عمود "كاتسكي" الاستثنائي.. حيث يصعد الرهبان "الشجعان" للتقرب إلى الرب
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تجربة التجول في رحلة عبر الممرات الريفية الجميلة والمتعرجة لمنطقة إيميريتي الغربية النائية في قلب جورجيا ممتعة للغاية، ولكنها تجربة لا تربطك على الفور بالسياحة الدينية حتى تمر بلافته على طريق مخفي تحمل صورة كنيسة.
ويتألف عمود "كاتسكي" من قطعة ضخمة من الصخر الطبيعي الكلسي يبلغ ارتفاعه أكثر من 40 متراً، وفي قمته تقع على الأرجح أكثر الكنائس عزلة وقداسة في العالم.
ويبعد عمود "كاتسكي" عن غرب عاصمة جورجيا تبليسي حوالي 200 كيلومتر، ومن الصعب الوصول إلى هذا المعلم البارز، إذ لا توجد قطارات في هذا الجزء من المنطقة، وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة للوصول إلى هناك تكون بواسطة السيارة أو الحافلة، ولكنها تستحق عناء الرحلة.
ويجب التوقف للسير لمدة 20 دقيقة حيث يظهر العمود فجأةً في أفق مشهد جورجيا النابض بالحياة. إنها تجربة سحرية تزداد سحراً كلما اقتربت من العمود نفسه. ويمثل الارتفاع الحاد في بعض الخطوات غير المكتملة علامة على أن الزوار قد أوشكوا على الوصول تقريباً.
ويوجد عند قاعدة العمود دير وكنيسة صغيرة في الجانب الأيمن، وعلى الجانب الأيسر يقف عمود الحجر الكلسي البالغ طوله 40 متراً في كل مجده الساحر.
ويعد مجمع كاتسكي فريداً من نوعه. فقد بنيت الكنيسة على قمة العمود خلال القرنين الـ6 والـ8، وهي مخصصة لكاهن الاعتراف مكسيموس، وهو راهب من جورجيا في القرن الـ7. وهناك أيضاً حُجرة للدفن، وقبو للنبيذ، بالإضافة إلى جدار ساتر، و3 حجرات مخصصة للنساك.
وفي كل يوم، يصعد الرهبان عبر سلم معدني رفيع مثبت إلى جانب الصخرة لمدة 20 دقيقة. ويُقال إن الحج اليومي لإقامة الصلوات في الأعلى يجعلهم أقرب إلى الرب.
وفي أسفل العمود، تقع كنيسة القديس سمعان العمودي المشيدة حديثاً، والدير، بالإضافة إلى أطلال لجدار قديم، وجرس كنائسي.
واليوم، لا يزال العمود يُعرف لكونه أحد أكثر المعالم المقدسة على الأرض. ولا يسمح لأي شخص غير الرهبان بالصعود إلى قمة العمود لمدة 20 دقيقة، باستخدام سلم الصلب على جانب العمود.
ويُعد التسلق من الدير الموجود في الأسفل إلى الكنيسة في الأعلى بمثابة حج يومي يُعتقد بأنه أفضل طريقة للمثول إلى الرب. ولم يسمح للنساء بالصعود إلى قمة العمود في أي وقت من التاريخ حتى الآن.
ويقول رئيس الدير إيلاريون لـCNN إنه منذ عام 2018، منع عامة الناس من الصعود إلى قمة العمود لزيارة الكنائس في الأعلى بقرار من البطريرك إيليا الثاني، الزعيم الروحي للكنيسة الأرثوذكسية في جورجيا.
ويشعر السكان بالفخر بمعلمهم المحلي البارز على الرغم من عدم تمكنهم من زيارته، ويتم تبجيل المكان كرمز حقيقي للصليب. ويقول أحد السكان المحليين، جورج تسيرتسفادز إن الحظر سيساعد في الحفاظ على قدسية "كاتسكي".
ويُذكر أن العمود ظل دون أي زيارة حتى عام 1944، عندما توجهت بعثة بقيادة الجورجي ألكسندر جاباريدزه، والكاتب ليفان غوتوا إلى قمة العمود لإجراء دراسة شاملة.
في ذلك الوقت، كان يُعتقد أن الكنائس الواقعة أعلى العمود قد شُيدت في القرنين الـ5 والـ6، ولكن تم تعديل هذا التقدير لاحقاً في القرنين الـ9 والـ10 من قبل المتحف الوطني في جورجيا.
ورُمم مبنى الدير والمجمع المحيط به بواسطة برنامج ممول من الدولة في عام 2009، وتستمر أعمال الترميم حتى اليوم للسماح للزوار بخوض تجربة مشابهة منذ أكثر من ألف عام. وهناك مشروع بناء مركز جديد للزوار، إلى جانب متجر صغير للهدايا التذكارية.