كيف تأسست دار "بالنسياغا" للأزياء؟ نظرة على الحياة السرية لمؤسسها
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- عند التفكير بدار الأزياء الفاخرة "بالنسياغا" (Balenciaga) اليوم، ربّما تخطر في بالك الإكسسوارات الجريئة، والأحذية الفاخرة، وعروض الأزياء المميزة.
ولكن، كانت أصول تأسيس دار الأزياء أكثر سرية إلى حدٍ ما، إذ كان مؤسِّسها، كريستوبال بالنسياغا، معروفًا بخصوصيته، وسريته، وحاجته إلى التحكم في كل جانب من جوانب عملية التصميم.
والآن، يقوم مسلسل "Cristóbal Balenciaga" الجديد من "Disney+ Spain" برفع الستار عن حياته الخاصة خلال الأعوام الثلاثين التي قضاها في العاصمة الفرنسية باريس منذ عام 1937، حيث ارتقى بمهنته، وتغلب على تحديات شخصية ومهنية أثناء بناء دار أزياء شهيرة عالميًا، وتتمتع بإرث دائم.
ووُلِد بالنسياغا لعائلة من الطبقة العاملة في عام 1895 ببلدة جيتاريا الصغيرة في إقليم الباسك شمال إسبانيا، وتعلم المصمم مهاراته من والدته التي عملت كخياطة، وعندما عمل كمتدرب لدى خياط.
وقالت مُبتكِرة مسلسل "Cristóbal Balenciaga"، لورديس إغليسياس، في مقابلة مع CNN بمساعَدة مُترجِم: "رُغم أنّ بالنسياغا وُلِد بالقرب من المكان الذي أعيش فيه بإسبانيا، إلا أنّني لم أكن أعرف مدى أهمية شخصيته".
وذكرت إغليسياس أنّ عملية البحث لبناء صورة بالنسياغا كانت طويلة، ومفصّلة، وصعبة، خصوصًا بالنظر إلى خصوصيته، وقلّة المقابلات التي أجراها مع الصحفيين. ومع ذلك، إلا أنّ المشروع كان قادرًا على إجراء بحثٍ أولي.
موهبة يافعة
وبدأ بالنسياغا بتصميم الملابس عندما كان مراهقًا، وسرعان ما حصل على أول راعية له، وهي امرأة ذات نفوذ في مدينته.
وأرسلته تلك المرأة إلى مدرسة للخياطة في العاصمة الإسبانية مدريد، كما أنّها ارتدت الأزياء التي ابتكرها.
وعندما بلغ سن الـ22، افتتح بالنسياغا أول متجر له في مدينة سان سيباستيان الساحلية، وتبع ذلك افتتاح متاجره في مدن عصرية مثل مدريد وبرشلونة في إسبانيا.
وأدّى اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية إلى إغلاق متاجره في إسبانيا، وفي عام 1937، انتقل إلى باريس بطموحات جريئة، إذ أراد المصمم إنشاء دار أزياء خاصة به، والانضمام إلى أمثال كوكو شانيل، وإلسا سكياباريلي، وغيرهم من المصممين في عالم تصميم الأزياء الراقية (الهوت كوتور).
وهنا تبدأ قصة مسلسل "Cristóbal Balenciaga"، مع دخول المصمم إلى ساحة الموضة الباريسية التنافسية.
وأوضحت إغليسياس: "اعتقدنا أنّ هذا هو الوقت الأكثر أهمية وإثارةً للاهتمام في حياته".
وبالنسبة لما ذكرته إغليسياس، كان عرض مهارة بالنسياغا كخيّاط محترف من أهم جوانب السرد القصصي في المسلسل، وشرحت قائلة: "كان يعرف بالضبط كيفية خياطة زر، وصنع فستان بأكمله".
وأضافت أنّه "لم يقم بعمل رسومات تخطيطية، بل رأى كيف يتحرك القماش، وكان يصنع الفستان بناءً على ذلك".
التحديات وراء إعادة صنع تصاميمه
ويَظهَر نهج بالنسياغا المبتكر والجريء في الموضة خلال المسلسل بأكمله.
وأظهرت مجموعات علامة الأزياء، التي أُعيد صنعها، صورًا ظلية مُصمَّمة ببراعة، وهياكل فريدة من نوعها، واستخدامًا دراميًا للأنسجة والألوان.
وعزّزت رؤيته قاعدة من العملاء المخلصين رفيعي المستوى خلال الأربعينيات وما بعد تلك الفترة، بما في ذلك جريس كيلي، وواليس سيمبسون، ومارلين ديتريك.
ولإعادة ابتكار القطع الأصلية، منحت دار "بالنسياغا" إغليسياس ومصممي الأزياء في البرنامج، وهم بينا دايجيلر، وبيبو رويز دورادو، إمكانية الوصول إلى أرشيفاتهم ومتحفهم.
وأشارت دايجيلر إلى إعادة صنع ما يصل إلى 80 تصميمًا مبتكرًا من تصاميم "بالنسياغا" من أجل البرنامج، إلى جانب استخدام طاقم العمل قطع "بالنسياغا" القديمة أحيانًا.
وأشارت إغليسياس إلى أنه "كان من المهم جدًا إظهار الفساتين الأكثر شهرة، ولكن احتجنا أيضًا إلى مراعاة الغرض الدرامي عند استخدام فستان معيّن، وأي منها يلائم القصة التي نريد أن نرويها بشكلٍ أفضل".
وكان اهتمام "بالنسياغا" بالتفاصيل شديدًا للغاية عندما يتعلق الأمر بالأقمشة، ويُسلّط المسلسل الضوء على اختراع "gazar"، وهو نوع متين من الحرير صُنِع خصيصًا وحصريًا للمصمم.
وأتاح هيكل هذه المادة للمصمم بإنشاء بعض من ابتكاراته الأكثر شهرة ذات الطابع المعماري في الستينيات.
وأكّدت إغليسياس: "الأمر يتعلق بالكمال.. كان يحب السيطرة على كل شيء"، ومن ثمّ أضافت: "وقد ذكر أنّه لا يرغب باستمرار الدار باسمه تحت إشراف مصمم مختلف".
وتحقق ذلك في عام 1968 عندما أغلقت "بالنسياغا" دار الأزياء التابع لها في باريس فجأة. وبعد وفاة المصمم في عام 1972، ظلت العلامة التجارية في حالة سبات لـ14 عامًا، حتى اشترتها شركة "Jacques Bogart SA" الفرنسية للعطور ومستحضرات التجميل، وبدأت في تقديم الملابس الجاهزة (وهو مفهوم قاومه بالنسياغا خلال الأعوام التي قضاها في باريس).
ويمكن القول إنّه تم تعيين مصمم الأزياء الفرنسي البلجيكي نيكولا غيسكيير كمدير إبداعي في عام 1997، وبيعت الدار لاحقًا لمجموعة الأزياء الفاخرة الفرنسية "Kering" في عام 2001، وهو ما غيّر حال دار "بالنسياغا"، وأنعش صورة العلامة التجارية في العصر الحديث.