أطولها برج خليفة.. مصمما أطول أبراج العالم يشاركان CNN أسرارهما

نشر
8 دقائق قراءة
Credit: Tom Dulat/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ما برح برج خليفة الأطول في العالم منذ أكثر من عشر سنوات. لم يتمكّن برجٌ آخر بعد من كسر هذا الرقم القياسي حتى الآن، حيث يبلغ ارتفاعه 828 مترًا (2،717 قدمًا) مزيّنًا أفق دبي، ومتسلّلًا بذلك إلى الوعي الجماعي للهندسة المعمارية في العالم.

محتوى إعلاني
برج تايبيه 101 في تايوان Credit: Annabelle Chih/Getty Images
محتوى إعلاني

ولم يكتفِ هذا البرج بكسر الرقم القياسي فحسب، بل فاق طوله ارتفاع برج تايبيه 101، الأطول سابقًا، بنسبة 62٪. لقد  شكّل معلمًا عظيمًا، وعاد بفائدة كبيرة على الرجل الذي صمّمه.

وضع أدريان سميث، المعماري حينها لدى شركة Skidmore, Owings and Merill (SOM)، تصوّرًا لبرج خليفة، لكن بحلول افتتاحه عام 2010، كان أنشأ شركته الخاصة Adrian Smith + Gordon Gill Architecture، إلى جانب جيل وروبرت فورست. تُعرف الشركة باسم AS + GG، واختصاصها تصميم ناطحات السحاب فائقة الارتفاع، التي لا يقل طولها تباعًا، عن 300 متر و600 متر.

أفق دبي فوق الغيمCredit: Tom Dulat/Getty Images

وما برحت ناطحات السحاب فائقة الطول نادرة نسبيًا، ذلك أنّ 173 منها منجزة فقط في العالم، أما ناطحات السحاب فائقة الطول للغاية فلم ينجز منها سوى ثلاثة فقط حاليًا، بحسب مجلس المباني الشاهقة والمساكن الحضرية (CTBUH). كما أن العديد منها أوقف استكمالها في مراحل مختلفة.

وقال سميث لـCNN في مقابلة مشتركة مع جيل وفورست عبر تقنية الفيديو، إنه بالنسبة لأي شخص يعمل في هذا المجال، "ليس لديك الكثير من الأمثلة للعودة إليها".

وأوضح أنّ "تجربة التعلم النهائية هي عند اكتمال المبنى"، لافتًا إلى أنّ "كل ما هو خلاف ذلك يبقى عملًا على الورق". ولهذا السبب ما برحت ناطحات السحاب مثل برج خليفة، مهمة.

وأضاف جيل: "بالعودة إلى ما قبل 15 سنة ومعاينة ما أنجز، وكيفية صموده أمام العوامل الجوية، أو أدائه، والتحدث إلى الناس حول تجربتهم، أو حول كيفية عمل المبنى، أمر بالغ الأهمية"، مؤكدًا "انتفاء وجود بديل لذلك". 

نظرة من الشارع نحو برج سماء برج سنترال بارك في مدينة نيويورك الأمريكية Credit: DANIEL SLIM/AFP via Getty Images

وخلال الـ15 عامًا الماضية، أنشأت AS + GG مجموعة من ناطحات السحاب توزعت على قارات آسيا، وأمريكا الشمالية، وأوروبا، ومنطقة الشرق الأوسط. جمعت الشركة هذه التصاميم بكتاب جديد عنوانه: "Supertall | Megatall: How High Can We Go?" (أبراج فائقة الارتفاع | فائقة الارتفاع للغاية: ما الارتفاع الأعلى الذي في وسعنا تحقيقه؟).

يطمح هذا الكتاب الضخم كي يكون دليلًا عمليًا لكل من الطلاب، والمهندسين المعماريين الممارسين للمهنة. فهو مليء بالرسومات الفنية التي تشرح الابتكارات التي تقوم عليها ناطحات السحاب، مثل برج سنترال بارك الذي أنجز أخيرًا في نيويورك (472 مترًا)، وبرج تشنغدو غرينلاند في الصين، المرتقب الانتهاء منه (468 مترًا) قريبًا، وصولاً إلى مفاهيم التصاميم التي يفوق ارتفاعها الكيلومتر الواحد. إنها هندسة معمارية طليعية لجهة التطور التكنولوجي، ترسم مسارًا لمستقبل ناطحات السحاب بعد ذلك.

وقال سميث، إنّه "لأمر مدهش أن قلة من الناس على هذا الكوكب يعرفون حقيقة كيف يعمل برج فائق الارتفاع"، واصفًا الأمر بأنه "ما برح مجهولًا إلى حد ما". 

وعليه، لماذا تبدو هذه الشركة سعيدة جدًا بمشاركة أسرارها؟

الأفكار الرائعة لا تذهب سدى

من ليلة افتتاح برج خليفة في الرابع من يناير/ كانون الثاني 2010. Credit: Martin Rose/Getty Images

أشهر تصاميم شركة AS + GG برج جدة (المعروف سابقًا باسم برج المملكة) في المملكة العربية السعودية.

برج جدة سيكون الأطول في العالم عند الانتهاء من بنائه. Credit: Christopher Furlong/Getty Images/Adrian Smith + Gordon Gill Architecture

سيفوق ارتفاعه الألف متر عند الانتهاء من تنفيذه، ما سيجعله أطول مبنى في العالم. وفيما حدّد عام 2020 كموعد للانتهاء من تشييده، بلغ ارتفاع المبنى 58 طبقة عام 2020، بحسب ما ورد في الكتاب، لكنه يواجه عمليات تأجيل.

وأوضح سميث أنّ المنشئين "وفروا الحماية لكل ما يلزم حمايته"، و"المبنى لم تتدهور حاله". وردًا على الاستفسارات حول استئناف العمل فيه، قال جيل "لا شيء مستحيل".

ولم تلقَ CNN ردًّا من شركة جدة الاقتصادية المسؤولة عن مدينة جدة الاقتصادية المرتقبة، التي يقع فيها البرج، على طلب التعليق على حال المبنى حتى وقت نشر هذا الموضوع.

وخُصّصت إحدى أطول مقدمات الكتاب للابتكارات التي شملها تصميم البرج، بدءًا من اختبار الرياح المكثف بنموذج مقياس 1: 4000، إلى استراتيجيات التخفيف من الإشعاع الشمسي، مرورًا بنظام استرداد المكثفات مع القدرة على جمع المياه لـ14 حمامَ سباحة بحجم أولمبي من المبنى سنويًا.

إلى اليسار: صورة دبي 1، ناطحة سحاب غير منفذة على ارتفاع يفوق 1000 متر. يمكن رؤية شكله في أحد مفاهيم الشركة عن ناطحة سحاب يبلغ ارتفاعها ميلًا (كما هو موضح في نموذج مجاور لتصميم برج جدة)Credit: Adrian Smith + Gordon Gill Architecture

لكنّ الكتاب أشار أيضًا إلى أن النظام الهيكلي لبرج جدة مبني وفق تصميم محسّن عن برج خليفة، ثلاثي الأجنحة على شكل حرف Y لتحقيق أقصى قدر من الاستقرار، استخدم في تصاميم سابقة مثل برج CN Tower لشركة WZMH Architects في تورنتو. وأوضح سميث أيضًا أنّ برج خليفة وبرج جدة استوحيا من تصميم الألماني لودفيغ ميس فان دير روه لناطحة سحاب فريدريش شتراسه الحادة والمزججة بالكامل في عشرينيات القرن الماضي، والتي بقيت حبرًا على ورق.

وقال جيل إن مبنى ميس "مثال ممتاز (لتصميم) لا يعرف أنّه قيمته مستمرة". ربما يفسر هذا سبب احتواء الكتاب على ناطحات سحاب AS + GG التي لم تبنى أبدًا.

العديد من هذه التصاميم وضع تصورها لدبي التي لها حصة الأسد في هذا الكتاب. فدبي كمدينة متنامية طموحها كبير جدًا، كانت الإمارة بمثابة طبق بتري للمشاريع الجريئة خلال العقدين الماضيين. وشملت تصاميم ناطحات السحاب المقترحة لشركة AS + GG برج ميراس (526 مترًا)، وبرج زعبيل المميز 1 (598 مترًا)، ومدينة دبي أتريوم (1000 متر). إنها رحلة خيالية لاستكشاف ما سيكون عليه أفق المدينة مع إضافتها، ولكن، مثل برج دي روه "فريدريشتراسيه"، لم يشكل غيابها خسارة مطلقة.

صُمّم كي يكون غير مرئي

بالنسبة للمدن الساعية إلى رفع مكانتها على مستوى العالم، قد تساعد ناطحات السحاب فائقة الارتفاع في بناء سمعتها التي تتوق إليها. وقال فورست: "يستحيل أن تتوارى هذه المباني". "بغض النظر عن المالك، فهي تصبح رمزًا للموقع".

عرض لجزء من واجهة برج Biophilic، ناطحة سحاب ترتفع 668 متر مقترحة لمدينة سوتشو الصينية، عام 2012. تميز التصميم بالعديد من العناصر المستوحاة من الأشكال الموجودة في الطبيعة، ودمج النباتات في التصاميم الداخلية.Credit: Adrian Smith + Gordon Gill Architecture

ما نجح في دبي أصبح مخططًا لمدينة جدة. لكن الارتفاع ليس كل شيء، وليس بالضرورة ما يتمحور حوله عمل الشركة. وذكّر سميث أن التفويض بجعل برج خليفة أطول مبنى في العالم جاء من العميل إعمار.

بالنسبة لـAS + GG، يشكل الارتفاع نقطة انطلاق لسلسلة من المشاكل التي يتعيّن إيجاد حلّ لها، أي مقياس يستلزم الابتكار ويحتضنه. وأشار الكتاب إلى أن المباني فائقة الارتفاع وفائقة الارتفاع للغاية تحدّث الأفكار المرتبطة بكفاءة الطاقة، وتقليل آثار البصمة الكربونية، والربط بين البيئة المبنية والطبيعة من خلال تصميم الحيوي. في هذا الإطار لفت جيل إلى أنّه "لدينا اقتصادًا ضخمًا يمكننا تقديم أفكار عبره ستظل ثابتة في بعض الأحيان".

ورأى جيل أنّه "في بعض الأحيان، أعتقد أن الناس ينظرون إلى المباني ولا يمكنهم تحديد ما يشاهدونه". وأضح أنّ السبب مردّه إلى "أنّنا نصمّم غالبًا للأمور غير المرئية.. أمورًا لا يراها الناس أبدًا ولا يتفاعلون معها على الإطلاق. لكنهم في العلم والتصميم. وهذا ما يجعل المباني ببساطة أفضل".

من خلال كتاب "Supertall | Megatall" ، يجد غير المرئي طريقه إلى دائرة الضوء. في هذا الصدد قال سميث، "لا ينبغي تجاهل المكون التعليمي لهذا الكتاب"، الذي، إسوة بشركائه، سعيد بتصاميم AS + GG لإيجاد حياة ثانية كمورد صناعي. وقال جيل: "كمحترفين، علينا مسؤولية مشاركة معرفتنا".

نشر
محتوى إعلاني