رجل يرتدي زي "كابتن أمريكا" لتغيير نظرة الأفراد تجاه السيخ
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- عند تَصوّر البطل الخارق "كابتن أمريكا"، ربما يخطر في بالك رجل بعيون زرقاء وخصلات شقراء، أو ربما ترى كريس إيفانز، وهو الممثّل الذي لعب دوره في الأفلام. ولكن ماذا لو كان أحد أهم الأبطال الخارقين الأمريكيين شخصًا من طائفة السيخ؟
وهذا هو السؤال الذي طرحه فيشافجيت سينغ على مدار العقد الماضي.
وفي عام 2013، أقنع مصوّر رسام الكاريكاتير بارتداء زي "كابتن أمريكا" لجلسة تصوير في شوارع مدينة نيويورك الأمريكية.
وكان سينغ متردّدًا في البداية، إذ أنه يلفت النظر بما فيه الكفاية بسبب عمامته.
ومع ذلك، كانت ردود الفعل غير متوقعة عند ارتدائه للزّي، إذ اقترب منه غريب لمعانقته، والتقط ضباط الشرطة الصور معه، وعرض عليه رجال الإطفاء ركوب شاحنتهم، كما انتهى المطاف به في حفل زفاف.
وقال سينغ "كان الأمر أشبه بدخول عالم موازٍ".
وبما أنّ ارتداء هذا الزّي جعل لأشخاص يفكرون بهذا البطل الخارق بشكلٍ مختلف، رأى سينغ أنّه ربما سيتمكن من تغيير النظرة السلبية تجاه طائفة السيخ أيضًا.
وكان سينغ في مهمّة منذ ذلك الحين.
ومن أحدث نشاطاته فيلم رسوم متحركة يُدعى "أمريكي سيخي" (American Sikh) شارك في إخراجه مع ريان ويسترا.
وكان الفيلم من بين العديد من أفلام الرسوم المتحركة القصيرة التي اختارتها الممثلة الأمريكية ووبي غولدبرغ، وقد عُرِض هذا الشهر لأول مرة في مهرجان "تريبيكا" السينمائي.
وعلى مدار 8 دقائق، يسرد فيلم "أمريكي سيخي" قصة كيفيّة تقمّص سينغ شخصيّته الأخرى.
شعر أنه جزء من "الآخرين"
ووُلد سينغ في الولايات المتحدة، ولكنه نشأ في مدينة نيودلهي الهندية إلى حدٍ كبير، حيث غيّرت سلسلة من الأحداث التي حدثت عندما كان في الـ13 من عمره كيفية رؤيته لنفسه.
وفي يونيو/حزيران من عام 1984، أمرت رئيسة الوزراء آنذاك، إنديرا غاندي، القوات الهندية باقتحام المعبد الذهبي، وهو أكثر ضريح مُقدّس بالنسبة لطائفة السيخ، في عملية لمكافحة تمرّد المسلحين السيخ الذين كانوا يدعون لتشكيل دولة سيخيّة مستقلة.
وقُتل ما لا يقل عن ألف شخص في تلك الهجمة، ولكن قدّرت جماعات حقوق الإنسان أنّ عدد القتلى كان أعلى من ذلك بكثير.
وتصاعدت التوترات بين السيخ والحكومة الهندية. وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته، اغتيلت أنديرا من قبل اثنين من حراسها الشخصيين الذين كانوا من السيخ.
ومن ثمّ استهدفت الحشود الغاضبة آلاف السيخ في نيودلهي ومدن أخرى بالهند. ويستذكر سينغ توجّه حشد إلى منزله، لكن نجت عائلته في النهاية، وأمضت الليالي القليلة التالية وهي تختبئ في منزل جارٍ هندوسي.
أثر هجمات سبتمبر
وعاد سينغ إلى الولايات المتحدة في التسعينيات للالتحاق بالجامعة، وعلى أمل الحصول على بداية جديدة.
ولكن عامله الأشخاص وكأنّه شخص غريب، وأطلق عليه الغرباء لقب "الجني"، كما أنّهم طلبوا منه "العودة إلى موطنه".
وكان الأمر كما لو أنّه لم ينتم إلى أي مكان.
وبعد فترة، سئم سينغ من نظرات الأشخاص، وحاول الاندماج عبر نزع عمامته، وقص شعره، وحلق لحيته.
ولم يعد الأشخاص يحدّقون به في الشارع، ولكنه شعر بالضياع.
واعتنق سينغ الفلسفة البوذية، ومارس التأملات الطاوية، ولكن قادته فترة الاستكشاف الروحي تلك إلى السيخيّة في النهاية، ومن ثم بدأ في وضع عمامته مجدّدًا في عام 2001.
وكان سينغ يعمل في شمال نيويورك، عندما حصلت أحداث 11 سبتمبر/أيلول.
وبشكلٍ شبه فوري، شعر سينغ أنّ الأشخاص بدأوا ينظرون إليه بعين الشك.
ولجأ سينغ إلى مقالات الرأي في الصحف، ورسوم الكاريكاتير للتعامل مع الكراهية الموجهة لمجتمعه.
وبعد فترةٍ قصيرة، بدأ سينغ يرسم شخصيات سيخية خاصّة به.
وفي صيف عام 2011، رأى سينغ ملصقًا ترويجيًا لفيلم "Captain America: The First Avenger"، إذ قال: "استوحيت منها فكرة بأن كابتن أمريكا سيتمتّع بعمامة ولحية".
وابتكر جو سايمون وجاك كيربي شخصية "كابتن أمريكا" الأصلية خلال الحرب العالمية الثانية كرد فعل على ألمانيا "النازية"، وعكست الشخصية إيمان مبتكريها بالاستثنائية الأمريكية.
وأطاح "كابتن أمريكا" السيخي الخاص بسينغ الأفكار النموذجية للوطنية، وكان هدفه محاربة جرائم الكراهية، وعدم التسامح في الولايات المتحدة.
وبعد ارتداء سينغ زي "كابتن أمريكا" في جلسة التصوير بعام 2013، قال رسام الكاريكاتير إنّه بدأ في تلقي دعوات للظهور في مختلف العروض، والتحدث إلى الأطفال في المدارس.
وكان المخرج ويسترا من الأشخاص الذي عبّروا عن اهتمامهم بقصته.
وبدأ كلاهما العمل على فيلم "أمريكي سيخي" في عام 2018.
وأكّد ويسترا في مقابلة عبر منصة "زووم": "عندما يرى الناس فيشافجيت وهو يرتدي زي كابتن أمريكا، يكمن سبب حماستهم واعتبار الأمر فريدًا في عدم رؤيتهم لشيٍ كهذا من قبل".