وثق المناطق غير المعروفة..كيف يبدو العالم بعيون هذا المصور؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- سواء كان السفر عبر السهول الشاسعة لأفريقيا أو غابات المانغروف الخصبة في تايلاند، يتخذ المصور مايكل بوليزا نهجاً واحداً عندما يستكشف العالم، وهو ألا يلتقط شيئاً سوى الصور، ولا يترك خلفه سوى آثار أقدام.
وخلال العقدين الأخيرين، سافر بوليزا إلى حوالي 180 دولة لالتقاط صور نابضة بالحياة، تركز على لحظات خاصة للحيوانات، بالإضافة إلى المناظر الطبيعية التي لا تحظى باهتمام في العالم.
ويتطلب التقاط مثل هذه اللحظات الخاصة الصبر، وفهم الإيقاعات المتقلبة للحياة البرية، لكن حتى مصوري الحياة البرية الأكثر كفاءة ليسوا بمنأى عن نزوات الطبيعة.
وذات يوم من عام 2011، أثناء تحليقه فوق منتزه بورنولولو الوطني، الذي يقع في غرب أستراليا، انشغل بوليزا وطيار مروحيته بجمال التكوينات الصخرية التي تشبه خلية النحل، ولم يلاحظا أنهما متجهاً مباشرةً نحو عاصفة.
ويتذكر بوليزا ذلك اليوم في كتابه الأخير، بعنوان "العالم" قائلاً: "كان البرق يضرب يساراً ويميناً وأعلى وأسفل، وكان لا يمكن إغلاق الباب المفتوح في الجزء الخلفي من المروحية، لذا كان المطر يتسرب إلى الداخل".
ويقول بوليزا إن لقطته التي تجمع التكوينات الصخرية مع البرق في السحب تعد من بين أفضل صوره الفوتوغرافية حتى الآن.
ولم يكن بوليزا، الذي يبلغ من العمر 62 عاماً، مصوراً منذ البداية، إذ بدأ حياته كممثل في مسقط رأسه، هامبورغ، بألمانيا، قبل تأسيسه العديد من شركات تكنولوجيا المعلومات في الطفرة المبكرة للإنترنت. ولكن في عام 1997، باع شركاته، وحزم أغراضه، واستعد لاستكشاف العالم.
واشترى بوليزا قارباً وشرع في رحلة استكشافية مدتها ألف و9 أيام حول العالم لنشر الوعي البيئي، برفقة المصورين والمخرجين، وقاموا معاً بتوثيق الرحلة وبث الصور عبر الأقمار الصناعية وعبر الإنترنت أثناء استكشافهم للمناطق النائية من العالم التي لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق السفن.
وأثناء الرحلة، بينما كان يبحث عن أسماك القرش الأبيض الكبير في أستراليا، تعلم بوليزا أن يقدر حقيقة أنه لا يمكن إجبار الطبيعة. وبعد مضي 5 أيام دون جدوى، نفد صبر أحد أصدقاء بوليزا وعرض المال على دليل رحلتهم لتسريع عملية البحث.
وعن ذلك قال بوليزا :"لم يكن هناك شيء يمكن فعله، كان هذا درساً جيداً للغاية لفهم أنك لا تستطيع إجبار الطبيعة على فعل أي شيء".
بداية جديدة
وعندما انتهت رحلته، توجب على بوليزا، الذي كان في منتصف الأربعينيات من عمره آنذاك، أن يقرر خطوته التالية. وباع سفينته وتوقف عند مدينة كيب تاون، بجنوب أفريقيا، لينطلق إلى مدغشقر، وفي خطوة جنونية، ألغى رحلته إلى مدغشقر واشترى منزلاً في كيب تاون، وبدأ استكشاف القارة.
وانضم بوليزا إلى أصدقائه في رحلات السفاري، والتقط صوراً للمناظر الطبيعية الخلابة في أفريقيا ومجموعة واسعة من الحيوانات. وعندما بدأت بعض لقطاته تظهر في الإعلانات، بدأت حياته المهنية في التقدم.
وفي يوم من الأيام، بعد عودته من رحلة سفاري، أدرك بوليزا أنه يواجه مشكلة مادية عندما تفقد حسابه المصرفي، عندها أدرك أنه بحاجة إلى وضع خطة.
وسرعان ما وجد بوليزا ناشراً لكتابه الأول، بعنوان "أفريقيا"، الذي صدر عام 2006، والذي اكتسب اهتماماً عالمياً.
وملأت لقطات بوليزا 11 كتاباً آخر، وبيعت آلاف النسخ، وكان أحدث كتاب له، بعنوان "العالم"، بمثابة تتويجاً لأعماله من العقد الماضي.
وقال بوليزا: "لقد أدركت أن لدي الكثير من الصور التي لم يتم استخدامها، لذلك اعتقدت أنه سيكون من الممتع القيام بكتاب يمثل نظرة شخصية عن العالم"، موضحاً أنه لا يدعي أن مجموعة صوره تغطي العالم بأسره، إنما هي محض وجهة نظر شخصية للعالم فقط.