بكلفة خيالية بلغت 220 مليون دولار.. كيف أعاد مركز الفنون الجديد بتايوان النظر بتصميم المسارح؟

نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- بعد مرور أكثر من عقد على بدء عملية بنائه، افتُتح مركز تايبيه للفنون المسرحية الذي طال انتظاره أمام الجمهور في العاصمة التايوانية الأسبوع الماضي.

محتوى إعلاني

وبعد أعوام من التأخير في البناء، والمناقشات حول ميزانيته التي قفزت إلى 223 مليون دولار، يمكن أن ينتقل الانتباه أخيرًا إلى عشرات الإنتاجات التي ستُعرض هذا الخريف، وإلى مساحة تُعيد التفكير بطريقة عمل المسارح على نحو جذري.

محتوى إعلاني

ويتألّف التصميم المذهل للمبنى من 3 مساحات أداء بارزة بشكلٍ ملحوظ من ركيزته المكعّبة.

ويُعد المسرح الكبير (Grand Theatre) غير المتماثل الأكبر من نوعه، فهو يحتضن 1،500 مقعد.

افتُتح مركز تايبيه للفنون المسرحية الذي طال انتظاره وأخيرًا. Credit: Christ Stowers Photography

ومع ذلك، توفّر منطقة Globe Playhouse الصغيرة نسبيًا بعدد مقاعدها الـ800 فقط، السمة الأكثر تميّزًا في هذا المعلم.

وهي عبارة عن قاعة كرويّة فضيّة مغطّاة بالزّجاج المموّج.

وقامت الشركة الهولندية التي تقف وراء المشروع، Office for Metropolitan Architecture (أو OMA)، بمقارنتها مع "كوكب يرسو على المكعب".

مشهد من داخل Globe Playhouse. Credit: Boo-Him Lo/Shephotoerd Co. Photography

ويتمحور تصميم المبنى حول هندسة بسيطة بشكلٍ ملحوظ، بحسب مؤسس شركة OMA، والمهندس المعماري، ريم كولهاس.

وأضاف المهندس المعماري، والشريك الإداري لشركة OMA، ديفيد جيانوتن، الذي بدأ بوضع مخطط للتصميم مع كولهاس عام 2008: "إنهما شكلان مشهوران جدًا، أي مكعّب، وكرة"، ثم أضاف: "لكن عند جمعهما، يكوّنان شيئًا لم يكن موجودًا من قبل".

ومع ذلك، فإن ما يجعل مركز تايبيه للفنون المسرحية تجريبيًا حقًا يكمن في الداخل.

وعلى أمل زعزعة الأرثوذكسية "المحافظة" للمساحات الخاصّة بالفنون المسرحيّة، تصوّر المهندسون 3 مسارح منفصلة "متّصلة" بمحورٍ مركزي.

يتمحور تصميم المبنى حول أشكال هندسية بسيطة. Credit: Boo-Him Lo/Shephotoerd Co. Photography

وهنا، بُنيت منطقة مشتركة خلف الكواليس لخدمتها جميعًا.

ويمكن أيضًا دمج منطقة المسرح الكبير، وBlue Box، الذي يتّسع لـ800 مقعد، في مساحة أداء واحدة يُطلق عليها اسم "المسرح الخارق".

وكانت هذه القرارات مسألة كفاءة بشكلٍ جزئي، فخلال توحيد أساليب العمل الداخليّة للمكان، وفّر المهندسون مساحة في أحد أحياء تايبيه الشمالية المعروفة بسوقها الليلي المزدحم.

وبالنسبة إلى جيانوتن، كانت هناك أيضًا فائدة أخرى، وهي تشجيع التفاعل بين المنتجين، والممثّلين، والموظّفين، وأعضاء الجمهور الذين قد لا يُصادفون بعضهم البعض بطريقة أخرى.

وفي مقابلة عبر الهاتف، قال الرئيس التنفيذي للمركز، أوستن وانغ: "هذا نوع من المساحات التي لم تُرَ في أي مكان في تايوان، أو على المستوى الدولي".

لذلك، أضاف أنّ "كل شيء متروك لمخيّلة فناني المستقبل (الذين يؤدون هنا)".

ليس للنخبة فقط

صورة للمركز قبل اكتماله. Credit: Christ Stowers Photography

ومنذ تأسيس OMA عام 1975، أشرف كولهاس على تصميم عشرات المباني الثقافية حول العالم، من مكتبة قطر الوطنية إلى مسرح "دي وتشارلز ويلي" في تكساس.

ويصرّ المعماري البالغ من العمر 77 عامًا على أن "السمة المميزة" للمشروع ليست تصميمه غير التقليدي، ولا الكرة العملاقة التي تتصادم مع واجهته، بل هي الأماكن العامّة التي شُيّدت حول المكان.

وخلال رفع قاعات مركز الفنون فوق الأرض على ركائز متينة، حرّر المعماريون مساحة أسفلها تدعو المشاة إلى الموقع.

ومن هناك، يأخذ الممشى الملقب بـ"الحلقة العامة" الزوّار، وليس أولئك الذين يملكون تذاكر للعروض فقط، في جولة تقدّم لمحات من العروض، ومناطق الكواليس من خلال نوافذ المبنى.

وقال كولهاس إن المبنى "لا يُعتبر للنخبة فقط، ولكنّه مُتاح للجميع".

افتُتح المركز الأسبوع الماضي. Credit: Shephotoerd Co. Photography

كما أعرب المعماري عن شعوره بـ"راحة وسعادة لا تصدّق" لرؤية المبنى مُكتملاً بعد نحو 14 عامًا من بدء شركته بتصميمه.

وواجه المشروع، الذي كان من المقرر افتتاحه قبل 7 أعوام بداية، سلسلة من التأخيرات قبل أن يتوقّف بالكامل عام 2016 عندما أشهر مقاول البناء السّابق إفلاسه.

وقال وانغ إن الأمر استغرق أكثر من 18 شهرًا لحل جميع "القضايا السياسية" الناتجة عن ذلك، وهو يقدّر أن الإفلاس وحده دفع الجدول الزمني للمشروع إلى الوراء نحو 3 أعوام.

ورُغم أن الانتكاسات سبقت ظهور "كوفيد-19" بفترة طويلة، إلا أن الجائحة أدّت إلى تفاقم الوضع.

مركز ثقافي ناشئ

ويُعتبر المركز، بين العديد من الأماكن الثقافيّة الرئيسيّة التي افتُتحت في تايوان في الأعوام الأخيرة.

وعلى بُعد حوالي 5 أميال جنوب شرق المسرح، يوفّر مركز تايبيه للموسيقى الذي بُني في الآونة الأخيرة، قاعة حفلات تتّسع لـ5 آلاف شخص.

واستقبلت مدينة كاوشيونغ، على بعد نحو 185 ميلاً جنوب تايبيه، أحد أكبر مراكز فنون الأداء في العالم، وهو مركز كاوشيونغ الوطني للفنون.

وتبلغ مساحة المجمّع 1.5 مليون قدم مربع.

ويعود الفضل لهذه التطوّرات إلى التمويل الحكومي السخي بشكلٍ جزئي، إذ نمت ميزانية وزارة الثقافة بأكثر من 50% بين عامي 2016، و2019.

وأشار وانغ إلى أن الاستثمار العام في الفنون هو نتيجة مباشرة للتوتّرات الجيوسياسية طويلة الأمد مع الصين، والتي تَعتبر تايوان جزءًا من الأراضي الخاضعة لسيادتها.

وقال وانغ: "نحن نقارن (أنفسنا) دومًا بالبر الرئيسي الذي يزداد حجمًا وقوّة"، وأضاف: "من هذا المنطلق، نود أن نستثمر أكثر في الجانب الثقافي لأنه أقوى نقطة تنافسيّة لدينا".

نشر
محتوى إعلاني