"لا تثق بدعاية العدو"..فنانون أفغان يدمرون أعمالهم خوفًا من عقاب طالبان
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يستطيع سكان العاصمة الأفغانية كابول قراءة الكتابة على الحائط، حيث تقول إحدى اللافتات المرسومة حديثًا: "لا تثق في دعاية العدو".
واستبدلت الرسالة لوحة جدارية للمبعوث الأمريكي، زلماي خليل زاد، وزعيم طالبان الملا عبد الغني بارادار وهما يتصافحان، إيذانًا بتوقيع اتفاقية 2020 لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، وهي واحدة من عشرات الأعمال الفنية العامة النابضة بالحياة التي تم محوها منذ سيطرة طالبان على السلطة في أغسطس/ آب.
وبينما أن بعض اللوحات الجدارية كانت صريحة في مطالبتها بحقوق متساوية للمرأة ووضع حد للفساد، كان الهدف من الأعمال الأخرى إثارة الفكر، وإلهام الأمل، ونشر الفرح بين المارّة.
واليوم، تحجبها طبقات سميكة من الطلاء، وكذلك شعارات وأعلام طالبان.
وكانت هذه الخطوة كطلقة تحذيرية للمشهد الفني والثقافي في البلاد.
وقال أميد شريفي، وهو المؤسس المشارك لمبادرة "ArtLords"، التي حولت الجدران الواقية من التفجيرات إلى مواقع للتعبير الإبداعي لحوالي عقد من الزمان: "أكبر مخاوفني، ومعظم الفنانين الذين أعمل معهم ... تتمثل بعدم القدرة على التعبير عن أنفسنا، وانتقاد القوة".
وأضاف: "الخوف هو أن يصبح هذا المجتمع أبيض وأسود فقط.. لن يكون لدينا تنوعًا وألوانًا جميلة في هذا البلد بعد الآن".
وهذه ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها طالبان موقفًا ضد الفنون في أفغانستان.
وعندما استلم تنظيم طالبان السلطة، بين عامي 1996 و2001، قام بتشويه اللوحات العامة، وتدمير مواقع التراث الثقافي في جميع أنحاء البلاد.
وفي عام 1996، أطلق عناصر التنظيم نيرانًا آلية على نافورة شهيرة في مدينة هرات غربي أفغانستان.
وفي عام 2001 ، قاموا بتفجير تمثالين ضخمين لبوذا، كانا يطلان على وادي باميان لمدة 1500 عام. ليس ذلك فحسب، وإنما تم حظر معظم أشكال الموسيقى، وتم اعتبار التلفزيون غير إسلامي.
وتصر المجموعة المتشددة على أن حكمها سيكون مختلفًا هذه المرة. ولكن، يبقى العديد من الفنانين في حالة شك.
وبينما يدمر تنظيم طالبان حوالي 100 لوحة جدارية أنتجها شريفي وفريق "ArtLords"، لا يرى شريفي مجالًا لازدهار الفنانين في ظل تنظيم طالبان.
وبذلك، هرب شريفي والعديد من زملاء له من كابول ويختبئون حاليًا في مكان ما، إذ قال شريفي إن بعض الفنانين اتخذوا قرارًا صعبًا بتدمير أعمالهم خوفًا من العقاب.
وأوضح شريفي: "الشعور عند تدمير قطعة فنية ليس مختلفًا عن شعور فقدان طفل، لأنها من إبداعك الخاص.. إنه شيء لديك ذكريات معه.. شيء كنت تحلم به"، مضيفًا: "فجأة.. تُشعل النار في كل أحلامك، وتطلعاتك، وآمالك".
وقال: "لا يستحق أي أحد تجربة ذلك.. ونحن لا نستحق، كفنانين في أفغانستان، أن نمر بهذا التجربة".
وأوضح فنان وصاحب معرض، طلب عدم ذكر اسمه، أن الاضطرار إلى تدمير عمله هو بمثابة "جرح لن يندمل"، مشيرًا إلى أنه يشعر بالقلق على مصدر رزقه، وتهديد دخله بسبب إغلاق المعرض.
وقال: "اعتقدت إنني قد أكون قادرًا على حل مشاكل عائلتي المالية من خلال فني.. لقد أمضينا شبابنا في الخدمة، على أمل أن نحصل على غد أفضل، لكن من المؤسف أن هذا النوع من الأشخاص يقررون مستقبلنا في البلاد".
وشاركت فنانة أخرى قصتها بشرط عدم الكشف عن هويتها، حيث تشعر أن المخاطر أكبر بسبب جنسها.
وأخبرت CNN أنه منذ أغلاق المركز الذي درست فيه الفن، لم يعد لديها مساحة لممارسة فنها.
وأوضحت أنه من الأسهل على زملائها الذكور استئناف فنهم مقارنة بالنساء مثلها.