في قلب قرية مهجورة بالأردن.. أقصى درجات حسن الضيافة في "أصغر فندق في العالم"
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- "العم" أبو علي، أردني الجنسية، يتمتع بميزتين لا يملكهما أحداً غيره في العالم: قلب كبير يتسع لكل سكّان الأرض، وفندق صغير ليس بقدرته أن يستضيف أكثر من شخصين في آن واحد.
وقد أسس محمد الملاحيم، البالغ من العمر 64 عاماً، والمُلقّب بأبو علي، أصغر فندق في العالم منذ ست سنوات بالقرب من قلعة الشوبك في الأردن، مستعيناً بسيارته من نوع "فولكسفاغن" القديمة بعدما قسى عليها الدهر، ليحولها إلى فندق ثابت على جانب الطريق، يُطلق عليه اليوم لقب "أصغر فندق في العالم."
مخدات مطرزة، وشراشف وردية ملّونة، وملصقات كرتونية.. كلّها مكدسة في "الفندق" الصغير الذي لا يتخطى حجمه مساحة الثلاثة أمتار: تصميم يليق بنزلاء "الفنادق الفاخرة" على حد قول العم أبو علي، والذي تولت ابنته مهمّة تصميم الفندق الداخلي وترتيبه للزوّار، وتطريز الأقمشة، ونسجها يدوياً.
ويشرح أبو علي أنه أسس فندقه الصغير بعد تقاعده بهدف تحسين وضعه المادي، حيث كان يعمل آنذاك كدليل سياحي لقلعة الشوبك والوديان والجبال في المنطقة، ويستقبل السياح من حول العالم في "بيت شعر" افتتحه داخل القلعة.
ويقول أبو علي في مقابلة مع CNN بالعربية: "انتقلت إلى مغارة مجاورة للقلعة، في قرية الجاية التي أصبحت شبه مهجورة، بعد أن تركها سكّانها بحثاً عن حياة مدنية أفضل. هذه القرية هي موطني، ولدت فيها، وتربيت فيها، وعشت فيها، وأردت الآن أن أبدأ مشروعاً فيها يحسن وضعها، ويجعلها منطقة سياحية، لأنها بالفعل تتميز بطبيعة مذهلة ومناظر خلّابة."
وقد قام أبو علي بعد تحويل سيارته القديمة وإعادة تصميمها، بترتيب المغارة أيضاً، مستعيناً بقرض مالي من البنك لتنفيذ فكرته، بهدف استقبال الزوّار فيها، لتقديم الشاي والقهوة وبعض المعلومات عن المنطقة.
ولم ينس أبو علي عند اتخاذ قراره بتأسيس الفندق، أن يوفر الخدمات ذاتها التي توفرها الفنادق الاعتيادية الأخرى، مثل الحمامات ومتجر للهدايا التذكارية. كما تقوم زوجته وبناته بتحضير وجبات طعام الفطور، والغداء، والعشاء، والتي تتميز بالمأكولات التقليدية والمكونات الطازجة، لتقديمها إلى نزلاء الفندق الصغير، بينما يعرض هو في مغارته الحلي، والأحجار الكريمة، والإكسسوارات، والنحاسيات، لمن يود شراء قطعة تذكارية تقليدية من الفندق الأصغر في العالم.
وتبلغ كلفة الليلة الواحدة في فندق أبو علي 40 ديناراً، أي حوالي 56 دولاراً، وتشمل الخدمات ووجبات الطعام. وغالباً، ما يستقبل الفندق النزلاء من حول العالم، من جنسيات مختلفة من بينها الإيطالية، والفرنسية، واليابانية، والأمريكية.
ويشير أبو علي إلى أن فندقه "المتواضع" سبق وأن استقبل العديد من الشخصيات المهمة والكبيرة، من بينهم وزراء وسفراء للأردن، إذ أن موقع الفندق الاستراتيجي، يجذب أي شخص يمر في المنطقة، بسبب شكله الغريب وتصميمه الاستثنائي.
في مغارة العم أبو علي، التي أطلق عليها اسم "مغارة بلدوين" – نسبة للملك بلدوين الذي عاش في القلعة المجاورة في الماضي – تمتلئ الجدران ببطاقات العمل الصغيرة والصور الكثيرة التي تركها زوّار الفندق خلفهم. أما كتاب التذكارات الكبير الذي يجلس على منضدة داخل المغارة، فلا شك بأنه أحد أثمن ثروات الفندق، إذ يضم مجموعة كبيرة من الرسائل والتواقيع والكلمات المعبّرة والصادقة، كتبها زوّار الفندق بجميع لغات العالم، ليشكروا فيها حسن ضيافة العم أبو علي، ويعدونه بزيارته مجدداً في أقرب وقت ممكن.
زيارة، قد تكون ممكنة في المرة القادمة لأكثر من شخصين في آن واحد فقط، إذا ما استطاع العم أبو علي من تحقيق حلمه وشراء عدة سيارات "فولكس فاغن" ليحولها إلى "مجمّع" فنادق صغيرة تجلس قبالة جبال الأردن الصحراوية الشاهقة وتوفر تجربة تقليدية قد لا تتوفر في أي بقعة أخرى حول العالم!