ملعب "عش الطائر" الأولمبي في بكين ساهم بتصميمه فنان صيني نأى بنفسه عنه.. لماذا؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- مع انطلاق دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، انتقد الفنان آي ويوي مجدّدًا الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، واللجنة الأولمبية الدولية التي"تتجاهل" سلامة الرياضيين في البلاد، من خلال إعطاء الأولوية للأعمال، و"الوقوف بجانب السلطويين".
وأدلى الناشط الحقوقي الصيني ذات الشهرة العالمية بهذه التصريحات لمذيعة CNN كريستيان أمانبور في مقابلة أجرتها معه من البرتغال، حيث يعيش في المنفى الذاتي منذ عام 2021.
وحرصًا على سلامته من العودة إلى الصين، حيث احتُجز ذات مرة لمدة 81 يومًا بتهمة "التحريض على تقويض سلطة الدولة"، يقيم ويوي في جميع أوروبا منذ نحو 7 أعوام.
قبل مغادرته وطنه بسنوات، استُشير ويوي المشهور، حول تصميم المكان الذي سيستضيف حفل الافتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية ليلة الجمعة، في ملعب بكين الوطني، الذي يعرف أيضًا بـ"عش الطائر".
هذا الملعب ذات السقف المفتوح، والمؤطّر بهياكل حجرية متشابكة،كان أحد الأماكن الرئيسة لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي أُقيمت عام 2008. وساهم في تصميمه بالتعاون مع شركة الهندسة المعمارية السويسرية "Herzog & de Meuron"، استغرق بناء الملعب خمس سنوات وصمّم ليعكس تطلعات الصين الجديدة والمعاصرة.
لكن الفنان نأى بنفسه عن المشروع، وانتقد استضافة الصين للأولمبياد قبيل حفل الافتتاح، معتبرًا أنها أداة دعائية تتعارض مع ما شعر به من حقائق قمعيّة للحياة في البلاد.
قال ويوي لأمانبور في المقابلة التي تبث الجمعة: "لسوء الحظ، كمهندس معماري، لا يمكنك التحكم في كيفية استخدام المبنى"، مضيفًا "بالنسبة لي، إنها خيبة أمل كبيرة، ليس فقط لكيفية استخدامه ولكن أيضًا في الاتجاهات التي اتخذتها الصين خلال العقود الماضية".
في كتابه المنشور في الآونة الأخيرة بعنوان "1000 عام من الفرح والحزن"، كتب آي ويوي عن تصميم الملعب المستوحى من فن الخزف الصيني أنّه "يهدف إلى إيصال رسالة مفادها أنّ الحرية ممكنة"، وأنه "يجسّد أمرًا أساسيًا يتمحور حول الديمقراطية والشفافية والمساواة".
وعندما سئل عما إذا اعتقد حقًا، في ذلك الوقت، أنّ الصين ستصبح ديمقراطية وحرّة وشفافة، أجاب: "حينها، بالطبع كنت أؤمن بذلك. لكن في هذه اللحظة، أشكّ بذلك"، مضيفًا أنّ البلاد تراجعت "إلى الوراء" من نواحٍ كثيرة.
وخلال الفترة التي تسبق دورة الألعاب الشتوية لهذا العام، والتي انتقدها ويوي آي أيضًا بشكل علني، تعرضت الصين لمزيد من التدقيق الدولي، من انتهاكاتها المزعومة لحقوق الإنسان في شينجيانغ، إلى سياساتها الصارمة الخاصة بكوفيد-19، والاهتمام العالمي بسلامة لاعبة التنس الصينية والأولمبية ثلاث مرات، بينغ شواي.
واختفت بينغ عن الأنظار لأكثر من أسبوعين بعد أن اتهمت مسؤولًا كبيرًا سابقًا في الحزب الشيوعي بالاعتداء الجنسي عليها.
وتنفي بكين مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان، كما رفضت المخاوف على سلامة بينغ، ووصفتها بأنها "تكهنات كيدية".
في الأثناء، لم ترد اللجنة الأولمبية الدولية بشكل مباشر على اتهامات ويوي، لكنها قالت في بيان لـCNN إنها "تعترف وتدعم حقوق الإنسان"، وهي حقوق "مكرسة" في كل من الميثاق الأولمبي، وقواعد السلوك الخاصة بالمنظمة.
وجاء في البيان أنه "بالنظر إلى المشاركة المتنوعة في الألعاب الأولمبية، يجب أن تظل اللجنة الأولمبية الدولية محايدة في القضايا السياسية العالمية".
لكن ويوي آي احتجّ بأنّ اللجنة الأولمبية الدولية "لم تكن أبدًا" محايدة. وقال لأمانبور: "إنهم دائمًا يقفون إلى جانب المستبدين أو رجال الأعمال".
وأضاف: "منذ دورة الألعاب الأولمبية عام 2008، كانوا يدعمون الدعاية الحكومية، وهذه المرة يدعمونها أكثر. إنهم يتجاهلون سلامة ورفاهية كبار الرياضيين الصينيين".
في حين أن المهندس المنشق لم يدعُ الرياضيين إلى مقاطعة الألعاب، فقد ناشد "إحساسهم بالعدالة والإنصاف"، مضيفًا: "الألعاب تدور حول الإنصاف، والمسابقة تدور حول العدالة. وهكذا، فإن الرياضيين الذين يمثلون الروح البشرية يتوجب عليهم الدفاع عن تلك القضايا المهمة جدًا ، مثل حقوق الإنسان، وحرية التعبير".
وأوضح ويوي آي أنه غادر الصين عام 2015، لأنه كان يفتقر إلى "الإحساس بالأمان" كفنان.
وغالبًا ما تتعامل أعماله المفاهيمية، التي اعتُبر الكثير منها مثيرة للجدل في الصين، مع ماضي البلاد وحاضرها مستخدمًا العناصر المتصلة بالحضارة الصينية.
وقد صنع منحوتات من بقايا منازل سلالة مينغ وتشينغ المهدمة، وكذلك من قضبان فولاذية تم إنقاذها من المدارس التي انهارت خلال زلزال سيتشوان المميت عام 2008. وتُعد إحدى أشهر أعماله صورةً ثلاثية البعد تعود للعام 1995، تظهره وهو يحطم جرّة تعود لعصر أسرة هان.