"الزمن الخالد" في العراق..كيف وثق المصور الشهير لطيف العاني "العصر الذهبي" في البلاد؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- صور بيضاء وسوداء لمدينة بابل العريقة، وأخرى أكثر لطالبات في حصة الرياضة في المدرسة. قد يصعب على المرء تصديق أن هذه الصور التُقطت في الماضي بالعراق، نظراً لما عانته البلاد من حروب وصراعات عنيفة في العقود الأخيرة.
ورغم أن الصور التي التقطها المصور العراقي لطيف العاني للعراق باللونين الأبيض والأسود فقط، إلا أن العديد من الأشخاص قد يوافقوا على أنها تظهر جوانب مميزة أكثر مما يظهر في الصور الملونة للعراق في الوقت الحاضر، والتي تأثرت بسبب عقود من الحروب.
وفي مقابلة مع موقع CNN بالعربية، عبّر العاني عن اشتياقه إلى الماضي قائلاً: "الحاضر شيء مؤلم وصادم لجيلنا الذي شاهد واختبر معايير الحياة في الستينيات والسبعينيات".
كيف فاجأت صور لطيف العاني الناظرين إليها؟
وإذا كنت تشعر بالغرابة لدى مشاهدة الصور التي التقطها المصور العراقي، فأنت لست وحدك، وأكّد المصور على ذلك قائلاً: "لقد كان الأشخاص يتفاجأون تماماً عندما يشاهدون الجوانب الفنية، والصحية، والرياضية، وأيضاً بعض الصور التي توثق القفزة الإقتصادية والنواحي الإنتاجية للعراق كبلد منتج في الستينيات والسبعينيات".
ومن خلال صور العاني، يستطيع المرء أن يرى لمحة من الجانب المعماري للعراق، من خلال مشاهد تعرض جسر سامراء، ومنازل متطابقة في منطقة اليرموك ببغداد.
ولم تخل صور العاني من الجانب الإجتماعي، مثل طالبات المدرسة اللواتي كنّ يمارسن الرياضة في مدرسة في بغداد، وتلميذة تقوم بالعزف في مدرسة للموسيقى، إضافةً إلى راعي تبدو على ملامحه صغر السن.
ومن بين صوره، أشار العاني إلى أن "أغلب الزوار يفضلون صورة الفتاة الصغيرة التي تحمل قنينة الحليب، وصورة فتيات التربية الرياضية".
"زمن الصورة هو الزمن الخالد"
وقام العاني يتوثيق مختلف المشاهد في أماكن متعددة في البلاد، من بغداء وسامراء، وصولاً إلى نينوى.
ومع ذلك، عند سؤاله عن الأماكن التي لا تزال تحتفظ بمكانة خاصة في قلبه، أجاب المصور أنها "العراق كلها"، مضيفاً أنه "يمكن للأماكن أن تتغير أو تزول، ولكنها باقية في الزمن عبر الصورة. وزمن الصورة هو الزمن الخالد".
ومع ازدياد أهمية صوره اليوم في ظل الصراعات التي مرت بها البلاد، يؤكد المصور أن "الصورة الفوتوغرافية هي خارج الصراعات، وهي هوية شخصية لما حدث ويحدث".
ويرى المصور العراقي أن الجيل الرقمي قد "خرّب كل شيء تقريباً"، وأضاف شارحاً أنه أتى من جيل قام بصناعة الصور.
كما أنه اشار إلى أن التحدي الذي يواجه الجيل الرقمي هو خلق صورة فنية بعيداً عن استخدام الكمبيوتر.
وعبّر العاني عن عدم رغبته في العودة إلى التقاط الصور، وذلك "بعد صعود غبار القبح الى الحياة العامة في جميع مرافق العراق".
والتقط العاني آخر صورة احترافية في عام 1977.
ومع ذلك، أكّد المصور أنه في حال كانت له الرغبة في إمساك كاميرته مجدداً فإنه سيلتقط "صورة الحماس والوعي المدني الموجود لدى الشباب، والمساهمة بالتغيير بعيداً عن الصراعات الطائفية التي أنتجتها الأعوام الماضية".
وأضاف العاني: "إذا كانت لدي رغبة، سأقوم بالتقاط صورة جماعية واحدة للأمل القادم".