بعد حكمها لـ7 عقود.. كيف تغيرت العمارة البريطانية في عهد الملكة إليزابيث؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- بعد أن اعتلت ملكة بريطانيا الراحلة، إليزابيث الثانية، العرش في فبراير/شباط من عام 1952، قام الملحّن الشهير رونالد بينج بتغيير اسم مقطوعة كان قد أطلق عليها اسم "الرجل في الشارع" إلى "اللحن الإليزابيثي".
وقام بينج بذلك ليعكس التفاؤل بشأن العصر الإليزابيثي الجديد، بحسب ما ورد.
وبلغ عمر الملكة آنذاك 25 عامًا، وكانت قد بدأت عهدها في عصرٍ استمر فيه التقشّف بعد الحرب، واتّسم بصفقة اجتماعية جديدة إيجابيَة عزّزتها الخدمة الصحية الوطنية، والتعليم المجاني.
ومع تفكّك الإمبراطورية البريطانية، اتّضح أن هذا لم يكن عصرًا يتمتّع بالفخامة، بل التواضع.
وطُبق التواضع أيضًا على الهندسة المعمارية، مع استبدال المنازل الريفيّة الضخمة خلال عهد إليزابيث الأولى بإنجلترا بتصاميم بسيطة ولكن مُلهمة في الوقت ذاته، مثل المدارس مسبقة الصنع التي اندفع نحوها مهندسو الحكومة المحلية.
واتّضح أن المشهد المعماري في عهد الملكة إليزابيث الثانية كان مختلفًا تمامًا.
وحدّدت قاعة المهرجانات الملكية (Royal Festival Hall)، التي افتتحها الملك جورج السادس في عام 1951، مسار جديد للعمارة تمتّع بالحداثة، والجاذبية، والأناقة، والديمقراطية في الوقت ذاته.
وإذا كانت فترة حكم الملكة قصيرة، فقد تكون هذه هي الطريقة التي سيصف بها المؤرخون المعماريون العصر الإليزابيثي الجديد.
ولكن كانت الملكة صاحبة أطول فترة حكم في تاريخ بريطانيا، وعلى مدار الأعوام الـ70 التي مضت، تغيّرت الهندسة المعمارية البريطانية الجديدة بشكلٍ لا يمكن التعرّف عليها.
وقد يتم التحدّث عن العصر الإليزابيثي الجديد عبر ذكر الجامعات، والمستشفيات، ومواقف السيارات متعددة الطوابق، والمعارض الفنية، وقاعات الحفلات الموسيقية التي تميّزت بطرازها "الوحشي" (brutalist) في الستينيات.
وقد يتم التحدّث عن ذلك العصر أيضًا من خلال المساكن العامة المصنوعة من الخرسانة في ذلك العقد، أو حتى الهوس الذي لم يدم طويلاً لكل ما هو بلاستيكي، وكل ما يمكن التخلص منه بسهولة.
وفي يوليو/تموز من عام 1969، هبط نيل أرمسترونغ، وباز ألدرين على سطح القمر.
وفي الشهر ذاته، تم تنصيب الإبن الأكبر للملكة، أي تشارلز، أميرًا لويلز في حفل أُقيم في قلعة "كارنارفون".
وداخل الجدران التي تعود للقرون الوسطى، خلق لورد سنودون بيئة مسرحية للحدث الذي تمتّع بطابعٍ ستيني.
وأدّى الأمير تشارلز قسمه تحت مظلة مصنوعة من مادة "Perspex" تمكّنت كاميرات التلفزيون من الرؤية خلالها.
وجسّدت هذه المساحة العمارة الإليزابيثية الجديدة، وانطبق الأمر ذاته على ردود الفعل تجاه هذه الحداثة.
ودافع أمير ويلز عن العمارة الكلاسيكية عبر إحياء مجلات خاصة بالديكور المنزلي الفخم، مثل "The World of Interiors".
وينتمي هذا الأمر للعصر الإليزابيثي بطريقةٍ ما، تمامًا مثل "معرض الملكة" الذي تم ترميمه، وتوسيعه في قصر "باكنغهام".
وصمم جون سيمبسون المعرض الجديد، والذي افتتحته الملكة خلال اليوبيل الذهبي لها في عام 2002، ويضم مدخلًا يونانيًا على الطراز الـ"دوريكي" يواجه صالات عرض متعدّدة الألوان.
وشارك عمال البناء في المشروع، إضافةً لنحاتي الخشب، والنجارين، والرسامين.
ورغم أن المشروع كان إليزابيثيًا، إلا أنه ابتعد عن جوهر عن المدارس المسبقة الصنع، والأجنحة الملكية المصنوعة من مادة "Perspex".
ومع ذلك، فإن الهندسة المعمارية عالية التقنية، والتصميم العصري الذي يعتمد على الحاسوب اليوم، يُجسّدان العصر الإليزابيثي أيضًا.
ويرى البعض أنه من المستحيل وصف العمارة الإليزابيثية بشكل محدّد، وذلك بسبب الحكم الطويل للملكة الراحلة في عالمٍ سريع التغيّر.