غيتار من الفطر وآخر من خلايا النحل.. ما الذي ترغب بإثباته صانعة القيثارات هذه؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- رغم أنّ القيثارات الكلاسيكية ستحظى دومًا بمكانة ثابتة في قوائم التشغيل الخاصة بنا، إلا أنّ هناك بعض التصاميم الجديدة تأخذ شهرة من خلال استخدام بعض المواد الغريبة.
وتعتقد صانعة الغيتار والآلات الموسيقية راشيل روزنكرانتز أنّها حققت الهدف الملائم، من خلال تصنيع آلات موسيقية صُمّمت خصيصًا من مواد حيوية. من قيثارة الفطر وغيتار خلية النحل، إلى آلات البانجو المصنوعة من جلد الكمبوتشا.. قامت روزنكرانتز بتجميع مجموعة غريبة من الآلات القابلة للتحلّل.
بدأت هذه المغامرة في مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما كان روزنكرانتز ما برحت طالبة وتبلغ من العمر 21 عامًا في باريس، متأرجحة بين أن تصبح موسيقية أو فنانة بصرية. جمعت صناعة الغيتار بين شغفيها، بيد أنّ صانعي الآلات الموسيقية المحليين قالوا إنها أكبر من أن تبدأ حتى في تلك السن المبكرة، لذلك ظلت متمسكة بالتصميم.
وبعد مرور عشر سنوات، غيّر انتقالها إلى رود آيلاند في الولايات المتحدة أسلوبها. لحقت بركب الموسيقى مجددًا، وبدأت تدريبها وها هي تصنّع القيثارات منذ قرابة 13 عامًا.
وقال روزنكرانتز لـCNN: "ربما لم يحدث ذلك عندما كان عمري 21 عاماً، لكن عمري الآن 42 عاماً وأنا أفعل ذلك بالفعل، لذا لم يفت الأوان بعد".
دخلت المواد الحيوية الصورة عندما نظرت في أثر صناعة آلة الغيتار على أنواع معينة من الأشجار.
وأوضحت روزنكرانتز أنه "رغم أننا (صانعي الغيتار) لا نمثّل نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يستهلكون الخشب، إلا أننا نتسبّب بأضرار جسيمة في بعض المناطق. لكنني أعتقد أن صانعي الغيتار أكثر وعياً بالمكان الذي يحصلون منه على الأخشاب".
وتابعت أنه "يتم إنتاج حوالي 2.6 مليون غيتار سنويًا في الولايات المتحدة وحدها. لكن بخلاف صناعات البناء والأثاث التي تفضل الأخشاب سريعة النمو، تستخدم صناعة الغيتار عادةً الأخشاب النادرة والأقدم مثل الماهوجني، وخشب الأبنوس، وخشب الورد.
يتم قطع الأشجار بشكل عمودي على حلقات نموها للحصول على صوت أفضل، وتغطية الجزء الأمامي والخلفي من الغيتار والجوانب بالكامل، ما يعني أن ثمة حاجة إلى جذوع أكبر، مثل تلك التي نقع عليها في الأشجار المعمّرة. وهذا فعل غير مستدام.
كان خشب الورد البرازيلي يتمتع بقيمة كبيرة في صناعة القيثارات، لكن الشجرة، التي لا نجدها إلا في الغابة الأطلسية الساحلية البرازيلية، تواجه تهديدات خطيرة جرّاء قطع الأشجار بشكل غير قانوني لتطهير الأراضي من أجل الزراعة واستخدامات أخرى. منذ عام 1992، تم حظر استخدامه بشكل فعال بموجب اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض (CITES).
تم استخدام شجرة التنوب سيتكا على نطاق واسع لصنع القيثارات الصوتية، لكن غالبًا ما تؤخذ من غابة تونغاس الوطنية في ألاسكا، حيث أدّى قطع الأشجار على نطاق واسع لاستخدامها في مختلف الصناعات، إلى مطالبة بعض صانعي الغيتار ببدائل أكثر استدامة.
ورأت روزنكرانتز أنّ "كل ما يتطلبه الأمر هو التحلي ببعض الأخلاق. مجرد القيام بالأمر الصحيح يحدث فرقًا كبيرًا".
الملهمة
في وقت مبكر من مسيرتها المهنية في صناعة الغيتار، تساءلت روزنكرانتز عما يمكن فعله من دون الخشب والبلاستيك. ومن خلفيتها في التصميم، رأت أنّ المواد الحيوية تُستخدم في كل شيء بدءًا من سيارات BMW وصولًا إلى الأحذية الرياضية.
أول خطوة أساسية قامت بها تمثلت باستبدال البلاستيك بجلد السمك، الذي تحصل عليه من بائع في البرازيل يصنع جلود البلطي من نفايات المزارع السمكية. وقالت: "إنه (جلد السمك) أقوى من البلاستيك، وأكثر مرونة منه أيضًا. بالنسبة لواقي الالتقاط الذي يحمي الآلة من الخدش، فإنه يلحق بحركة الخشب".
ولفت الميسيليوم أو الغزل الفطري، بنية تشبه الجذور وتتكون من خيوط رفيعة مصنوعة من الفطريات، انتباه روزنكرانتز عندما لاحظت استخدامه كبديل للبوليسترين في التغليف . ولاحظت أن "البوليسترين يوصل الصوت بشكل مذهل لأنه غني بالهواء، فماذا لو كان نظيره الطبيعي يتمتّع بنفس الخاصية"؟
وأوضحت روزنكرانتز التي تدرس أيضًا بكلية رود آيلاند للتصميم، أنه بمجرد أن تجف المادة، فإنها تلتحم معًا فتصبح الكثير من الألياف المجوّفة مثل حزمة السباغيتي، بحيث يكون لها صدى بطريقة مماثلة للخشب.
وتحصل صانعة الآلات على الميسليوم من أحد البائعين في شمال ولاية نيويورك، وتقول إنه يمكن زراعته بأي شكل، ما يعني أنّ العمل به لا يترك قطعًا تضيع سدى. غيتارها الكهربائي "Mycocaster" مصنوع من الفطريات والورق، مع إضافة ألياف مجففة مثل قشر الذرة لجعل جسم الغيتار أكثر صلابة.
الصوت
تبدو إبداعات روزنكرانتز الغريبة مختلفة قليلاً عن القيثارات التقليدية، اعتمادًا على المادة الحيوية التي تُصنع منها. ويتميز "Mycocaster" بنغمة منتفخة وأنفية. قالت: "لم أكن أعلم أنه سيكون لديه هذا الصوت".
ومع ذلك، فقد جعلها ذلك تعتقد أن هذه الآلات قد تخدم أنواعًا موسيقية متخصصة وربما جديدة. وأضافت روزنكرانتز: "إذا أردنا تأليف أصوات جديدة، علينا النظر في مواد جديدة".
بالنسبة لـMycocaster، ذهبت إلى أبعد من ذلك من خلال إضافة بعض الالتقاطات والميكروفونات إلى جسم الميسيليوم التي في الإمكان ضبطها اعتمادًا على مقدار "صوت الفطر" الذي يريده المستخدم.
ومع ذلك، فإن هذه القيثارات المخصصة ليست رخيصة. يقدر سعر Mycocaster من Rosenkrantz حاليًا 4000 دولار، ولديها ثلاثة طلبات قيد التنفيذ.
إنها ترغب بخفض التكاليف بشكل أكبر، لكنها تعترف بأنها ستحتاج إلى مساعدة من شركة تصنيع أكبر. في هذا الإطار أوضحت روزنكرانتز بـ"أنني أود أن يصل سعره إلى 50 دولارًا، وأن يتمكن كل طفل من شرائه".
وخلصت إلى أنه "ربما يكون الغيتار على شكل فطر وسيلة لتحقيق ذلك، سيكون هذا هو حلمي". وأضافت: "لدي ثقة في المستقبل. ما قد يعتبر غريبا اليوم قد لا يكون غريبا غدا".