مقاعد معزولة بالحواجز..هذا ما قد تشهده الطائرات في حقبة "كوفيد-19"
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- من الفواصل الزجاجية بين الركاب، إلى المقاعد المتداخلة، والفقاعات الشفافة حول رؤوس المسافرين التي تبدو أشبه بأزياء عصر الفضاء، يتم طرح مجموعة متنوعة من المفاهيم الجديدة لمقاعد شركات الطيران استجابةً لإجراءات الوقاية من جائحة كورونا.
وخلال الأشهر الماضية، أصبحت متطلبات ارتداء الأقنعة وتوفير معقمات اليدين ضرورية لشركات الطيران، ولكن لم تشهد مقصورات الطائرة أي تغيير جوهري.
واستمرت الأبحاث العلمية لمعرفة كيفية انتقال فيروس كورونا المستجد "سارس- كوف-2"، وكشفت أن انتقال العدوى يحدث، إلى حد كبير، عن طريق القطيرات والهباء الجوي، مما يؤثر على نوع الحواجز الوقائية الأكثر فعالية.
ويعد الحاجز الأكثر فعالية هو الأقرب إلى الفم حيث ينطلق الرذاذ، أي قناع الوجه المتواضع، لهذا السبب تفرض شركات الطيران إلى حد كبير وضعه لجميع المسافرين، وتحظر الركاب الذين يعرضون الآخرين للخطر بعدم ارتدائه على متن الطائرات.
تحديات تعديل مقاعد الطائرات
وخلال النصف الأول من عام 2020، تم اقتراح مجموعة واسعة من الإضافات لمقصورات الطائرات لمكافحة انتشار "كوفيد-19" وطمأنة الركاب، وعلى سبيل المثال تم اقتراح حواجز شفافة مثبتة في جيب ظهر المقعد، ومسند رأس يحجب وجه الركاب في المقعد المجاور.
وسارعت الشركات الموردة في العمل على تصميمات داخلية لمقصورات الطائرات في جميع أنحاء العالم لمعرفة مدى فعاليتها في حالة رغبة شركات الطيران في إجراء هذه التغييرات الكبيرة على مقصورات طائراتها.
كما اقترحت بعض الشركات طرقاً جديدة لترتيب المقاعد، مثل مقعد "Janus" الذي طورته شركة "Aviointeriors" المتخصصة بالتصميم الداخلي للطائرات، حيث يواجه الراكب الذي يجلس في مقعد الوسط اتجاه معاكس للمقعدين الآخرين في الصف.
وتواجه تصميات حواجز المقاعد، المقترحة بطرق متنوعة، العديد من التحديات من ناحية إحضارها على متن الطائرة.
وأولاً، يجب اعتماد أي إضافة إلى مقصورة الطائرة على أنها آمنة بعدة طرق، كأن تكون مقاومة للحريق ولا تنبعث منها أبخرة قد تكون سامة للركاب، كما تحتاج إلى أن تتمتع بمقاومة عالية ضد التحطم، وأن لا تخلق حوافاً حادة، أو تعيق مغادرة الركاب مقاعدهم أثناء حالات الطوارئ.
وأوضح الرئيس التنفيذي في شركة "Recaro" المختصة بمقاعد الطائرات، مارك هيلر، أن الاعتماد الرسمي يشكل التحدي الرئيسي، مشيراً إلى أنه عند إضافة ميزة إلى المقعد تتسبب في زيادة وزنه، ويجب إعادة اعتماد المقعد بالكامل.
وأضاف هيلر: "إنها ليست عملية سهلة، ولكن إنشاء حلاً طويل الأمد ودائم هو ما نركز عليه".
واقترحت "Recaro" عدداً من الإضافات على غرار حاجز المقعد، منها تضمين تقنية مضادات الميكروبات في مواد المقاعد أثناء عملية تصنيعها.
وفي جميع الأحوال، يعد الأمر أكثر تعقيداً بكثير من قيام محلات البقالة بوضع حاجز زجاجي بين الزبائن عند نقطة الدفع.
التكلفة والتوقيت من العوامل الرئيسية
وعلى مر السنين، تم تصميم مقصورات الطائرات وصقلها لتكون متينة بشكل لا يصدق، ولكن السرعة التي تم بها تطوير هذه المنتجات الجديدة قد تعني أنها بحاجة إلى صقلها بعد تثبيتها.
وتعد فترة ما بعد تثبيت الإضافات بالغة في الأهمية. وسواءً كانت مؤقتة أو دائمة، تحتاج هذه الإضافات إلى الخضوع للتنظيف والصيانة بانتظام، كما تؤدي إلى إضافة الوقت إلى الجداول الزمنية المقيدة لعمال النظافة في شركات الطيران، بينما ستحتاج شركات الطيران أيضاً إلى الاحتفاظ بمخزون قطع الغيار عبر عملياتها.
وتعد التكلفة الإجمالية أحد العوامل، إذ تدخل شركات الطيران في جميع أنحاء العالم أعمق أزمة مالية لها في العصر الحديث.
وأشار مارك هيلر من شركة "Recaro": "نحن ندرك حقيقة أن شركات الطيران تعاني من ضائقة مالية في الوقت الحالي، لذا يجب أن نكون قادرين على إثبات أن هذه الحلول ستوفر راحة البال للركاب وتحقق عائداً على الاستثمار".
وحتى الآن، ليس لدى شركة "Recaro" أي متلقي لمقترحاتها بشأن التعديلات على مقاعد شركات الطيران الخاصة بحقبة "كوفيد-19".
ويعد التوقيت أيضاً عاملاً ضد تنفيذ العديد من هذه التدابير، سواء التوقيت المتوقع لتوافر اللقاح ضد "كوفيد-19" على نطاق واسع في أوائل إلى منتصف عام 2021، أو الوقت اللازم لتصميم واعتماد وتصنيع وتركيب مقاعد جديدة أو إضافة الحواجز عليها.
وفي الأساس، ستكون هناك فائدة قليلة في إكمال برنامج باهظ التكلفة قبل شهرين فقط من توفر اللقاح.
بعض التغييرات المحتملة أكثر من حواجز المقاعد
وفي الوقت الحالي، يبدو أن أفضل الطرق لمكافحة "كوفيد-19" تتمثل في تقليل الاختلاط بين الركاب، وبين الركاب وأفراد الطاقم.
وتم تغيير معايير الخدمة على متن الطائرات لتقليل تنقل أفراد الطاقم داخل المقصورة، وتمت إعادة التفكير في الوجبات لتقليل مقدار الوقت الذي تظل فيه مكشوفة للهواء أثناء تحضيرها وتناولها، على الرغم من أنه لا يُعتقد أن الطعام يعد إحدى طرق انتقال العدوى.
وتركز التغييرات الحالية في تضمين مضادات الميكروبات، بما في ذلك الخصائص المضادة للفيروسات، في المواد المستخدمة للمقاعد والمقصورة.
وفي أغسطس/ آب الماضي، أطلقت شركة تصنع الأقمشة والجلود للديكور الداخلي للطائرات، "Tapis" السلسلة التاسعة من جلود "Ultraleather" مع "تقنية أيونات الفضة المضادة للميكروبات المضمنة في طبقات الأسطح التي تمنع الترشيح وفقدان الفعالية".
وأوضحت الشركة أنها "توفر درعاً آمناً من الكائنات الدقيقة المحمولة بالهباء الجوي داخل الطائرة لخلق بيئة آمنة منخفضة المخاطر للركاب".
ويعطل هذا النوع من المواد بشكل أساسي عمل الميكروبات، بما في ذلك الفيروسات، وقد أثبتت الاختبارات أنها تقنية واعدة بشأن فيروس كورونا المسبب لـ"كوفيد-19".
ويبدو أن هذا هو نوع المنتجات التي تراهن عليها شركات الطيران، أي لا توجد تغييرات هائلة أثناء الجائحة، ولكنها تعترف بأن الركاب لن يصبحوا أقل اهتماماً بالنظافة على متن الطائرات عندما يخفف لقاح "كوفيد-19" النهائي من أزمة الصحة العامة.