية الملكية، من قبل المصور ليفون بيس، بالتعاون مع علماء النبات في المؤسسة.
وقام بيس بتصويرها من أجل معرض وكتاب، باستخدام تقنية خاصة تجعلها تشبه الأعمال الفنية تقريبًا.
ومن خلال إظهار التفاصيل التي عادة ما تكون مخفية بالعين المجردة، يأمل بيس في لفت الانتباه إلى جمال هذه الأعاجيب الطبيعية.
عملية شاقة
وقال بيس: "أقوم بإعداد الكاميرا الخاصة بي على سكة حديدية، وبعد ذلك يمكنني جعل السكة تمضي قدمًا بمسافات صغيرة. ستلتقط الكاميرا صورة، وتتحرك ربما بمقدار ملليمتر واحد، وتلتقط صورة أخرى. وهذا يوفر لي مجموعة كبيرة من الصور، كل منها تركز على جزء صغير. ثم أقوم بتجميعها معًا، وبهذه الطريقة يمكنني رؤية كل التفاصيل".
ولم تكن مهمة سهلة، حيث تتألف كل صورة من حوالي 150 صورة فردية، وكانت نتيجة عملية اختيار متعبة.
وأوضح بيس: "على مدار 6 أشهر، نظرنا إلى الآلاف والآلاف من الصناديق ثم عشرات الآلاف من العينات، لمحاولة العثور على تلك التي كانت مثيرة للاهتمام بصريًا".
سباق ضد الزمن
أما البذور والفاكهة التي تم اختيارها فهي جزء صغير من ثلاثة ملايين عينة موجودة في معشبة الحديقة النباتية الملكية، ويعود أقدمها إلى عام 1697.
وتستخدم العينات المحفوظة في المعشبة بدافع إجراء الأبحاث، إضافة إلى تحديد كل واحدة وتسمية أنواع جديدة.
وأشار جاردنر إلى أنه "يتواجد ارتباط متكامل بين ما نسميه التصنيف، أو الأنواع، والحفظ. وإذا لم يكن للنبات اسم، فلا يمكنك الحفاظ عليه".
وأضاف بيس أن الحديقة النباتية الملكية تصنف حوالي ستة أنواع جديدة كل شهر، وأن العديد من العينات الموجودة في الأرشيف ليس لديها اسم بعد.
وقد يكون الكثير منها قد انقرض بالفعل، وخاصة أن المؤسسة لا تزال تعمل على المواد التي تم جمعها منذ حوالي 100 عام.
وأوضح بيس أنه "سباق مع الزمن في الوقت الحالي، وهو يصبح أكثر إلحاحًا بسبب التهديد العالمي للعديد من الأنواع. لقد اختفت الكثير من النباتات في حرائق غابات الأمازون، على سبيل المثال، قبل أن نتمكن حتى من تسميتها".
ويُعد لفت الانتباه إلى البذور والنباتات أمرًا ضروريًا لدفع جهود الحفظ نحوها.
ولفت جاردنر إلى أنه: "بدون النباتات، لن يبقى أي شيء آخر. نحن بحاجة إلى النباتات للأكسجين، و 80٪ من أدويتنا، والكثير من الأطعمة والملابس التي نرتديها".
ويأمل بيس أن تساعد صوره في ذلك.
وأكد بيس: "عملي بمثابة أداة تعليمية.. أشعر بالفضول حيال ما لا يمكنني رؤيته. والبذور، بمجرد النظر إليها على نطاق واسع ، تكون مذهلة. إذا كنت فضولياً بشيء ما، فأنا متأكد من أن شخصًا آخر هناك يجب أن يكون فضوليًا أيضًا".