وصمة عار تلاحق مسافرين وسط جائحة كورونا.. ما السبب؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يعد السفر خلال الفترة الحالية، بالنسبة للعديد من الأشخاص، محفوفاً بالتخمينات، والبحث الإضافي، والكثير من الارتباك بسبب قيود السفر والإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا، وكل ذلك قبل أن تضيف ما يقوله الآخرون بشأن قراراتك.
وقد يجد المسافرون، الذين يختارون مشاركة تجاربهم خلال الإجازة في الوقت الحالي، أنفسهم محاصرين بنوع جديد من الوباء في عام 2020، أي وصمة العار.
وبالنسبة لسارة آرتشر، وهي من الرحالة الرقميين من منطقة بوسطن في الولايات المتحدة، فقد أصابتها وصمة العار بالقلق والتوتر خلال رحلاتها الأخيرة في أوروبا، بل وساعدتها في تشكيل بعض سلوكياتها.
وقالت آرتشر خلال مكالمة هاتفية مع CNN إنها كانت تحاول اكتشاف طريق إلى أوروبا لزيارة صديقها في سويسرا، ولكنها كانت مهمة صعبة بالنسبة لها بسبب حيازتها جواز سفر أمريكي.
وأعيد فتح صربيا، التي لم تصبح بعد جزءاً من الاتحاد الأوروبي، أمام المسافرين، بمن فيهم الأمريكيين، في أواخر مايو/ أيار الماضي، لذلك قررت آرتشر السفر إلى هناك في 10 يوليو/ تموز الماضي لمقابلة صديقها الذي سافر إليها من سويسرا.
وبعد وقت قصير من وصول آرتشر إلى صربيا، فتحت كرواتيا أبوابها أمام حاملي جوازات السفر الأمريكية، لذلك استأجر الثنائي سيارة للسفر عبر الحدود. ومن هناك، نظراً لإزالة كرواتيا من قائمة البلدان المحظورة من دخول سويسرا، تمكنت آرتشر من السفر إلى زيورخ مع صديقها في الأول من أغسطس/ آب الماضي، بعد أن أكدت الحكومة السويسرية أنها تستطيع دخول البلاد.
وأكدت آرتشر أنها تبذل قصارى جهدها خلال رحلاتها في اتخاذ الإجراءات الاحترازية والبقاء في أمان. وكتبت مقالاً عبر موقع "Medium" حول كيفية تمكنها من دخول أوروبا ونشرت صوراً عبر حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "انستغرام"، وقد وتفاجأت بتلقي رسائل مباشرة من بعض الأصدقاء يسألونها عما إذا كانت بحاجة ماسة للسفر في الوقت الحالي.
وأشارت آرتشر إلى أنها تلقت أسئلة عما "إذا كان السفر في هذا الوقت يبدو غير مسؤولاً وأنانياً"، ما جعلها تسأل نفسها عما إذا كانت قد أخطأت في قرار السفر.
وقالت آرتشر إن المفارقة هي أن معظم الأشخاص من حولها في صربيا وكرواتيا وحتى الآن، في برن بسويسرا، حيث استقرت مع صديقها لبضعة أشهر، لا يرتدون أقنعة في الشوارع أو حتى في متاجر البقالة.
ومع ذلك فإن آرتشر تنسب الفضل جزئياً إلى الضغط الذي شعرت به عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الذي أثر على سلوكها وسلوك صديقها في ارتداء الأقنعة في الأماكن العامة، حتى عندما يكونان غالباً من بين الملتزمين الوحيدين.
وأكدت آرتشر أن الوضع في سويسرا الآن يبدو كما لو كانت الأوضاع طبيعية، إلا أن مجيئها من الولايات المتحدة ومعرفة كيفية تأثير الجائحة على الأشخاص يجعلها أكثر وعياً.
وأضافت آرتشر: "بصفتي مسافرة على المدى الطويل، ومستخدمة لوسائل التواصل الاجتماعي أثناء تواجدي في هذه البلدان، أشعر بالمسؤولية من عدم الإصابة بالفيروس وعدم المساهمة في نشره".
وآرتشر ليست وحدها في التشكيك في خيارات سفرها وتعديل سلوكها بسبب الضغط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن تبين أن الأسباب التي تدفع الناس للشعور بالخجل تتطور بشكل مرن مثل الوباء ذاته.
وبالنسبة لأشخاص مثل لي أبامونتي، خبير السفر والمدون الذي قام بزيارة جميع بلدان العالم، قد تكون محاولات التشهير على وسائل التواصل الاجتماعي ضعيفة.
وقال أبامونتي، الذي بلغ من العمر 42 عاماً أنه تجاوز مسألة الاهتمام بآراء الآخرين في هذه المرحلة من عمره، مؤكداً أنه بصرف النظر عن حقيقة كون السفر يعد شغفه وعمله، فهو يقوم بذلك بأمان وبمسؤولية.
وأوضح أبامونتي أنه لم يغادر شقته لنحو 80 يوماً خلال الجائحة، باستثناء الخروج للضرورات القصوى. وفي نهاية شهر مايو/أيار، سافر إلى مدينة لاس فيغاس من أجل لعب الغولف، والدخول إلى الجبال والقيام بأنشطة خارجية حيث يمكنه الابتعاد عن الآخرين.
وعلى مدار رحلته التي استغرقت أسبوعين، شارك أبامونتي الصور مع 68 ألف متابع له عبر حسابه على "انستغرام" وهو يلعب الغولف والمشهد المذهل حول حديقة "Snow Canyon" الوطنية في جنوب ولاية يوتا، وغيرها من المناظر التي تثير الغيرة.
وأكد أبامونتي أن الجميع كانوا يشعرون بالسعادة بمشاهدته يسافر من جديد، وهو ما منحهم نوعاً من الأمل، مضيفاً أنه لم يشعر بالخزي بعد بسبب أي من رحلاته خلال الصيف.
وقال خبير السفر غاري ليف إن وصمة العار على المسافرين "انخفضت بشكل كبير مقارنة بأواخر مارس وأبريل"، ولكن لا يزال هناك أشخاص يخشون النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب ردود الأفعال المحتملة.
وأوضح ليف أنه إذا كنا سنعيش مع الفيروس، فسوف نستمر في التعايش معه. وهذا يشمل تقبل بعض رحلات السفر، رغم أنها ليس مقبولة على الصعيد العالمي.
ويرى ليف أن مشاركة تجارب السفر عبر وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يساعد في إعداد الأشخاص الذين قد لا يسافرون في الوقت الحالي لما يمكن أن يتوقعوه عندما يقررون الخروج إلى العالم.
وأضاف ليف أنه إذا أردنا أن نعود إلى طبيعتنا أو تحديد كيف يبدو الوضع الطبيعي الجديد، فسيكون ذلك من خلال رؤية كيفية تعايش الآخرين، مشيراً إلى أن حياتنا عبر الإنترنت تحل محل الوجود الشخصي، لذا تصبح المشاركة عبر الإنترنت أكثر أهمية وليس العكس خلال الفترة الحالية.