إيطاليا تعاني من شح السياح بسبب كورونا..كيف يواجه قطاع السياحة الأزمة؟

نشر
8 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لفترة وجيزة للغاية، قدّم فصل الصيف بصيصاً من الأمل لتعافي قطاع السياحة الإيطالي. وبعد خروجها مما كان يعد أحد أقسى عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا في العالم، في مطلع عام 2020، تمكنت إيطاليا من الوقوف على قدميها في الوقت المناسب للترحيب بالزوار.

محتوى إعلاني

ومع بدء تحسن الطقس المشمس، تزداد الآمال في الانتعاش الكامل لموسم السياحة الإيطالي المتهالك لعام 2020.

محتوى إعلاني

ولكن مع حلول فصل الشتاء، فإنه من المتوقع أن تضرب إيطاليا كارثة اقتصادية بالكامل.

تمتعت إيطاليا بانتعاش السياحة المحلية هذا العام، ولكن ليس بما يكفي لمواجهة الانخفاض في عدد المسافرين من الخارجCredit: Fabrizio Villa/Getty Images

وتقوم الحكومة الإيطالية بتوزيع الأموال للمساعدة في دعم العديد من الشركات والأفراد المتعثرين، ولكن مع استمرار العديد من قيود السفر العالمية، فإن الإيرادات المفقودة من قطاع السفر المتعثر في البلاد تترك فجوة مالية كبيرة. 

وتقول الرئيسة التنفيذية ومؤسسة خدمة تخطيط السفر، كاساندرا سانتورو، "Travel Italian Style" إنهم بحاجة إلى السياح من أجل مواصلة عملهم.

وأكدت سانتورو أن المرشدين السياحين، والسائقين، والعاملين لدى شركتها، الذين يعتقدون أنهم سيبقون عاطلين عن العمل لهذا الموسم، يبحثون في الوقت الحالي عن وظائف ومصادر دخل أخرى.

وفي أغسطس/ آب الشهر الماضي، بدا وكأن الوضع في إيطاليا عاد تقريباً إلى طبيعته، باستثناء ارتداء أقنعة الوجه والالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي. وشهد أغسطس / آب، الذي يعرف ثقافياً كشهر العطلة للإيطاليين، استمتاع العديد من السكان المحليين بقضاء عطلة حصلوا عليها بصعوبة.

ولكن حتى مع قضاء نسبة 60% من الإيطاليين لفترة العطلة، وتدفق بعض زوار أوروبا الشمالية، فإن التوقعات مازالت سيئة.

مدينة في إيطاليا "Civita di Bagnoregio"Credit: Corte della Maesta

ويشير رئيس مجلس السياحة الوطني الإيطالي، جورجيو بالموتشي، إلى أن الخسارة المتوقعة لعام 2020 من قبل الزوار الأجانب لإيطاليا تبلغ 24.6 مليار يورو، كما أن إنفاق المسافرين المحليين انخفض بمقدار 43.6 مليار يورو.

ويتابع بالموتشي أنه حتى مع وجود آمال في النمو والتعافي بعد عامين، فمن المرجح أن تتأثر إيطاليا على نطاق واسع.

ويضيف بالموتشي "من المتوقع أن تتأثر جميع المدن الإيطالية بشكل كبير ، لا سيما تلك التي تعتمد بشكل أكبر على الزوار الدوليين مثل البندقية وفلورنسا وروما".

وما يزيد الوضع تعقيداً ارتفاع حالات الإصابة بـ"كوفيد-19"، التي يُلقى باللوم فيها على حركة الشباب الإيطاليين، سواء عبر الحدود إلى بلدان مثل كرواتيا، واليونان، ومالطا، أو عبر الأماكن الجذب السياحي للحياة الليلية الصيفية في إيطاليا.

ورغم ارتفاع حالات الإصابة اليومية أقل من فرنسا وإسبانيا، إلا أن الإيطاليين يشعرون بالقلق من اقتراب فصل الشتاء.

ويبدو أن المخاوف من الموجة الثانية قد حطمت التوقعات السابقة لانتعاش السياحة خلال شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، حيث ألغى الإيطاليون والزوار الأجانب خططهم المسبقة.

ويشعر أصحاب الأعمال الآن أن حديث الحكومة عن الصيف الإيطالي باعتباره دفعة محلية للسياحة كان مجرد كلام، ويرون أن التفاؤل الجامح المقترن بصور الشواطئ الإيطالية المزدحمة لقضاء عطلة فيراجوستو الشهيرة في 15 أغسطس/آب الماضي، كان مجرد ستار دخان لقطاعٍ على وشك الانهيار.

وأفاد اتحاد الأعمال الإيطالي أن نسبة 70% من الفنادق في مدن مثل روما وفلورنسا، ونسبة 20% في المناطق الساحلية لم تفتح أبوابها أبداً بعد الإغلاق.

ويتوقع المعهد الوطني الإيطالي للإحصاء أن نسبة 60% من الشركات في قطاع السياحة تخشى الانهيار الوشيك.

والجدير بالذكر، أن حظر السفر المستمر الذي يمنع الأمريكيين، أحد أكبر مصادر السياحة في إيطاليا، من الدخول له تأثير سلبي بشكل خاص.

فندق "Le Sirenuse" يعد بمثابة قطعة كلاسيكية من ساحل أمالفيCredit: Le Sirenuse

وتوضح كاساندرا سانتورو من "Travel Italian Style" أن الأمريكيين يشكلون نسبة 85% من عملاء الشركة. واعتباراً من سبتمبر/أيلول الجاري، سجلت شركتها نسبة 100% من إلغاء العطلات لعام 2020.

وتضيف سانتورو أن هذا هو العام الأول الذي لم تشهد فيه الشركة أرباحاً من التخطيط لقضاء العطلات في إيطاليا، وقالت إنه في ديسمبر/ كانون الأول 2019، حجز أكثر من 100 عميل للسفر بين شهري مارس/ آذار وسبتمبر/أيلول من عام 2020، مضيفةً أنها قامت برد قيمة الحجز لنحو 50% من الضيوف بالكامل، بينما أجل 50% من الضيوف حجوزاتهم حتى عام 2021، وبعضهم أجلها حتى عامي 2023 و2024".

ومثل الكثيرين، كان على سانتورو إعادة تسويق أعمالها. وبمساعدة السكان المحليين على ساحل أمالفي، أطلقت سانتورو سلسلة قصص رقمية تعرض الشركات التي تعتمد عادةً على السياحة فقط. 

وتواجه الفنادق الحالة ذاتها من عدم اليقين.

ويقول مدير العمليات في سلسلة فنادق "Rocco Forte" الفاخرة ماوريتسيو ساكاني، إن روما كانت مهجورة خلال شهري يوليو/ تموز وأغسطس/آب، وبلغت نسبة الإشغال في فندق "Hotel de Russie" الشهير حوالي 15%، مقارنة بنسبة 87% خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.

كما تأجل موعد إزاحة الستار عن فندق "Hotel Villa Igiea" الجديد، وهو مشروع ترميم تقدر تكلفته بملايين اليورو، في مدينة باليرمو في شهر يونيو/ حزيران إلى مايو/ أيار 2021.

وليست فنادق المدينة هي وحدها من تعاني، وفي جزر مثل إسكيا وكابري، تعتبر السياحة الجماعية موسمية، وتعمل الشركات بجد لضمان استمرار أرباح الصيف طوال العام.

بقي العديد من السياح الأجانب بعيدين عن إيطاليا هذا العامCredit: VINCENZO PINTO/AFP via Getty Images

وتمتلك هولي ستار مع زوجها جيانلوكا ديسبوزيتو، مطعم "Ristorante Michel'angelo" ومدرسة طهي شهيرة في كابري، وهي جزيرة ترحب عادة بأكثر من مليوني مسافر سنوياً.

وتقول ستار إن هذا الصيف كان بمثابة تحدٍ، خاصةً بالنسبة للشركات الصغيرة التي تديرها عائلة كحالها.

ومع تقليص موسم الإجازات، ومدته 7 أشهر، إلى شهرين ونصف الشهر فقط، وسط غياب نسبة 80% من زبائنها الدوليين، كان على ستار أن تعيد التفكير في حساباتها.

وتشرح ستار أن مدرسة الطهي الخاصة بعائلتها لا تزال مغلقة، لذلك قامت بتحويل أعمالها بشحن خط إنتاجها الغذائي دولياً، وتأمل أن يتحسن الوضع الحالي لمشروعها الجديد الذي سيبدأ العام المقبل.

وهناك من يجد جانباً إيجابياً من الأزمة، ويقول العضو المنتدب لشركة "Pellicano Hotels"، مايكل سامبالدي، إنه بينما انخفضت عائدات الصيف على جزيرة إسكيا، في خليج نابولي، بنسبة تصل إلى 50%، استطاع فندق "Mezzatorre Hotel and Spa" التابع لمجموعته الاستفادة من سوق السياحة الإيطالي، مع ازدايد تقدير السكان المحليين للوجهات الجمالية في البلاد.

ويعتقد سامبالدي أن الوضع الحالي قد أجبر الشركات على أن تصبح أكثر ذكاءً من حيث الموارد المالية وحتى التسويقية، لهذا السبب يشارك الفندق في حملة عالمية جديدة، أطلق عليها "Ischia is More"، أي "إسكيا لديها المزيد".

وتهدف الحملة إلى وضع الجزيرة كوجهة ديناميكية على مدار العام في البداية من خلال عرض تاريخها وثقافتها وجمالها عبر حساب مخصص على "انستغرام". والذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى إعادة تشغيل قطاع المنتجعات الصحية ومشاريع السياحة المستدامة.

نشر
محتوى إعلاني