هذا ما حدث عندما حلّ العاملون بمجال الرعاية الصحية ضيوفاً على الفنادق الفاخرة بدلاً من السياح
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا شك أن جائحة فيروس كورونا كان لها تأثير كبير على قطاع السياحة والفنادق، إذ أجبرت أعداد هائلة من الفنادق ذات الأسماء الكبيرة على الإغلاق بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة وانخفاض معدلات الإشغال.
ومع ذلك، اختارت بعض الفنادق بقاء أبوابها مفتوحة أمام الأطباء والممرضات وغيرهم من العاملين بمجال الرعاية الصحية الذين يحاربون الفيروس الذي أودى بحياة 500 ألف شخص على الأقل حول العالم.
وفي الولايات المتحدة، قدمت مجموعة مختارة من سلاسل الفنادق والممتلكات المستقلة ما لا يقل عن 3.4 مليون غرفة فندقية للعاملين في مجال الرعاية الصحية على الخطوط الأمامية.
وفي نيويورك، الولاية الأكثر تضرراً في أمريكا، كان فندق "فورسيزونز نيويورك" هو الأول في استقبال بعض الممارسين الصحيين في المدينة، حيث رحّب بالعاملات بجمعية الممرضات في ولاية نيويورك في 2 أبريل/نيسان الماضي.
وتم توفير 225 غرفة على الأقل، في مبنى "Midtown Manhattan"، المكون من 52 طابقاً للإقامة لمدة 7 ليال كحد أدنى، مع تنفيذ الفريق لبروتوكولات مختلفة، بما في ذلك نقطة دخول واحدة حيث يتم فحص درجة حرارة كل شخص.
وحذت حذوها العديد من الفنادق الكبرى الأخرى، بما في ذلك فندق "ذا نيويوركر"، أحد فنادق ويندهام، والذي يأوي عدداً من العاملين بمجال الرعاية الصحية المنتشرين في أنحاء المدينة لمكافحة الفيروس.
ويقول شادو دانييلز، وهو طبيب مساعد من ولاية بنسلفانيا، والذي أقام بالفندق لمدة 4 أسابيع طوال شهر أبريل/نيسان، إن السرير في الفندق التاريخي ساعد على تخفيف الضغط عنه وعن زملائه.
وأوضح دانييلز لـ CNN أن الإقامة في فندق "ذا نيويوركر" كانت مريحة للغاية، مشيراً إلى أن جميعهم سافروا من مسافة بعيدة، لذلك كانوا بحاجة إلى مكان جميل للإقامة.
"ملجأ مريح"
ولكن كانت هذه الإقامة بعيدة كل البعد عن الإقامة النموذجية في الفندق التاريخي الذي يقع وسط غرب المدينة.
وفي حين لم يكن هناك تغيير يذكر في المظهر الخارجي، بدا "ذا نيويوركر" مختلفاً كلياً من الداخل.
وعلى سبيل المثال، تحولت قاعة الرقص الشهيرة إلى منطقة للتعقيم يقوم فيها العاملون بتعقيم أيديهم وكذلك أحذيتهم، قبل دخول المصعد إلى غرفهم واحداً تلو الآخر في كل مرة.
ومن أجل تقليل مخاطر العدوى، لم يكن "ذا نيويوركر" والفنادق الأخرى قادرة على تقديم خدمة الغرف أو حتى خدمة المطعم. وبدلاً من ذلك، كان العمال يحصلون عادةً على صناديق وجبات الطعام، التي أحضروها إلى غرفهم.
كما عُلّقت خدمات التدبير المنزلي اليومية، ومع ذلك، تم تزويد الضيوف بكمية مناسبة من أغطية الأسرة والمناشف في بداية إقامتهم.
وكان هذا الإجراء مصدر ارتياح كبير للطبيبة المتنقلة أنجيلا ماتكي، التي وجدت نفسها تقضي إقامة طويلة في فندق "Residence Inn" من ماريوت كليفلاند مينتور، بعد سفرها إلى كليفلاند.
ورغم أن ماتكي بقيت في الفندق ذاته عدة مرات في الماضي، إلا أنها تعترف بتخوفها من السماح لأي شخص بدخول غرفتها على الإطلاق عندما كانت تعود من عملها المسائي في غرفة الطوارئ بالمستشفى المحلي.
وتقول ماتكي، المتحدثة باسم الكلية الأمريكية لأطباء الطوارئ، لـ CNN: "اسمح لهم بالدخول مرة واحدة في الأسبوع لتغيير الملاءات والحصول على مناشف جديدة. ولكن بخلاف ذلك حاولت حقاً إبعادهم، في حال نقلت شيئاً معي من المستشفى، على الرغم محاولتي جاهدة ألا أفعل".
وبعد أسبوع، أدركت أنها لن تتمكن من العودة إلى المنزل لفترة من الوقت بسبب المخاطر المحتملة لانتقال الفيروس لعائلتها أثناء عودتها إلى أتلانتا، وانتهى بها الأمر بالبقاء حوالي 9 أسابيع.
وتقول ماتكي، مثل دانييلز، إن أمان الغرفة ساعدها على الشعور براحة أكبر قليلًا أثناء ابتعادها عن جميع أفراد عائلتها وأصدقائها خلال ذروة انتشار الفيروس.
لحظة تاريخية
وفي لندن، افتتح "كلاريدج"، وهو فندق من فئة الخمس نجوم معروف باستضافة الملوك خلال زيارتهم، لحوالي 40 من العاملين الطبيين الرئيسيين، بعد أيام فقط من إغلاق أبوابه لأول مرة في تاريخه الممتد لـ200 عام.
وتقول بولا فيتزربرت، مديرة الاتصالات في مجموعة فنادق "ماي بورن" : "حتى خلال الحرب لم نغلق أبوابنا، لذلك كانت لحظة تاريخية".
ولكن في حين شعر الفريق هنا بالفخر لاستضافتهم العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يعرضون أنفسهم بشكل أساسي للمخاطر للمساعدة في إنقاذ الأرواح، شعروا بخيبة أمل لعدم تمكنهم من تقديم مستوى الخدمة المعتاد الذي يحصل عليه النزيل عادةً في الفندق.
وأوضحت فيتزربرت لـCNN: "كان علينا تقبّل أننا سنكون قادرين فقط على توفير ملجأ مريح إذ لن تتوفر خدمة الفنادق الفاخرة من فئة الخمس نجوم".
وأضافت فيتزربرت "لقد كان غريباً على موظفينا ألا يتمكنوا من توسيع المستوى الطبيعي للضيافة، ولكننا حاولنا قصارى جهدنا لجعله مريحاً قدر الإمكان."
كما قدم كلاريدج، الذي يقع في مايفير، وجبات في صناديق وخفضت خدمات التنظيف للحد من الاختلاط بين الموظفين والضيوف.
ونظراً لأن الضيوف كانوا يقيمون لفترات أطول من المعتاد، تم تنظيف الغرف جيداً بعد كل تسجيل خروج وتم الاحتفاظ بها فارغة لمدة 3 أيام بين الضيوف.
كما أوضحت فيتزربرت أن الفندق طلب بقاء الأطباء أو الممرضات لفترة أطول، لذلك لم يكن عليهم تنظيف الغرف كل يوم، وكان الموظفون يتركون وجبات الطعام على الباب في الخارج.
وأثبتت هذه الخدمات أنها شريان الحياة الذي يحتاجه العاملين بمجال الرعاية الصحية، الذين يتم إحضارهم إلى عاصمة المملكة المتحدة خلال هذه الفترة، وكذلك العمال المحليين المتأثرين بالنقل العام المحدود، أو الذين يشعرون بالقلق من إصابة أحبائهم أثناء العناية بمرضى "كوفيد-19".
ومن أجل ذلك، اضطرت المديرة في مركز "إمبريال كوليدج هيئة الخدمات الصحية الوطنية للرعاية الصحية" في لندن، تينا فيرجسون، على العثور على غرف فندقية لمئات الموظفين.
وتشرح فيرجسون، التي حجزت حوالي ألف و800 غرفة للأطباء والممرضات العاملين في مناطق عالية الخطورة منذ مارس/آذار أنه في الأسابيع التسعة الماضية، أصبح فريقها بمثابة مركز اتصال لحجز أماكن الإقامة.
وسرعان ما تم تشكيل شراكة محلية بين مركز "إمبريال كوليدج هيئة الخدمات الصحية الوطنية للرعاية الصحية" في لندن وبين عدد من الفنادق بما في ذلك "كلاريدج" و"هيلتون" من أجل ضمان توفر الغرف للموظفين العاملين في مستشفيات غرب لندن.