ما هو "سر" انتعاش الشعاب المرجانية في الشرق الأوسط؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- رغم أن ارتفاع درجات الحرارة في المياه، يؤدي إلى هضم الشعاب المرجانية للطحالب أو طردها، إلا أن الشعاب المرجانية في المناطق المطلة على شبه الجزيرة العربية، تقاوم تأثيرات الحرارة المرتفعة، ما جعلها محط اهتمام الباحثين، الذين يحاولون اكتشاف سر صمودها.
وتزيّن الشعاب المرجانية بألوانها وأشكالها المتنوعة المياه الضحلة في شتى أنحاء العالم، كما أنها تعد ملجأ للأسماك والحيوانات المائية المتنوعة. وبينما تُشبه الشعاب المرجانية الأشجار أو النباتات الصغيرة، ولكنها في الحقيقة عبارة عن هياكل من كائنات حيّة تسمى "المديخ أو السليلة"، التي تتجمع بأعداد كبيرة وتفرز الحجر الجيري، الذي يعطي الشعاب المرجانية هيكلها الصلب.
ويعود التنوع في ألوان الشعاب المرجانية إلى الطحالب المجهرية التي تعيش فيها، حيث يقوم المرجان بتقديم العناصر الغذائية والموقع الآمن للعيش، بينما توفر الطحالب للشعاب المرجانية نسبة حوالي 90 في المائة من غذائها، ما يجعلها عملية رابحة للجهتين.
وأشار عالم الأحياء البحرية في جامعة نيويورك في أبو ظبي، جون بيرت، إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في المياه "يدفع الشعاب المرجانية إلى هضم الطحالب أو طردها، ما يؤدي إلى انخفاض أعداد الطحالب وتبييض الشعاب".
وتعد الشعاب البحرية، التي تقع في خليج العقبة الواقعة في الطرف الشمالي من البحر الأحمر، من ضمن المناطق التي لم تتأثر بالتغييرات، حيث قالت طالبة الدكتوراه في جامعة بار إيلان، جيسيكا بيل ورثي إن "نسبة الاحتباس في الخليج أسرع من المعدل العالمي، ولكن الشعاب المرجانية في تلك المناطق لا تعاني من تبييض شامل".
وتقوم بيل ورثي بدراسة الشعاب المرجانية في العقبة لمعرفة مدى صمودها، إذ بدأت بوضعها في المختبرات وزيادة درجة الحرارة بخمس درجات فوق الـ 27 درجة مئوية، وبينما بدأت الشعاب المرجانية بفقدان لونها بعد درجة أو درجتين مئويتين فوق درجة حرارة الصيف القصوى، أظهرت الشعاب في مختبر بيل ورثي مرونة واضحة رغم تعرضها إلى درجات حرارة عالية.
وفي السياق ذاته، رجحت المشرفة على بحث بيل ورثي، البروفيسور معاز فاين أن سبب مرونة الشعاب المرجانية، قد يعود إلى العصر الجليدي الأخير، مضيفة: " لقد كانت معدلات البحر منخفضة بسبب كمية المياه في الثلوج، كما قام حاجز بحري بسد المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، ما أدى إلى رفع منسوب الحرارة والملوحة، ونفوق غالبية الكائنات الحية".
ورغم أن حرارة خليج العقبة أصبحت باردة نسبياً، إلا أنه وبحسب نظرية فاين استطاعت الشعاب المرجانية الحفاظ على قدرتها القديمة بالبقاء على قيد الحياة مع منسوب درجة الحرارة الدافئة.
ومن جهة أخرى، يستخدم الباحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية التحليلات الجينية لمعرفة الأسباب التي تجعل الشعاب المرجانية في البحر الأحمر أقل عُرضة للتلوث، رغم أنها ليست محصّنة، مقارنة بالأنواع ذاتها التي تعيش على سطح الأرض والحاجز المرجاني.
ويقارن الباحثون أيضاً، الشعاب المرجانية الفردية لتحديد السبب من وراء إمكانية تحمل بعض الشعاب درجات حرارة أكثر من غيرها، إذ ستكون الخطوة التالية هي تربية الشعاب المرجانية التي تحملها.
وأكد بيرت أن "بعض الباحثين تحدثوا عن إمكانية نقل الشعاب المرجانية المقاومة للحرارة من جنوب الخليج العربي إلى أجزاء أخرى من العالم، ولكننا لا نعرف الآثار الجينية، وهناك خطر من إدخال المرض والطفيليات."