تقطعت بهم السبل خلال جائحة فيروس كورونا.. من هم "الرحالة الرماديين" في أستراليا؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- بالنسبة للعديد من الأستراليين المتقاعدين، لا يعد المنزل مكاناً ثابتاً. وأصبح عدد متزايد من الأستراليين الكبار في السن، الذين يُطلق عليهم اسم "الرحالة الرماديين"، يقضون أشهر أو حتّى أعوام وهم يسافرون على الطريق.
ويسافر 30 ألف إلى 40 ألف من "الرحالة الرماديين" محلياً كل ربع من العام في المتوسط، وفقاً لبيانات "Tourism Research Australia".
وبعد تقاعدها من العمل في مجال العقارات، قررت فال أثيرتون أنها ترغب في الانضمام لأولئك الأشخاص، ولكنها لم تكن مرتاحة لفكرة القيام بذلك لوحدها كامرأة عزباء في السبعينيات من عمرها.
ولكن، دخل زوجها الموسيقيّ، دان أثيرتون، إلى حياتها مرة أخرى بعد 23 عاماً من انفصالهما عن بعضهما البعض، فوضع الثنائي أمتعتهما في مقطورة سفر، وبدأت مغامراتهما حول البلاد.
وبعد 9 أشهر من الترحال، أعلنت منظمة الصحة العالمية وجود جائحة بسبب فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".
عبور الحدود
وتركت قيود السفر الناتجة عن الجائحة العديد من المواطنين الضعفاء عالقين في الجانب الخاطئ من البلاد.
وقالت مؤسسة موقع "Thegreynomads.com.au"، سيندي غوف إن العديد من الرحالة الرماديين تأثروا من السرعة التي تجلت بها الأحداث، مشيرةً إلى عمليات إغلاق حدود الولايات ومنتزهات الكرفانات في أواخر مارس/آذار.
وعندما دخلت البلاد حالة سبات بسبب الجائحة، كان الثنائي فال ودان أثيرتون في كارنافون، وهي بلدة ساحلية على بعد 560 ميلاً شمال بيرث.
وللوصول إلى مسقط رأسهما في كوينزلاند، كان يجب على الثنائي عبور مسافة أبعد من رحلة عبر المحيط الأطلسي من لندن إلى نيويورك.
وقال دان: "لمدة 10 أيام، كنا نقود، نتزوّد بالوقود، ونقف في المواقف الخاصة بالمقطورات، وننام، ثم نقود مجدداً".
وأكّد دان أنه توفر لديهما أقنعة، ومعقمات، وقفازات، ولم تستدع مواقف المركبات أي اتصال، ما يعني أنهما كانا يلتزمان بالعزلة الذاتية طوال الطريق إلى مسقط رأسهم، حسب تعبيره.
وشعر الثنائي بالسعادة الغامرة لدى وصولهما إلى منزلهما بعد أكثر من أسبوع من قرارهما بالعودة.
تُعد المزارع شريان حياتهم
ولم يتمتع جميع الرحالة الرماديين بخيار العودة إلى منازلهم في ظل الجائحة.
وفي يونيو/حزيران الماضي، باع الثنائي كولين وراس لاينز جميع ممتلكاتهما وغادرا بريسبان لبدء رحلة العمر.
وخلال حديثها عن قرارهما بالسفر، قالت كولين: أنت لا تعرف ما قد يحصل"، ثم أضافت: "أردنا رؤية أستراليا بينما نستطيع".
وكان الثنائي في "حديقة يانشيب الوطنية" عندما أغلقت أستراليا الغربية جميع المتنزهات الخاصة بالكرفانات والحدائق الوطنية أمام المسافرين، واضطر الثنائي للبحث عن مكان يمكنهما البقاء فيه على المدى الطويل.
وأتى الحل من مزرعة "Olive Hill". ومثل العديد من المزارعين، أغلق بينجي وهيلين ليجايت أبوابهما أمام الملأ، ولكنهما قدما المساعدة للعالقين.
والآن، تتواجد 4 مقطورات على أراضي الملكية الخاصة بهما، ومع مرور الوقت، أنشأ بينجي مع الآخرين مجتمعهم الخاص.
ورغم الأجواء المقلقة في البداية، أكّد بينجي: "الآن، هناك إحساس كبير بالسلام، والصداقة، والجماعة".
طريق طويل
وشهد أبريل/نيسان، الشهر الأول في العالم الذي لم تحصل فيه حرائق في أستراليا. ولكن مع توقف السياحة تماماً، يبدو أن الأزمات المتتالية قطعت الحبل الأخير الذي تعلقت به العديد من المجتمعات الإقليمية والريفية.
وسجلت صناعة الكرفانات والتخييم وحدها خسائر تجاوزت 135 مليون دولار في شهر أبريل/نيسان.
وستكون عادات سفر "الرحالة الرماديين" جزءاً من الحل لإنعاش القطاع.
وأوضح بيتر كلاي من رابطة صناعة الكرفانات في أستراليا أن "الرحالة الرماديين مهمين بشكل حيوي لأستراليا الإقليمية، إذ أنهم يتفرقون في جميع أنحاء البلاد أكثر من السياح الآخرين".
وستحول "Tourism Australia" تركيزها أيضاً إلى السفر المحلي بمجرد تخفيف القيود.
وقالت مديرة إدارة "Tourism Australia"، فيليبا هاريسون إن رحلات السفر بالسيارة ستكون "نقطة تركيز رئيسية"، وأضافت: "في حين لا يمكن للسياحة الداخلية وحدها ملء فراغ الأعمال التجارية الدولية الضائعة، سيكون للمزيد من الأستراليين الذين يسافرون محلياً القدرة على تحقيق العائدات اللازمة".