تحبس الأنفاس..صور مؤرقة لأشخاص تحت الماء تجسّد عواقب تغير المناخ
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تحدّق أكيسا إلى الأمام مباشرة بنظرة من السخط الشديد.. الشابة البالغة من العمر 15 عامًا تجلس على كرسي متهالك، وقد شبكت يديها على حِجرها، بينما تتطاير تنورتها البيضاء قليلا فيما قد يبدو للوهلة الأولى أنّ الأمر ناتج الريح.
يبدو المشهد طبيعيًا تقريبًا حتى يتم التركيز على مزيد من التفاصيل: الخلفية عبارة عن ظل غريب من اللون الأزرق لن تراه على الأرض. الآلاف من شظايا المرجان المكسورة تغطي القعر، بينما تلوح الشعاب المرجانية في الأفق خلفها.
هذه الصورة المذهلة تُعد واحدة من سلسلة صور بعنوان "SINK / RISE"، وهو أحدث مشروع لمصور الفنون الجميلة نيك براندت.
وتُظهر الصور سكان جزر جنوب المحيط الهادئ وهم يمثلون الأشخاص الذين هم على وشك فقدان منازلهم وأراضيهم وسبل عيشهم بسبب تغير المناخ.
ورغم صعوبة تصويرهم في قاع المحيط، إلا أن براندت كان يعلم أن هذا بالتحديد ما كان عليه فعله.
ويقول براندت إن التأثير الكبير والمدمر الذي سيحدثه ارتفاع مستوى سطح البحر على حياة الملايين من الناس قد يكون من الصعب رؤيته وفهمه في الوقت الحقيقي. لذلك توصّل براندت إلى طريقة مبتكرة لإظهار ذلك بشكل رمزي، لافتًا إلى أن بعض الأشخاص وصفوا الصور وكأنها في مرحلة ما بعد نهاية العالم تمامًا.
أكيسا وسكان ساحل فيجي الآخرون الذين صورهم هذا المشروع لم يروا العالم الذي يعرفونه يغرق تحت الماء، حتى الآن. لكن يقول المصور الفوتوغرافي إن الكثير منهم قد يشهدون حدوث ذلك بالفعل إذا استمر تغير المناخ بوتيرته غير المسبوقة، واستمرت مستويات المياه في الارتفاع.
ويقول براندت إن جزر المحيط الهادئ تساهم بنسبة 0.03% فقط من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، مع ذلك، فإنها تواجه احتمالاً ينذر بالخطر بخسارة كل شيء بسبب تغير المناخ على أي حال.
ويُوضح براندت: "أنهم الأكثر عرضة لعواقب أساليب العالم الصناعي".
ويأمل المصور الفوتوغرافي أن تجسد هذه الصور، ما يخشى حدوثه في المستقبل، وأن تساعد الآخرين على رؤية التأثير المدمر لأفعالهم في الوقت الحاضر.
استغرقت جلسة التصوير المعقدة أسابيع
قبل الشروع في هذا المشروع، يقول براندت إن الصور الوحيدة التي التقطها تحت الماء كانت عبارة عن لقطات لأسماك استوائية لفتت انتباهه.
أما تصوير الأشخاص تحت الماء، ومساعدتهم على الشعور بالراحة والظهور بشكل طبيعي رغم الظروف الغريبة، يُعد مهمة أكثر صعوبة بكثير.
وقام براندت باختبار حوالي 200 شخص في حوالي 20 مكانًا. ولستدعى محترفي ومدربي الغوص لضمان السلامة والمساعدة في تدريب الشخصيات.
ومن بين التحديات التي واجهته، أنه بقي منتظرًا لعدة أيام عندما أدى الجريان السطحي الموحل الناجم عن الأمطار الغزيرة إلى جعل المياه قبالة ساحل فيجي حالكة للغاية لدرجة أن التقاط الصور كان مستحيلاً.
ويشير براندت إلى أنه عندما أصبحت المياه الصافية، كان لديه وقت ضيق لتحضير المشهد وتصويره بينما تقف الشخصية في مكانها وتزيل الجهاز الذي يزودها بالأكسجين وتحبس أنفاسها.
وخلال الأيام الأولى من التصوير الذي استمر 6 أسابيع، يقول براندت إن معظم الشخصيات لم يكن بوسعهم سوى حبس أنفاسهم لمدة 15 ثانية تقريبًا قبل أن يحتاجوا إلى إمدادات الأكسجين تحت الماء.
واستغرق الأمر نحو 30 دقيقة لإعداد كل لقطة. وفي نهاية المطاف تمكن البعض من حبس أنفاسهم لأكثر من دقيقة، ولم يستغرق إعداد اللقطات سوى دقيقة أو دقيقتين.
ويشير براندت إلى أن التواصل الجيد ساعد أيضًا.
ومن أجل تقديم التوجيه للشخصيات أثناء قيامه بالتصوير، استخدم براندت ومساعدوه اتصالات سلكية صلبة لنقل المعلومات إلى القارب. ومن هناك، يقوم شخص بتكرارها في مكبر صوت يبث تحت الماء.
وخلال جلسة التصوير بأكملها، يؤكد براندت أن الشخصيات والطاقم المساعد جلبوا روح الدعم ومشاعر الحماس والتفاني للمشروع، ما ساهم في إنجاح المشروع حتى في أصعب الأيام.
ويؤكد: "شعرنا بالاندهاش حقًا، كان طاقم العمل منخرطًا للغاية، لدرجة أنه حتى عندما انتهينا من تصويرهم، وكان بإمكانهم الاسترخاء والعودة إلى القارب، كانوا يعودون أدراجهم لمساعدة زملائهم".