عملية إنقاذ تعيد الحياة لطائرة مدفونة في الجليد إلى التحليق من جديد
دبي ، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في أساطير الحضارة الإغريقية، يُعرف الطائر الفينيق بأنه ينبعث مجدداً من رماده بعد أن يحترق. أما حطام هذه الطائرة المتحطمة، فقد انبعث من قلب قارة "أنتاركتيكا" المغطاة بطبقة سميكة من الجليد وليس من الرماد.
وتُستخدم طائرة الشحن المجهزة للتزلج من طراز "لوكهيد سي-130 هيركوليز" بواسطة برنامج الولايات المتحدة في القارة القطبية الجنوبية لنقل المواد إلى سلسلة قواعدها عبر القارة القطبية الجنوبية. وفي 4 كانون الأول/ ديسمبر عام 1971، غادرت إحدى هذه الطائرات، والتي تحمل اسم "جولييت دلتا 321" لاستطلاع جوي طويل وغير متوقع.
في ذلك اليوم المشؤوم، بعد إعادة تزويد بعثة علمية في بقعة معزولة في شرق القارة القطبية الجنوبية، تعرضت محركات "جولييت دلتا 321"، المستخدمة للمساعدة في الإقلاع، إلى عطل تسبب في عملية هبوط اضطراري على أرض جليدية، نتج عنه انهيار معدات الهبوط الرئيسية.
ولم يتم الإبلاغ عن أي إصابات في ذلك الحادث، ولكن تم اعتبار عملية الإنقاذ معقدة للغاية ومكلفة، لذا تم التخلي عن الطائرة على الفور بعد تجريدها من جميع أدوات الطيران، وأجهزة قياس المحرك، بالإضافة إلى أجهزة الراديو، والمعدات الملاحية.
وفي أواخر سبعينيات القرن الماضي، استُعيدت طائرتين أمريكيتين من طراز "جولييت دلتا 321" ذاته بعد وقوعهما في حوادث مماثلة في "أنتاركتيكا". ومع أخذ تلك الحالات في عين الاعتبار، لم تكن فكرة استرداد "جولييت دلتا 321 مجنونة على الإطلاق.
ومع ذلك، لم يكن حتى عام 1986، بعد مرور 15 عاماً على الحادث، حتى وُضعت الخطط لإنقاذ الطائرة المشؤمة. وتضمنت المرحلة الأولى من عملية الإنقاذ فريقاً مؤلفاً من ستة أفراد من مقاول الدعم اللوجستي التابع لـ"برنامج الولايات المتحدة في أنتاركتيكا"، والذي سافر إلى موقع يدعى "D59"، بالقرب من محطة "دومون دو أورفيل" الفرنسية، التي تبعد عن موقع الحطام حوالي 140 ميلًا.
وفي تلك البقعة، أعدّ الفريق المعدات الثقيلةـ والإمدادات الأخرى التي تم نقلها من قاعدة "ماك موردو"، أي مركز أبحاث الولايات المتحدة في القطب الجنوبي، ثم سافر برّاً برفقة فرقة اجتياز فرنسي إلى موقع الحطام.
وبعد تقييم حالة الطائرة، أمضى الفريق 5 أسابيع في عمليات حفر مكثّفة من أجل استخراج الطائرة من تحت 20 قدماً من الثلج الصلب المضغوط. كما أُزيلت المحركات، ونُقلت جواً إلى الولايات المتحدة لإصلاحها.
وفي المرحلة التالية، عادت مجموعة أكبر إلى الموقع، بما في ذلك أفراد من مقاولي الدعم، بالمعدات اللازمة لإجراء جميع الإصلاحات اللازمة.
ولكن لسوء الحظ، فُقدت طائرة أخرى من طراز "لوكهيد سي-130 هيركوليز" أثناء العملية، مع اثنين من رُكّابها. ومع ذلك، تابع الفريق عمله.
وأخيراً، بتاريخ 10 كانون الثاني/يناير عام 1988، وبعد مرور 16 عاماً على تحطمها، عادت "جوليت دلتا 321 " إلى الجو لتحلق من جديد.