"مدينة المريخ العلمية"..كيف يتحدى المعماريون بيئة الكوكب الأحمر على أرض دبي؟

نشر
7 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تمتاز مدينة دبي بتطورها في جميع المجالات، حيث تشق مبانيها السحاب، وبني على أرضها أرخبيل من الصفر، وفي المستقبل، سيشهد زوارها مدينةً تبدو وكأنها من أفلام الخيال العلمي.

محتوى إعلاني

وفي عام 2017 ، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن طموحها في استيطان المريخ خلال المائة عام القادمة. ويتخيل المعماريون بالفعل ما قد تبدو عليه مدينة المريخ، ويخططون لإعادة إنشائها في الصحراء خارج دبي.

صمم المعماريون من مجموعة Bjarke Ingels Group نموذجاً أولياً لمدينة يعيش فيها البشر على كوكب المريخ، ثم قاموا بتكييف التصميم مع مناخ الصحراء الإماراتيةCredit: Bjarke Ingels Group

وتم تخصيص "مدينة المريخ العلمية" في الأصل لتغطي مساحة تبلغ 176 ألف متر مربع من الصحراء، أي بحجم 30 ملعباً لكرة القدم وبتكلفة قدرها 135 مليون دولار تقريباً.

ويأتي الهدف من تصميم مدينة المريخ العلمية كمساحة لمركز محمد بن راشد للفضاء في دبي من أجل تطوير التكنولوجيا اللازمة لاستعمار المريخ، وقد طُلب من مجموعة "Bjarke Ingels Group"، للتصميم المعماري، أن تصمم نموذج أولي لمدينة مناسبة لاستمرار الحياة على كوكب المريخ، ولتتكيف كذلك مع الاستخدام في الصحراء الإماراتية.

كيفية بناء مدينة المريخ

يشير مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي أن مدينة المريخ العلمية لا تزال في مرحلة المفهوم، وأنها لم تستقر بعد على تصميم أو شركة للتصميم المعماري من أجل البناء النهائيCredit: Dubai Media Office

ومن أجل المشروع الفريد من نوعه، توجب على المعماريين أولاً التغلب على التحديات الهائلة المتمثلة في إنشاء تصميم لجعل بيئة كوكب المريخ صالحة للسكن.

ويتمتع كوكب المريخ بغلاف جوي رقيق ولا يحتوي على مجال مغناطيسي عالمي، لذلك هناك حماية قليلة من الإشعاع الضار. كما تشكل درجة الحرارة مشكلة أخرى، فمتوسط درجة الحرارة على المريخ هي -63 درجة مئوية. ويعني الغلاف الجوي الرقيق أيضاً وجود القليل من ضغط الهواء، لذلك تتبخر السوائل بسرعة إلى غاز. وعلى الرغم من درجات الحرارة المتجمدة، فإن دم الإنسان غير المحمي سيتعرض للغليان على سطح المريخ.

ولكن وفقاً لمدير مختبر الفضاء في إمبريال كوليدج لندن، الذي لا يرتبط بمشروع دبي، جوناثان إيستوود، فإن تحديات العيش على كوكب المريخ تتجاوز بكثير الجوانب الفنية.

وأوضح إيستوود: "أعتقد أن التحدي الأكبر من حيث الوجود المستمر على كوكب المريخ ليس التحدي الهندسي [أو العلمي]، وإنما التحدي البشري والشخصي".

وأضاف "ليس فقط للإجابة على السؤال حول كيف يمكنك البقاء، ولكن كيف يمكن الازدهار؟"

العمارة المريخية العامية

على سطح المريخ، ستتم طباعة المباني ثلاثية الأبعاد تحت القباب، باستخدام تربة المريخ. أما على الأرض، يمكن استخدام رمال الصحراء بدلاً من ذلك.Credit: Dubai Media Office

وشرح جاكوب لانج، الشريك في مجموعة Bjarke Ingels، لـ CNN، كيف يخطط هو وفريقه للتغلب على التحديات التي يفرضها الكوكب الأحمر.

ومن أجل الحفاظ على درجة حرارة مريحة وضغط هواء صالح للسكن، ستتكون مدينة المريخ من قبب حيوية مضغوطة ومغطاة بغشاء حيوي شفاف من مادة بولي إيثيلين. وسيملأ غاز الأكسجين، الذي ينتج عن طريق تزويد الجليد تحت الأرض بالكهرباء، جميع القبب الحيوية.

يتكون التصميم من قبب حيوية، وكل منها مغطى بغشاء شفاف من مادة البولي إيثيلينCredit: Dubai Media Office

ومع نمو السكان على كوكب المريخ، سيتم دمج القبب الحيوية معاً لتشكيل القرى، وفي النهاية تشكيل مدن على شكل حلقات.

وسيتم تشغيل المدينة وتسخينها باستخدام الطاقة الشمسية، ويمكن أن يساعد الغلاف الجوي الرقيق القباب في الواقع في الحفاظ على درجة حرارتها.

وأشار لانج إلى أنه "نظراً لوجود القليل جداً من الغلاف الجوي على كوكب المريخ، فإن نقل الحرارة سيكون منخفضاً للغاية، مما يعني أن الهواء داخل القباب لن يبرد بالسرعة التي يبرد بها على الأرض".

يتميز التصميم بمناور مملوءة بالمياه، والتي ستحمي سكان المريخ من الإشعاع، بينما تسمح للضوء بدخول الغرفCredit: Bjarke Ingels Group

وستتم طباعة المباني ثلاثية الأبعاد تحت القباب، باستخدام تربة المريخ، وتمتد الغرف 20 قدماً تحت الأرض، للحماية من الإشعاع الضار والنيازك.

وسيضم التصميم الغريب عن الأرض لمسة من المرح في بعض الأماكن، إذ أوضح لانج أنه "في المستقبل على كوكب المريخ، سيكون لديك مناور في كهفك تحت الأرض تُشبه أحواض السمك، حيث تسبح الأسماك حولها". وستعمل النوافذ المائية على حماية السكان من الإشعاع مع السماح للضوء بدخول الغرف تحت الأرض.

ولم تعد العمارة المريخية ملتزمة بفيزياء الأرض، إذ يمكنها أن تتخذ شكلاً جديداً كلّياً.

ستتضمن مدينة المريخ العلمية مساحة لإقامة معرضCredit: Bjarke Ingels Group

وأشار لانج إلى أن هناك ما يقارب من ثلث الجاذبية، مما يعني أنه يمكنك فجأة صنع أعمدة رفيعة بفترات أطول من عمر الهياكل، مضيفاً أن ذلك يخلق مجموعة قواعد جديدة كلياً يجب اتباعها عند تصميم العمارة في الفضاء.

وأوضح مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي أن مدينة المريخ العلمية لا تزال في مرحلة المفهوم، وأنها لم تستقر بعد على أي تصميم أو على شركة للتصميم المعماري من أجل البناء النهائي، ومع ذلك، توصّلت مجموعة "Bjarke Ingels Group" بالفعل إلى كيفية تكيف اقتراحها مع صحراء دبي، إذا وقع الاختيار عليها.

وعلى الأرض، لن تحتاج القباب إلى الضغط، وستتم طباعة المباني ثلاثية الأبعاد من رمال الصحراء بدلاً من تربة المريخ. ولكن ستظل المناور المائية موجودة، وستعمل كذلك بالطاقة الشمسية.

وذكر التصميم أن "مدينة المريخ العلمية" ستحتوي على مرفق تعليمي، ومتحف، ومدرّج، بالإضافة إلى مساحة مكتبية مشتركة.

وحتى الآن، لا يوجد جدول زمني لوقت بدء البناء، أو متى سيتم فتحه، ومع ذلك أوضح مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي أنه بصدد إجراء دراسة تفصيلية حول المواصفات.

حلم استيطان المريخ 

وتعد "مدينة المريخ العلمية" جزءاً من برنامج الفضاء الطموح الذي يديره مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي. وفي العام الماضي، أرسل أول رائد فضاء إلى الفضاء. وهذا الصيف سيُطلق مسباراً إلى المريخ، وفي نوفمبر/تشرين الثاني ستقوم بأول مهمة محاكاة لها على الإطلاق.

وسيقام المشروع الذي يستمر لمدة 8 أشهر في روسيا، وسيتم اختيار عضو إماراتي من الطاقم كجزء من فريق دولي مكون من 6 أفراد. وستختبر البعثة آثار العزلة على الصحة النفسية والجسدية.

ويأمل مركز محمد بن راشد للفضاء أن يتم هذا البحث داخل "مدينة المريخ العلمية" في المستقبل.

وقال عدنان الريس، مدير برنامج "المريخ 2117" في مركز محمد بن راشد للفضاء: "ستكون هذه منصتنا حيث يمكننا تطوير العلوم والتكنولوجيا التي ستساعدنا في مهماتنا المستقبلية إلى كوكب المريخ"، مضيفاً "نريد أن نبتكر منشأة جديدة بالكامل ستساعد المجتمع الدولي".

نشر
محتوى إعلاني