يمزج بين الواقعين المادي والرقمي..كيف ترسخ دبي شكلًا جديدًا من الفنون؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد لا يكون مصطلح "فيجيتال" الأكثر أناقة في عالم الفنون، إلا أنه أصبح مثيرًا للإهتمام.
و"فيجيتال" هي عبارة تمزج ما بين الواقع المادي والرقمي، وتصف الأعمال الفنية التي تجمع بين أفضل ما في كلا العالمين لابتكار عمل فني جديد كليًّا.
وازداد الاهتمام بالفن الرقمي منذ ظهور تقنية الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT) في عام 2021، عندما باع الفنان الرقمي المعروف باسم "Beeple" واحدة منها مقابل 69 مليون دولار في مزاد علني.
ومع ذلك، منذ ذلك الحين، تراجع الحماس حول الرموز غير القابلة للاستبدال. ويرى البعض في الفن "فيجيتال" وسيلة لترسيخ الأعمال الرقمية في أشكال تقليدية أكثر ثقة، بينما يراها البعض الآخر وسيلة لإعطاء الجمهور فكرة عن الفن الرقمي.
وبدأت الأعمال الفنية المادية-الرقمية بالظهور في المعارض الطليعية بجميع أنحاء العالم، ومع سلسلة من المبادرات المثيرة التي اتخذتها دبي في الآونة الأخيرة، يبدو أن المدينة تسعى إلى إبراز هذا الشكل الفني على الخريطة الفنية.
واحتوى معرض "آرت دبي" الدولي على عنصر رقمي يستكشف وسائل الإعلام الجديدة والاتجاهات التكنولوجية، بما في ذلك أعمال الـ"فيجيتال".
وفي عام 2021، أقام "غاليري فيريتّي للفن المعاصر" معرضًا بعنوان "الرموز غير القابلة للاستبدال/ الحياة الواقعية"، حيث عرض الأعمال الفنية المادية، بجانب نظيراتها الرقمية؛ وافتتح معرض "موندوار" مؤخرًا وسط مدينة دبي المتخصص بالرموز غير القابلة للاستبدال. ويحتضن أعمال الأعمال الفنية المادية-الرقمية، بينما يعرض مسرح الفنون الرقمية بدبي مثل هذه الأعمال الفنية في معارضه متعددة الحواس عالية التقنية.
وأجرت CNN بعض اللقاءات مع المؤسسات الفنية الأكثر تقدمًا في دبي، حول تصدر مدينة دبي طليعة هذا الشكل المبتكر من الفن، وحول أهمية هذه الحركة الجديدة في الفن.
وأوضحت مارا فيريتي، المؤسس والشريك الإداري لـ"غاليري فيريتي للفن المعاصر"، في تعريفها للفن "المادي الرقمي"، أنّه يهدف إلى سد الفجوة بين العالم الرقمي والعالم المادي، وغالبًا ما يطمس الحدود بينهما.
وأشارت فيريتي إلى أن هذا الفن يمكن أن يتخذ أشكالًا مختلفة، بما في ذلك منحوتات تفاعلية وتركيبات وسائط مختلطة، ولوحات رقمية وعروض تجمع بين العناصر الحية، والإسقاطات، والتأثيرات الرقمية.
من جهته، قال المدير الفني لمعرض "آرت دبي"، بابلو ديل فال، إن الفن "المادي الرقمي" يحتوي على عناصر قد نعتبرها تقليدية، مثل مساحة معمارية أو هيكل ثلاثي الأبعاد، أو هيكل مادي يمكن لمسه، إلى جانب عناصر رقمية مثل تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين"، والواقع المعزز، والواقع الافتراضي، وعناصر الذكاء الاصطناعي.
ولفت ديل فال إلى منحوتة Human One للفنان الرقمي "Beeple" كمثال، وهي عبارة عن فيديو متحرك يتألف يعرض على أربع شاشات، ومعدن ألمنيوم مصقول، وإطار من الخشب الماهوجني، وخوادم وسائط مزدوجة، والفيديو مستمر مع رموز غير قابلة للاستبدال ديناميكية، ويظهر رائد فضاء يسير في عالم من بقايا الطعام.
أما مؤسس معرض "موندوار" للفنون الرقمية، أمير سليماني، فقد أوضح أنه من الناحية الفنية، تُعد جميع الأصول الموجودة على سلسلة الكتل "البلوك تشين" رموزًا غير قابلة للاستبدال.
ولفت سليماني إلى أنه يمكن تجربة الفن الرقمي المخزن على "البلوك تشين" كرمز غير قابل للاستبدال ماديًا من خلال شاشات العرض الرقمية، التي تسمح للمشاهدين بالتفاعل مع الإبداعات الرقمية في التركيبات.
وأضاف أن الفن المادي الرقمي يُعد طريقة لربط الأبعاد الرقمية والمادية، ويمكن استخدامه مع الرموز غير القابلة للاستبدال خارج "البلوك تشين".
وبالنسبة لفن الذكاء الاصطناعي، يرى ديل فال أنه أحد العناصر التي تسمح بوصف عمل فني بأنه مادي رقمي.
ويعمل الفنانون مع برامج الذكاء الاصطناعي على إنشاء مجموعات من الأعمال تأخذ المشاهد إلى مستوى من الواقع يمزج بين ما هو حقيقي ومزيف، حيث يمكن التلاعب بالصور، والمواقف، والأفعال، والشخصيات، وإنشاء أخرى لم تكن موجودة في الأساس. ومن بين الفنانين الذين شقوا طريقاً في هذا النهج، رفيق أنادول، الذي أطلق مشروعًا جديدًا في "آرت دبي" في مارس/ آذار الماضي.
ومن وجهة نظر سليماني، تكمن أهمية الأعمال الفنية المادية الرقمية في دمجها بين المجالين من أجل خلق تجربة للمشاهدين في العالم الحقيقي.
وترى فيريتي أن الفن المادي الرقمي يوفر فرصًا جديدة لإشراك الجمهور ومشاركته.
وتضيف: "يمكن للمشاهدين غالبًا التفاعل مع العمل الفني من خلال اللمس أو الحركة أو حتى من خلال هواتفهم الذكية أو الأجهزة الأخرى. ويمكن لهذه الطبيعة التفاعلية والغامرة للفن الفطري أن تخلق تجارب فريدة وديناميكية، ما يؤدي إلى طمس الحدود بين المشاهد والعمل الفني ذاته".