من الأردن إلى كوبا..مصورة تلقي نظرة جادة على لعب الأطفال حول العالم..ماذا وجدت؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لأكثر من عقد من الزمان، كانت نانسي ريتشاردز فارس تلتقط صورًا دافئة للأطفال في جميع أنحاء العالم، من بوركينا فاسو إلى هندوراس وإسبانيا. وخلال رحلاتها، لاحظت المصورة الأمريكية سمة مشتركة يبدو أنها تتجاوز الثقافات "يلعب هؤلاء رغم ما يحدث حولهم".
وربما لا يوجد توضيح أفضل من صور فارس من مخيم اللاجئين المترامي الأطراف الواقع بمدينة كوكس بازار في بنغلاديش، والذي يُعد موطنًا لمئات الآلاف من النازحين بسبب أزمة الروهينجا في ميانمار.
وسط هذه المصاعب، وثقت فارس أطفالًا يبتكرون ألعابًا باستخدام الأدوات والأغراض المحيطة بهم، وتقول "تذهب إلى هناك لتوثيق هذه الصدمة، ومع ذلك تدرك أن الأطفال يلهون بالتزلق أسفل تل طيني؛ لقد ابتكروا هذه الألعاب الرائعة والمتقنة من أغطية زجاجات وأحذية؛ أو صنعوا طائرات ورقية أو شاحنات من الزجاجات المرمية وأشرطة الكاسيت القديمة".
ويجمع كتاب فارس الجديد نحو 100 صورة التقطتها أثناء استكشافها طريقة لعب الأطفال في 14 يلدًا.
وفي الأردن، يقوم أبطال صورها الصغار بلعب الشطرنج، بينما في كوبا يلعبون بنك الحظ؛ يقفزون ويركضون بحرية؛ يركلون الكرات ويقذفونها، يمارسون نط الحبل ويتسلقون الحبال.
وتُعد الدمى والطائرات الورقية ألعاب متكرّرة في سلسلة فارس، بينما أن لعبة الجاكس تبدو عالمية، وإن كانت تعرف بأسماء وأدوات مختلفة.
وأشارت فارس إلى واحدة من أكثر الألعاب انتشارًا، وهي تلك التي أطلقوا عليها في هايتي اسم "سيركل"، وهي عبارة عن القيام بدفع الإطارات واستخدام نوع من الأسلاك يشبه شماعات المعاطف للتحكم في دورانها، إذ تقول: "إنها لعبة منتشرة في كل مكان في إثيوبيا وبنغلاديش، حاولت أن أمارسها على طول الطريق مع الأطفال إنها صعبة للغاية، لكنها ممتعة وتتطلب التركيز".
ولفتت إلى أن عالمية هذه الألعاب ومعرفة الناس بها قد يكون السبب في أن صورها تلقى الصدى لدى الكثير من الناس، مضيفة: "نحن نراها ونفهم متعة اللحظة".
حق اللعب
ويحمل كتاب الصور الخاص بفارس عنوان "الفضاء المحتمل"، وهو مستوحى من طبيب الأطفال والمحلل النفسي الشهير دونالد وينيكوت، الذي استخدم المصطلح لوصف المسافة بين الشخص والتجربة، بين الخيال والواقع، التي تعزز الإبداع والثقافة.
وفي الوقت ذاته، يشير العنوان الفرعي لكتابها "نظرة جادة على لعب الأطفال" إلى اهتمام المصورة المستمر بعلوم التنمية.
وبعد بحثها عن أهمية اللعب في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، تعمل فارس أيضًا مع هيئة الإغاثة "كير" الدولية الخيرية والمعهد الوطني للعب، والتي تقول إن اللعب يشجع الابتكار، والإبداع، والمرونة، والقدرة على التكيف، وحل المشكلات في مراحل الحياة اللاحقة.
وأظهر البحث الأكاديمي في هذا المجال فوائد للأطفال تتراوح من تحسين مهارات التأقلم إلى زيادة التعاطف.
واللعب لا يُعد مفيدًا للنمو الفكري والعاطفي للأطفال فحسب، بل إنه حق من حقوق الإنسان منصوص عليه ضمن اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.
وهناك العديد من التهديدات الخبيثة على اللعب في البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء، ورغم أن فارس تبتعد إلى حد كبير عن التكنولوجيا في صورها، إلا أنها منتقدة صريحة للطريقة التي تتعدى بها الهواتف والأجهزة اللوحية على الأشكال التقليدية للمرح.
وأضافت أنه في الغرب، أدت المخاوف المتعلقة بالسلامة والضغط الأبوي إلى "تضاؤل دور الأشخاص الذين يسمحون لأطفالهم باللعب بلا هدف، ومجرد الخروج من المنزل واللعب".
كما تجادل المصورة بأن النزعة الاستهلاكية تشجع الأطفال على اعتبار مفهوم اللعب مرادفًا للدمى أو الألعاب الأخرى، لدرجة أنه "لا يخطر ببالهم اللعب بدون لعبة"، على حد قولها.
وتشير صورها إلى أن الأشياء المادية ليست شرطًا أساسيًا للمتعة، سواء كان ذلك أطفالًا يلعبون في نافورة مياه بولاية ماساتشوستس الأمريكية أو صبي يلاحق ظلّه في هايتي.
ليس فقط للأطفال
ويمكن أن يشكل العمل مع الأطفال تحديات فريدة، خاصًة بالنسبة للمصورين الذين يأملون في التقاط لحظات صريحة وغير محمية.
ولفتت فارس إلى أن الأمر المثير للاهتمام في الذهاب إلى الميدان بكاميرا في هذه المواقف هو هجوم الأطفال عليك على الفور من أجل رؤية لعبتك، أي آلة التصوير.
وأضافت أنها ترغب منهم عدم الالتفات لها والانغماس في لعبهم، مشيرًة إلى الحيلة التي تستخدمها للنجاح في ذلك، وهي أن تبدو مملة قدر الإمكان، إذ أن فترات انتباه الأطفال ليست طويلة، لذلك لن يقضوا وقتًا طويلاً معك.
ومع ذلك، ترى فارس أن التصوير الفوتوغرافي يُعد "نشاطًا مرحًا بطبيعته"، وكما كشفت محاولاتها خلال ممارسة لعبة "سيركل"، غالبًا ما تجد فارس نفسها متورطة عن غير قصد في ألعاب الأطفال الذين تصورهم. وفي الواقع، لا يقتصر دفاعها عن فوائد اللعب على الأطفال فقط.
وشرحت أن البشر من الناحية العصبية "لديهم القدرة على ممارسة اللعب طوال حياتهم، ومع ذلك، من الناحية الاجتماعية، لدينا هذه الأفكار بأنها خاصة بالأطفال، ولا ينبغي أن نمارس اللعب، لأنه مضيعة للوقت وليس مثمرًا".
وأضافت: "نتنقل عبر العالم كل يوم مع هذا الكنز الدفين من الذكريات المتأصلة المرئية والعاطفية، متسائلة: "ماذا سيحدث إذا سمحنا لأنفسنا باللعب كممارسة منتظمة - لنكون مبدعين، ونخصص حتى خمس دقائق كل يوم كوقت نقضيه في الطبيعة، أو ... حيث يكون الهدف هو التخلي عن إحساسك بالذات؟"