صور صادمة تستكشف استحواذ الطبيعة على العمارة الوحشية

نشر
6 دقائق قراءة
Credit: pp1/Shutterstock

ملاحظة المحرر: "نداء الأرض" عبارة عن سلسلة تحريرية من CNN تلتزم بتقديم التقارير حول التحديات البيئية التي تواجه كوكبنا، والحلول لمواجهتها. أبرمت رولكس عبر مبادرة "الكوكب الدائم" شراكة مع شبكة CNN لزيادة الوعي والمعرفة حول قضايا الاستدامة الرئيسية وإلهام العمل الإيجابي

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عادة ما يُوصف نمط العمارة الوحشية بأنه صارخ أو جامد، على عكس الطريقة التي نصف بها العالم الطبيعي الخصب والأخضر.

يستكشف كتاب صور جديد علاقة الطبيعة بالعمارة الوحشية، باحثا عن الجمال في ذلك التناقض بينهما.

وأوضحت أوليفيا بروم، أمينة الكتاب ومنشئة حساب "brutalistplants" على منصة "انستغرام" الذي يضم أكثر من 30 ألف متابع، إن الكتاب الذي يحمل عنوان "Brutalist Plants" (النباتات الوحشية) يُعد "مزيجا من التطلّع إلى المستقبل والنظر إلى الماضي".

وتأمل بروم أن تلهم هذه الصور الأشخاص للنظر إلى البيئة المبنية بشكل مختلف، ورؤيتها كمكان يمكن أن يكمّل الطبيعة.

يحتوي الكتاب على 150 صورة للمباني والأعمال الفنية والمنحوتات، مثل هذه التي التقطت في بوخارست برومانيا.Credit: Bogdan Anghel

وقالت بروم: "إما أن نعيش جميعنا في وئام مع الطبيعة والخرسانة، أو أن نفسدها جميعنا بشكل سيء، لدرجة أن الطبيعة ستطغى على كل ما نبنيه".

وتُعد العمارة الوحشية، أو العمارة الخمومية، نمطا معماريا يتجلى في شكله المهيب، واستخدام الأشكال الهندسية والخطوط النظيفة، ويبرز عادة من خلال مواد بناء صريحة كالخرسانة المكشوفة، والأنظمة أحادية اللون.

وبلغت شعبية هذا النمط المعماري ذروتها بين الخمسينيات وحتى السبعينيات من القرن العشرين، وهو يرتبط عادة بالمملكة المتحدة وأوروبا الشرقية، ولكن هذا النمط له جذوره في مباني القرن العشرين المبكرة من جميع أنحاء العالم، ولا سيما تلك الخاصة بالمعماري السويسري لو كوربوزييه، الذي أعطى عمله الأولوية للهياكل الوظيفية والأشكال النحتية الضخمة.

انجذبت بروم إلى الصور بسبب التناقض بين الخرسانة الجامدة ونعومة الطبيعةCredit: Rory Gardiner

ولدت بروم في المملكة المتحدة، ونشأت في جنيف بسويسرا، ما أثار اهتمامها بالعمارة الوحشية لأول مرة، إذ قالت: "في المكان الذي نشأت فيه، كان هناك الكثير من الجبال والخرسانة"، مضيفة أنه كان هناك الكثير من المباني في جنيف من تصميم لو كوربوزييه. 

وتابعت: "حين استرجع الماضي، فإن (المباني الوحشية) تبدو وكأنها مساحة منزلية بالنسبة لي".

وبدأت بروم حساب "Brutalist Plants" على "انستغرام" كهواية، حيث تعيد نشر أعمال المصورين، ومع نمو المتابعين إلى عشرات الآلاف، يقدّم العديد من المصورين وصنّاع المحتوى أعمالهم إلى بروم.

وأشارت بروم إلى أن "الكثير منهم ينتمون إلى حركة الحداثة، وهو ما يشبه إلى حد ما المدينة الفاضلة".

تسعى بروم لإرسال رسالة من خلال الكتاب مفادها أن البشر يمكنهم أن يعيشوا في وئام مع الطبيعة.Credit: Yasushi Okano

وتتخيل بعض الصور "كيف يمكننا أن نعيش مع النباتات"، ويُظهر إدراج التصورات، والهندسة المعمارية، والمشاهد التي أُنتجت بواسطة الذكاء الاصطناعي رؤى مفعمة بالأمل لعالمنا الحضري الصارخ الذي يتعايش بسلام إلى جانب الطبيعة.

وعلى الجانب الآخر، تُوحي بعض الصور بإحساس أكثر قتامة. 

وأوضحت بروم: "هناك عدد قليل من الصور حيث توجد مساحات معمارية طغت عليها الطبيعة بالفعل، ولم تعد موجودة"، لافتة إلى أن الكثير من هذه الصور قدّمها مستكشفون حضريون للمباني المهجورة.

ويبرز غياب الناس بشكل ملحوظ في الصور، إذ أوضحت بروم أنه تمت إزالة البشر من بعض الصور لتركيز السرد على علاقة البيئة المبنية بالطبيعة، والتي تعتبرها بروم مشوشة بسبب الوجود البشري. 

هياكل مثيرة للجدل

منحوتة للفنان كارستن فودنجر في منطقة باس-نورماندي، بفرنساتصوير: Karsten Födinger

ويضم الكتاب 150 صورة للمباني، والأعمال الفنية، والمنحوتات، ويتضمن مزيجًا من الصور التي تمت مشاركتها على حساب  "Brutalist Plants" وصور لم تكشف عنها من قبل والتي حصلت عليها من مصادر أخرى.

ومع عرض أعمال العمارة الوحشية من 41 دولة في الكتاب، فإن بروم متحمسة لإظهار الانتشار الهائل والتنوع لهذا النمط، وتأثيره على الهياكل والأعمال الفنية الأحدث.

وتتمثل إحدى "الصور الأكثر إثارة للجدل" التي شاركتها بروم مع جمهورها على منصة "إنستغرام"، والتي قامت أيضًا بإدارجها في الكتاب، في منحوتة للفنان الألماني كارستن فودنجر، وهي عبارة عن بلاطة خرسانية مائلة قليلاً، ومثبتة بأشجار الصنوبر. 

وتصفها بروم بأنها أشبه بطاولة من الخرسانة متصلة بهذه الأشجار.

وعلّق بعض الأشخاص على الصورة على منصة "انستغرام"، واعتبروا أنها بمثابة "أمر مريع بالنسبة للأشجار" وإهانة للطبيعة، في حين شعر آخرون بأن اتحاد الخرسانة والخشب يعكس أفكار المأوى، ويضيف لمسة فنية عليه.

وقالت بروم: "كان هناك الكثير من الجدل حول الأمر".

أصبح نمط العمارة الوحشية شائعا بين فترة الخمسينيات وحتى السبعينياتCredit: Alexey Bokov

وهناك الكثير من الصور التي تحمل معنى خاصًا بالنسبة لبروم، أحدها صورة لمبنى في جنيف يبعد "دقيقتين سيرًا على الأقدام" عن المكان الذي يعيش فيه والدها، وبعض المباني التي وثّقتها في ملبورن وكانبيرا في أستراليا، وهي وجهات زارتها مع العائلة والأصدقاء.

وتعيش بروم الآن في المملكة المتحدة، حيث يوجد العديد من المباني ذات نمط العمارة الوحشية لتمدّها بالإلهام، بما في ذلك مسرح باربيكان، حيث من المقرر إطلاق كتاب الصور الخاص بها.

وتؤمن بروم بأنه يجب الحفاظ على الهياكل الوحشية للمستقبل، وأن تكامل الطبيعة يُظهر قدرتها على التكيف.

نشر
محتوى إعلاني