آخر قطعة من الأحجية.. مشروع ضخم بعمق آلاف الأقدام تحت جبال الألب يقترب من الانتهاء
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في عمق آلاف الأقدام تحت جبال الألب السويسرية، يصل مشروع هندسي ضخم قيد الإنشاء إلى مراحله الأخيرة بعد افتتاح نفق جديد ضخم.
ويُعد نفق "Ceneri Base Tunnel"، الذي يبلغ طوله 25 ميلاً (40.2 كيلومتر)، القسم الأخير من خط سكة حديدية جديدة عالية السرعة تتوغل في أعماق جبال أوروبا بهدف تقليل أوقات التنقل بشكل كبير عبر القارة.
وتُعد هذه لحظة تاريخية في تطوير خطوط السكك الحديدية عبر جبال الألب، والتي من المقرر أن تكون قيد التشغيل في ديسمبر/كانون الأول 2020.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "Swiss Federal Railways"، فينسينت دوكروت، للصحفيين في حفل افتتاح الأسبوع الماضي: "إنه الجزء الأخير من الأحجية"، وفقاً لـ"رويترز".
وأضاف دوكروت: "لقد تحقق الهدف المتمثل في عمل خط مسطح عبر جبال الألب".
ويشكل "CBT"، وهو واحد من الأنفاق الثلاثة الجديدة، طريقاً غير منقطع للسكك الحديدية من ميناء روتردام في بحر الشمال الهولندي، إلى مدينة جنوة الإيطالية التي تقع على البحر الأبيض المتوسط.
وفي قلبه، يتواجد أطول نفق للسكك الحديدية في العالم، وهو "Gotthard Base Tunnel"، ويبلغ طوله 57 كيلومتراً.
"قوى اقتصادية"
وسيتم التقليل من مدة رحلات المسافرين الدوليين بين زيوريخ وميلانو إلى ساعتين ونصف فقط، وذلك مقارنةً بالأربع ساعات التي كانت تُستغرق عند استخدام مسار "Gotthard" القديم.
ومن اللافت للنظر أنه من خلال تجنب المسارات الحلزونية التي اشتهر بها الطريق الجبلي القديم، يختصر "GBT" المسافة بين زيورخ وميلانو بمقدار 25 ميلاً.
وأدت مدة الرحلات الأقصر إلى زيادة عدد الركاب بنسبة 30% في الأشهر التي تلت الافتتاح.
وتُعد شركات الشحن المستفيدة الرئيسية من النفق الجديد، إذ أنها ستكتسب سعة أكبر، وتكاليف أقل، وأوقات رحلات أقصر.
وستستفيد مجتمعات جبال الألب التي تتواجد على طول الخط القديم من النفق أيضاً، وذلك بعد المعاناة من ضجيج السكك الحديدية لعقود.
أهمية دولية
وأكد محرر مجلة "Today's Railway Europe"، كيث بارو، على قيمة خط السكك الحديدية الجديد هذا قائلاً: "يُعد نفقي GBT وCeneri من المشاريع ذات الأهمية الدولية"، فهما يتغلبان على قيد تاريخي كبير على محور السكك الحديدية الرئيسي بين الشمال والجنوب عبر جبال الألب، وفقاً لما ذكره.
ويُعد نفق "GBT" بمثابة جزء من مشروع أوسع يُعرف بشكل رسمي بـ"New Trans-Alpine Railways" لتوفير خطوط سكك حديدية عالية السعة بين شمال أوروبا وإيطاليا.
ويوجد أيضاً نفق أساسي ثانٍ يعمل في الغرب أيضاً، وهو يربط بين بازل، وبيرن، وميلانو.
ومنذ عام 2007، وفر نفق "Lötschberg Base" طريقاً أقصر تحت جبال الألب البرنية.
ولحماية مناطق جبال الألب الحساسة من زيادة حركة المرور على الطرق، والزيادة المتوقعة لحركة المرور في المستقبل، يعمل الاتحاد السويسري على نقل الشحن من الطرق إلى السكك الحديدية كلما أمكن ذلك.
وينقل مسار "Lötschberg" كمية كبيرة من الشحنات على قطارات تُعرف باسم "rolling motorway"، ويتم عبرها نقل عربات متخصصة بين جنوب ألمانيا وشمال إيطاليا من أجل تجنب الطرق السريعة المزدحمة عبر جبال الألب.
مشاريع ضخمة مثيرة للجدل
وفي جنوب فيينا، سيتم أيضاً تجنب أقدم خطوط السكك الحديدية وأكثرها شهرة في جبال الألب.
وسيشكل نفق "Semmering base"، والذي يكلف 3.65 مليار دولار طريقاً جديداً وأكثر سرعة من العاصمة النمساوية، وأوروبا الوسطى، وصولاً إلى البحر الأدرياتيكي عند افتتاحه في عام 2027.
ولا تخلو مشاريع البناء الضخمة هذه من التحديات.
ويبدو أنه سيتم تسليم كل هذه الأنفاق في وقت متأخر مقارنة بالوقت الذي تم التخطيط له، كما تتجاوز كلفتها ميزانيتها الأصلية بشكل كبير.
ومهما كانت الحجج المؤيدة أو المعارضة لهذه المشاريع الضخمة، فمن شأن الاتجاه نحو وسائل نقل أفضل من ناحية بيئية، إلى جانب مطالب زيادة الكفاءة، وخفض التكاليف، أن يضمن أن هذا الجيل الجديد من الأنفاق تحت جبال الألب سيلعب دوراً رئيسياً في تطوير الاقتصاد الأوروبي وقطاع السفر خلال العقود القادمة.