نصف قرن من شخصية "هالو كيتي"..كيف تحوّلت لامبراطورية قيمتها 80 مليار دولار؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- صادف أمس الجمعة، مرور نصف قرن منذ أن ابتكرت شركة التسويق اليابانية "سانريو" أول نسخة من "كيتي وايت"، أو "هالو كيتي"، الفتاة المرحة في هيئة قطة التي تعيش مع عائلتها في ضواحي لندن.
وعلى مدار العقود التي مرت منذ ظهورها، أصبحت سفيرة لليونيسيف، ومبعوثة خاصة لوزارة الخارجية اليابانية، وموضوعًا للمطاعم والمقاهي ذات الطابع الخاص، وللمتنزهين الترفيهيين، وحتى مستشفى للولادة.
وبالتالي، تعد "هالو كيتي" عملاقًا تجاريًا حقق لمبتكرها ما يقدر بنحو 80 مليار دولار، ما وضعها إلى جانب "بوكيمون"، و"ميكي ماوس"، و"ويني الدبدوب" كواحدة من أكثر العلامات التجارية تحقيقا للأرباح في التاريخ. لكن بخلاف الآخرين في القائمة، لم يكن بيع المنتجات امتدادًا مربحًا لشهرة "هالو كيتي" على الشاشة، بل كان سبب وجودها منذ البداية.
وصُممت "هالو كيتي" بغرض تزيين مسلتزمات الأطفال والقرطاسية، وقد رسمتها لأول مرة يوكو شيميزو، إحدى رسامي شركة "سانريو"، في عام 1974. وأرادت الشركة تصاميم تجسّد مفهوم "كاوايي" الياباني، الذي يعني اللطافة، واستوحت الشابة البالغة من العمر 24 عامًا الإلهام للشخصية من قطة صغيرة أهداها لها والدها كهدية.
وظهرت "هالو كيتي" لأول مرة تجاريًا في العام التالي، حيث ظهرت على مجموعة من محفظات العملات المعدنية إلى جانب شخصيات جديدة عدة أخرى.
وقد أثبتت هذه الشخصية أنها التصميم الجديد الأكثر شعبية للشركة، إذ ارتفعت مبيعات "سانريو" بشكل كبير فور وضع صورتها على الألعاب والملصقات وغيرها من المنتجات الأخرى.
ولكن إذا كان من الممكن أن يُعزى نجاح الشخصية في وقت مبكر إلى تصميم شيميزو البسيط الذي لا يُنسى، الذي يتألف من وجه بلا فم وأنف أصفر بيضاوي وشوارب قطة وربطة شعر، فإن مكانتها كأيقونة للثقافة الشعبية تعود إلى الرسامة يوكو ياماغوتشي.
وتعتبر ياماغوتشي المصممة الثالثة لشخصية "هالو كيتي"، وقد قادت الهوية البصرية للشخصية مدة 45 عامًا تقريبًا.
في حديثها إلى CNN في المقر الرئيسي لشركة "سانريو" في طوكيو، تذكرت ياماغوتشي انضمامها إلى الشركة في وقت كانت فيه منتجات "هالو كيتي" تنحدر في شعبيتها.
وفي عام 1979، قررت شركة "سانريو" تنشيط العلامة التجارية، وكانت ياماغوتشي واحدة من العديد من الرسامين الذين كُلفوا بإنشاء وتقديم صور جديدة. ولأنها كانت تدرك أن "هالو كيتي" كانت موسيقية طموحة، فقد رسمت مشهدًا يصور الشخصية محاطة بعائلتها بعد شرائهم أول "بيانو" كبير.
بدأت ياماغوتشي في لقاء معجبي "هالو كيتي" القدامى والحاليين، لفهم سبب انخفاض المبيعات. وقامت بزيارة لمدة عام إلى مدينة سان فرانسيسكو في عام 1984، وسط اهتمام متزايد في الولايات المتحدة بالدببة المحشوّة. وبعد عودتها إلى اليابان، شرعت ياماغوتشي بإنشاء رسوم جديدة وتشكيل مجموعة من الأصدقاء لـ"هالو كيتي"، ضمنًا الدب المحشو، "تيني تشوم".
التطور الدقيق
وفي حين ظلت السمات الرئيسية لـ"هالو كيتي" من دون تغيير إلى حد كبير، إلا أن ياماغوتشي وضعتها في سيناريوهات مختلفة، ما أدى إلى توسيع إطار جاذبيتها.
وأوضحت ياماغوتشي أن "هالو كيتي" تجيد الرياضة، وتبدو لطيفة وأنيقة أيضًا.
وقالت: "أعتبرها لوحة بيضاء يمكنك تحويلها إلى ما ترغب به. لا يوجد الكثير مما لا يناسبها.. أعتقد أنه عندما يتحدث الجميع إلى هالو كيتي، فيحتمل أنها تجيبهم بطريقة ما".
وازدهرت مبيعات منتجات "هالو كيتي" في اليابان بين الثمانينيات ومنتصف التسعينيات. وكانت معظم منتجات الشركة تستهدف الفتيات الصغيرات، من اللوازم المدرسية ومستلزمات العناية الشخصية مثل فرشاة الأسنان. ولكن حتى في ذلك الوقت، كانت الرسامة ياماغوتشي تعلم أن الشخصية ستحتاج إلى التطور والنمو مع معجبيها.
وتعود هذه الحقيقة إلى رسالة تلقتها من إحدى معجبات "هالو كيتي" في عام 1987، "كتبت أن أصدقاءها ووالديها أخبروها أنها شخصية للأطفال، وأنها ينبغي لها أن تكبر وتتجاوزها. لكنها لم ترغب بذلك، لذا طلبت مني أن أصنع مستلزمات لطلاب المدارس الثانوية".
واستلهمت ياماغوتشي من الاتجاهات التي شاهدتها في منطقة هاراغوكو للأزياء في طوكيو حينها، وبدأت دمج الأسلوب المعاصر في تصاميمها، على أمل جذب المعجبين الأكبر سنًا.
وفي عام 1999، صرحت شركة "سانريو" لصحيفة نيويورك تايمز أن الشخصية كانت تظهر على 12 ألف خط إنتاج جديد سنويًا، وتغطي كل فئة يمكن تخيلها تقريبًا، من الملابس إلى بطاقات المعايدة وحافظ الطعام.
وبدأت الشركة استخدام "هالو كيتي" على المزيد من العناصر التي تخص البالغين، مثل الأجهزة اللإكترونية وأدوات المطبخ، حيث أصبح من الواضح أن الحنين إلى الماضي يعد نقطة بيع رئيسية.
ونتيجة لذلك، فإن بعض أكبر المعجبين بشخصية "هالو كيتي" اليوم هم أولئك الذين نشأوا معها في الثمانينيات والتسعينيات. ومن بينهم أساكو كاندا، التي بدأت بجمع منتجات "سانريو" في الصف الثالث الابتدائي، وهي الآن تمتلك أكثر من 10 آلاف قطعة مزينة بوجه الشخصية الخالي من التعابير.
التوجه نحو العالمية
ومع ركود الاقتصاد الياباني في التسعينيات، وسعت "سانريو" من حضورها الدولي. وخلال السنوات الأولى لـ"هالو كيتي"، كانت الشركة تبيع المنتجات من باب إلى باب في الولايات المتحدة، قبل إنشاء أول فرع خارجي لمتجر التجزئة الخاص بها في مدينة سان خوسيه عام 1976. ولكن بعد توسّع الاهتمام الغربي بالثقافة اليابانية، استحوذت الشخصية على خيال المستهلكين الأمريكيين في مطلع الألفية، وفقًا لأتسوو ناكاياما، وهو عالم اجتماع ياباني اختصاصي في صناعة الترفيه.
وقد تحقق الكثير من النجاح التجاري للشخصية من خلال الترخيص، إذ أنتجت كتبًا، وألعاب فيديو، ومسلسلات تلفزيونية متحركة، التي ساعدت في تطويرها بشكل أكبر. كما كانت جزءًا من صفقات مع العلامات التجارية الاستهلاكية والفاخرة الكبرى، وظهرت على طائرة تابعة لشركة الطيران التايوانية "إيفا للطيران"، ومجوهرات "سواروفسكي".
وبينما أثار تدهور ثروات "سانريو" في مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مخاوف من تلاشي الأهمية الثقافية لــ"هالو كيتي"، فقد ارتفع سعر سهم الشركة بشكل كبير خلال العامين الماضيين. وبحسب ناكاياما، فإن الحنين إلى الماضي يعد مرة أخرى قوة دافعة رئيسية في الداخل في اليابان، وفي الخارج.